الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      [ ص: 558 ] في ولاء العبد يعتقه الرجل بأمره أو بغير أمره قلت : أرأيت إن أعتقت عن رجل عبدا بأمره أو بغير أمره لمن الولاء في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : الولاء للمعتق عنه .

                                                                                                                                                                                      قلت : وسواء إن كان المعتق عنه حيا أو ميتا فهو سواء ، وولاء هذا المعتق للذي أعتق عنه في قول مالك . قال : نعم .

                                                                                                                                                                                      ألا ترى { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك سعد بن عبادة ; أخبرنا بذلك مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أن أمه أرادت أن توصي ثم أخرت ذلك إلى أن تصح فهلكت وقد كانت همت بأن تعتق قال عبد الرحمن : فقلت للقاسم بن محمد : إن أمي هلكت أينفعها أن أعتق عنها ؟ قال القاسم : إن سعد بن عبادة قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أمي هلكت وليس لها مال أينفعها أن أعتق عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم فاعتق عنها } .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب : قال جرير بن حازم : { أنه سمع الحسن يذكر ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : اعتق عنها وتصدق فإنه سينالها } وأن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أعتقت عن عبد الرحمن بن أبي بكر رقابا كثيرة بعد موته . ابن وهب وأخبرني عقبة بن نافع ، عن يحيى بن سعيد أنه قال : من أعتق رقبة عن أحد فالولاء لمن كانت العتاقة عنه ، وإن من الدليل على أن ولاءه للذي أعتق عنه وميراثه له أن السوائب الذين يعتقون سائبة لله أن ولاءهم للمسلمين ، فميراثهم لهم ، وأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقوا السوائب ولم يرثوهم وكان ولاؤهم وميراثهم للمسلمين ، قال ذلك ابن أبي الزناد عن أبيه : أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى بعض عماله أن يجعل [ ص: 559 ] ميراثهم في بيت مال المسلمين وأن سالما أعتقته امرأة من الأنصار سائبة فقتل ولم تأخذ ورثتها ميراثه وذكر ذلك سفيان بن عيينة عن أبي طوالة الأنصاري ، وأن عمر بن الخطاب قال : ميراث السائبة لبيت المال ويعقل عنه المسلمون وقال أبو الزناد وربيعة وابن شهاب : ميراثه لبيت المال ، وقال قبيصة بن ذؤيب : كان الرجل إن أعتق سائبة لا ترثه ، وأن عبد الله بن عمر أعتق سائبة فلم ترثه ، وقال هؤلاء : يعقل عنهم المسلمون . ابن وهب ، عن ابن أبي الزناد ، عن عبد الرحمن بن الحارث أنه قال : أعتق عبد الله بن عياش رجلا يقال له : العلمس سائبة ، وكان عبد الله بن عياش لا يقر بولائه لأنه سائبة وإنما معنى السائبة كأنه أعتق عن المسلمين إذ كانوا يرثونه ويعقلون عنه ولو بان ولاؤه للذي أعتقه لورثه ولكان العقل على عاقلته ألا ترى أن عمر بن عبد العزيز وابن شهاب وربيعة يجعلون عقله على بيت المال لأن الميراث لهم

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية