الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( السادس ) : قال في رسم البيوع الأول من سماع أشهب : سئل مالك عن التجارة في عظام على قدر الشبر يجعل لها وجوه فقال الذي يشتريها ما يصنع بها فقيل يبيعها فقال ما يصنع بها فقيل يلعب بها الجواري يتخذنها بنات فقال : لا خير في الصور ، وليس هذا من تجارة الناس ابن رشد قوله لا خير في الصور إلى آخره يدل على أنه كره ذلك ولم يحرمه ; لأن ما هو حرام لا يحل فلا يعبر عنه بأنه لا خير فيه ; لأن ما لا خير فيه فتركه خير من فعله .

                                                                                                                            وهذا حد المكروه ، ومعنى ذلك إذا لم تكن صورا مصورة مخلوقة مخروطة مجسدة على صورة الإنسان إلا أنه عمل لها شبه الوجوه بالتزويق فأشبه الرقم في الثوب وإلى هذا نحا أصبغ في سماعه من كتاب الجامع فقال : ما أرى بأسا ما لم تكن صورا مخروطة مخلوقة إلا أنه علل ذلك بعلة فيها نظر فقال ; لأنها تبقى ، ولو كانت فخارا أو عيدانا تنكسر ، وتبلى رجوت أن تكون خفيفة إن شاء الله كالرقوم في الثياب لا بأس بها ، فإنها تبلى وتمتهن ، والصواب أن لا فرق في ذلك بين ما يبقى أو يبلى مما هو بمثال مجسد له ظل قائم مشبه بالحيوان الحي بكونه على هيئته ، وإنما استخف الرقوم ; لأنها ليست بتماثيل مجسدة وإنما هي رسوم لا أجساد لها ، ولا يحيا في العادة ما كان على هيئتها فالمخروط ما كان على هيئته بالحي ، وله روح بدليل قوله في الحديث { إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم } .

                                                                                                                            والمستخف ما كان بخلاف ذلك مما لا يحيا فالمستخف من هذا اللعب ما كان مشبها بالصور وليس بكامل التصوير ، وكلما قل الشبه قوي الجواز لما { جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تلعب بها بعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكر ذلك عليها بل كان يرسل الجواري إليها } ، وكل ما [ ص: 267 ] جاز اللعب به جاز عمله ، وبيعه قال ذلك أصبغ في سماعه من الجامع ، والله الموفق انتهى . وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها { كنت ألعب بالبنات في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال النووي : قال القاضي عياض : فيه جواز اللعب بهن قال : وهن مخصوصات من الصور المنهي عنها بهذا الحديث ، ولما فيه من تدريب النساء في صغرهن لأمر أنفسهن وبيوتهن ، وأولادهن قال : وقد أجاز العلماء بيعهن ، وشراءهن وروي عن مالك كراهة شرائهن وهذا محمول على كراهة الاكتساب بها ، وتنزيه ذوي المروآت من بيع ذلك لا كراهة اللعب قال : ومذهب جمهور العلماء جواز اللعب بهن وقال : طائفة هو منسوخ بالنهي عن الصور هذا كلام القاضي انتهى من النووي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية