الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 49 ] - باب العتيرة

الفصل الأول

1477 - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا فرع ولا عتيرة . قال : والفرع : أول نتاج كان لهم ، كانوا يذبحونه لطواغيتهم ، والعتيرة : في رجب . متفق عليه .

التالي السابق


[ 49 ] باب العتيرة

بفتح العين المهملة تطلق على شاة ، كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجب ، وعلى الذبيحة التي كانوا يذبحونها لأصنامهم ، ثم يصبون دمها على رأسها .

الفصل الأول

1477 - ( عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : لا فرع ) أي : في الإسلام بفتحتين ، أول ولد تنتجه الناقة ، قيل : كان أحدهم إذا تمت إبله مائة قدم بكرة فنحرها وهو الفرع . وفي شرح السنة : كانوا يذبحونه لآلهتهم في الجاهلية ، وقد كان المسلمون يفعلونه في بدء الإسلام . أي : لله سبحانه ، ثم نسخ ونهي عنه أي : للتشبه . ( ولا عتيرة ) : وهي شاة تذبح في رجب ، يتقرب بها أهل الجاهلية والمسلمون في صدر الإسلام . قال الخطابي : وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث ، ويليق بحكم الدين . وأما العتيرة التي يعترها أهل الجاهلية ، فهي الذبيحة التي كانت تذبح للأصنام ، ويصب دمها على رأسها . في النهاية : كانت العتيرة بالمعنى الأول في صدر الإسلام ثم نسخ . وفي شرح السنة : كان ابن سيرين يذبح العتيرة في رجب اهـ . ولعله ما بلغه النسخ .

( قال ) أي : أبو هريرة . قال في الأزهار . قيل : هذا التفسير من ابن شهاب ، وبه قال الخطابي في الأعلام ، وقيل : من ابن رافع وهو المذكور في كتاب مسلم ، وقيل من أبي هريرة من نفسه ، وقيل : من أبي هريرة رواية وهو الأقرب والأرجح ، وبه قال البخاري والترمذي ، ذكره ميرك . ( والفرع : أول نتاج ) بكسر النون . ( كان ينتج ) بالبناء للمفعول أي : أول ولد تنتجه الناقة . ( لهم ) أي : لأهل الجاهلية . ( كانوا يذبحونه لطواغيتهم ) : بسكون الياء جمع طاغوت ، أي : لأصنامهم ، كالأضحية لله تعالى في الإسلام . ( والعتيرة ) : بالرفع . ( في رجب شاة ) أي : كانت تذبح في رجب ، وهو يحتمل زمن الجاهلية وصدر الإسلام .

قال ابن الملك : العتيرة اسم شاة أو ذبيحة كانت تذبح في رجب والجاهلية لأصنامهم ، وقيل : كان أحدهم إذا تمت إبله مائة ينذر في الجاهلية قائلا : إن كان كذا ، فعليه أن يذبح في رجب كذا ، وكانوا يسمون ذلك عتيرة ، وكلاهما منعا في الإسلام ، ومحل النهي على التقرب به لا لوجهه تعالى ، كذبح العرب إياه لآلهتهم ، ويدل على ذلك حديث نبيشة أنه قال رجل : يا رسول الله ، إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب ، فما تأمرنا ؟ فقال : اذبحوا لله في أي : شهر كان ، وبروا لله ، وأطعموا اهـ .

والظاهر أن هذا الحديث كان في صدر الإسلام ، ثم وقع النهي العام للتشبه بأهل الأصنام ، وإلا فلا معنى لتخصيص جوازه بابن سيرين من بين العلماء والأعلام . وقال ابن حجر : والمنع عنهما في هذا الحديث راجع إلى ما كانوا يفعلونه من الذبح لآلهتهم ، أو أن المقصود نفي الوجوب ، أو أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب ، أو في ثواب إراقة الدم ، وأما تفرقة اللحم على المساكين فصدقة . قال الشافعي : ولو تيسر ذلك كل شهر كان حسنا ، ولكن ورد النهي للتشبه بأهل الأصنام . ( متفق عليه ) قال ميرك : ورواه الأربعة .




الخدمات العلمية