الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: الذين يأكلون الربا الربا: أصله في اللغة: الزيادة ، ومنه الربوة والرابية ، وأربى فلان على فلان: زاد . وهذا الوعيد يشمل الآكل ، والعامل به ، وإنما خص الآكل بالذكر ، لأنه معظم المقصود . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه "لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه" .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (لا يقومون) قال ابن قتيبة أي: يوم البعث من القبور . والمس: الجنون ، يقال: رجل ممسوس . فالناس إذا خرجوا من قبورهم أسرعوا كما قال تعالى: يوم يخرجون من الأجداث سراعا [ المعارج: 43 ] . إلا أكلة الربا ، فإنهم يقومون ويسقطون ، لأن الله أربى الربا في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم ، فلا يقدرون على الإسراع . وقال سعيد بن جبير : تلك علامة آكل الربا إذا استحله يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 331 ] قوله تعالى: (ذلك) أي: هذا الذي ذكر من عقابهم (بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) وقيل: إن ثقيفا كانوا أكثر العرب ربا ، فلما نهوا عنه; قالوا: إنما هو مثل البيع .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فمن جاءه موعظة من ربه قال الزجاج: كل تأنيث ليس بحقيقي ، فتذكيره جائز ، ألا ترى أن الوعظ والموعظة معبران عن معنى واحد .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (فله ما سلف) أي: ما أكل من الربا .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله تعالى: (وأمره إلى الله) قولان . أحدهما: أن "الهاء" ترجع إلى المربي ، فتقديره: إن شاء عصمه منه ، وإن شاء لم يفعل ، قاله سعيد بن جبير ، ومقاتل . والثاني: أنها ترجع إلى الربا ، فمعناه: يعفو الله عما شاء منه ، ويعاقب على ما شاء منه ، قاله أبو سليمان الدمشقي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: (ومن عاد) قاله ابن جبير: من عاد إلى الربا مستحلا محتجا بقوله تعالى: إنما البيع مثل الربا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية