الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ذمر ]

                                                          ذمر : الذمر : اللوم والحض معا .

                                                          وفي حديث علي - عليه السلام - : ألا وإن الشيطان قد ذمر حزبه ، أي : حضهم وشجعهم ؛ وذمره يذمره ذمرا : لامه وحضه وحثه . وتذمر هو : لام نفسه ، جاء مطاوعه على غير الفعل .

                                                          وفي حديث صلاة الخوف : فتذامر المشركون وقالوا هلا كنا حملنا عليهم وهم في الصلاة ، أي : تلاوموا على ترك الفرصة ، وقد تكون بمعنى تحاضوا على القتال . والذمر : الحث مع لوم واستبطاء . وسمعت له تذمرا ، أي : تغضبا . وفي حديث موسى - عليه السلام - : أنه كان يتذمر على ربه ، أي : يجترئ عليه ويرفع صوته في عتابه ؛ ومنه حديث طلحة لما أسلم : إذا أمه تذمره وتسبه ، أي : تشجعه على ترك الإسلام وتسبه على إسلامه . وذمر يذمر إذا غضب ؛ ومنه الحديث : وأم أيمن تذمر وتصخب ؛ ويروى : تذمر بالتشديد ؛ ومنه الحديث : فجاء عمر ذامرا ، أي : متهددا . والذمار : ذمار الرجل ، وهو كل ما يلزمك حفظه وحياطته وحمايته والدفع عنه وإن ضيعه لزمه اللوم . أبو عمرو : الذمار الحرم والأهل ، والذمار : الحوزة ، والذمار : الحشم ، والذمار : الأنساب . وموضع التذمر : موضع الحفيظة إذا استبيح . وفلان حامي الذمار إذا ذمر غضب وحمى ؛ وفلان أمنع ذمارا من فلان . ويقال : الذمار ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه ؛ لأنهم قالوا : حامي الذمار كما قالوا حامي الحقيقة ؛ وسمي ذمارا ؛ لأنه يجب على أهله التذمر له ، وسميت حقيقة ؛ لأنه يحق على أهلها الدفع عنها .

                                                          وفي حديث علي : ألا إن عثمان فضح الذمار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " مه " . الذمار : ما لزمك حفظه مما وراءك ويتعلق بك . وفي حديث أبي سفيان : قال يوم الفتح : حبذا يوم الذمار ؛ يريد الحرب ؛ لأن الإنسان يقاتل على ما يلزمه حفظه . وتذامر القوم في الحرب : تحاضوا . والقوم يتذامرون ، أي : يحض بعضهم بعضا على الجد في القتال ؛ ومنه قوله :


                                                          يتذامرون كررت غير مذمم

                                                          والقائد يذمر أصحابه إذا لامهم وأسمعهم ما كرهوا ليكون أجد لهم في القتال ؛ والتذمر من ذلك اشتقاقه ، وهو أن يفعل الرجل فعلا لا يبالغ في نكاية العدو فهو يتذمر ، أي : يلوم نفسه ويعاتبها كي يجد في الأمر . الجوهري : وأقبل فلان يتذمر كأنه يلوم نفسه على فائت . ويقال : ظل يتذمر على فلان إذا تنكر له وأوعده .

                                                          وفي الحديث : فخرج يتذمر ، أي : يعاتب نفسه ويلومها على فوات الذمار . والذمر : الشجاع ورجل ذمر وذمر وذمر وذمير : شجاع من قوم أذمار ، وقيل : شجاع منكر ، وقيل : منكر شديد ، وقيل : هو الظريف اللبيب المعوان ، وجمع الذمر والذمر والذمير أذمار ، مثل كبد وكبد وكبيد وأكباد ، وجمع الذمر مثل فلز ذمرون ، والاسم الذمارة . والمذمر : القفا ، وقيل : هما عظمان في أصل القفا ، وهو الذفرى ، وقيل : الكاهل ؛ قال ابن مسعود : انتهيت يوم بدر إلى أبي جهل وهو صريع فوضعت رجلي في مذمره فقال : يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا ! قال : فاحتززت رأسه ؛ قال الأصمعي : المذمر هو الكاهل والعنق وما حوله إلى الذفرى ، وهو الذي يذمره المذمر . وذمره يذمره وذمره : لمس مذمره ، والمذمر : الذي يدخل يده في حياء الناقة لينظر أذكر جنينها أم [ ص: 43 ] أنثى ، سمي بذلك ؛ لأنه يضع يده في ذلك الموضع فيعرفه ؛ وفي المحكم : لأنه يلمس مذمره فيعرف ما هو ، وهو التذمير قال الكميت :


                                                          وقال المذمر للناتجين     متى ذمرت قبلي الأرجل



                                                          يقول : إن التذمير إنما هو في الأعناق لا في الأرجل ، وذمر الأسد ، أي : زأر ، وهذا مثل ؛ لأن التذمير لا يكون إلا في الرأس ، وذلك أنه يلمس لحيي الجنين ، فإن كانا غليظين كان فحلا ، وإن كانا رقيقين كان ناقة ، فإذا ذمرت الرجل فالأمر منقلب ؛ وقال ذو الرمة :


                                                          حراجيج قود ذمرت في نتاجها     بناحية الشحر الغرير وشدقم



                                                          يعني أنها من إبل هؤلاء فهم يذمرونها . وذمار - بكسر الذال - : موضع باليمن ، ووجد في أساسها لما هدمتها قريش في الجاهلية حجر مكتوب فيه بالمسند : لمن ملك ذمار ؟ لحمير الأخيار ، لمن ملك ذمار ؟ للحبشة الأشرار . لمن ملك ذمار لفارس الأحرار . لمن ملك ذمار ؟ لقريش التجار . وقد ورد في الحديث ذكر ذمار ؟ بكسر الذال ، وبعضهم بفتحها ، اسم قرية باليمن على مرحلتين من صنعاء ، وقيل : هو اسم صنعاء . وذومر : اسم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية