الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( باب : النسخ لغة : الإزالة ) وهو الرفع ( حقيقة ) يقال : نسخت الشمس الظل : أي أزالته ورفعته ، ونسخت الريح الأثر كذلك ( و ) يراد به ( النقل مجازا ) وهو نوعان ، أحدهما : النقل مع عدم بقاء الأول ، كالمناسخات في المواريث ، فإنها تنتقل من قوم إلى قوم ، مع بقاء المواريث في نفسها ، والثاني : النقل مع بقاء الأول كنسخ الكتاب ومنه قوله تعالى { إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } وما تقدم هو قول الأكثر ، وقيل : إنه حقيقة في النقل مجاز في الرفع والإزالة عكس الأول وقيل : مشترك بين الإزالة والنقل ( و ) النسخ ( شرعا ) أي في اصطلاح الأصوليين ( رفع حكم شرعي بدليل شرعي متراخ ) أي الدليل عن الحكم ذكر معنى ذلك ابن الحاجب وغيره ، وهو قول الأكثر وقول من قال " بدليل شرعي " أولى ممن قال " بخطاب شرعي " لدخول الفعل في الدليل دون الخطاب وعبر البيضاوي بطريق شرعي ، وهو حسن أيضا .

ومن النسخ بالفعل : نسخ الوضوء مما مست النار بأكل النبي صلى الله عليه وسلم من الشاة ولم يتوضأ ، وقوله " متراخ " لتخرج المخصصات المتصلة ، والمراد بالحكم : ما تعلق بالمكلف بعد وجوده أهلا ، وقل : إن النسخ بيان انتهاء مدة الحكم لا رفعه ، قال في الروضة : ومعنى الرفع : إزالة الشيء على وجه لولاه لبقي ثابتا ، على مثال رفع حكم الإجارة بالفسخ ، فإن ذلك يفارق زوال حكمها بانقضاء مدتها قال : وقيدنا الحد بالخطاب المتقدم ; لأن ابتداء العبادات في الشرع مزيل لحكم العقل من براءة الذمة ، وليس بنسخ ، وقيدناه بالخطاب الثاني ; لأن زوال الحكم بالموت والجنون ليس بنسخ ، وقولنا " مع تراخيه عنه " ; لأنه لو كان متصلا به كان بيانا ، وإتماما لمعنى الكلام ، وتقديرا له بمدة وشرط . انتهى .

( والناسخ هو الله تعالى [ ص: 463 ] حقيقة ) قال ابن قاضي الجبل وغيره : الناسخ يطلق على الله سبحانه وتعالى يقال : نسخ فهو ناسخ ، قال الله تعالى { ما ننسخ من آية أو ننسها } ويطلق على الطريق المعرفة لارتفاع الحكم من الآية ، وخبر الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره والإجماع على الحكم ، كقولنا : وجوب صوم رمضان نسخ صوم يوم عاشوراء .

وعلى من يعتقد نسخ الحكم ، كقولهم : فلان ينسخ القرآن بالسنة ، أي يعتقد ذلك فهو ناسخ والاتفاق على أن إطلاقه على الأخيرين مجاز ، وإنما الخلاف في الأولين ، فعند المعتزلة : حقيقة في الطريق لا فيه تعالى ، وعند الجمهور : حقيقة في الله تعالى مجاز في الطريق ، والنزاع لفظي . انتهى . ( والمنسوخ : الحكم المرتفع بناسخ ) كالمرتفع من وجوب تقديم الصدقة بين يدي مناجاة النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية