الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3776 ) مسألة ; قال : ( وما فعل الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فباطل ) . وجملته أن الوكالة عقد جائز من الطرفين ، فللموكل عزل وكيله متى شاء ، وللوكيل عزل نفسه ; لأنه إذن في التصرف ، فكان لكل واحد منهما إبطاله ، كما لو أذن في أكل طعامه . وتبطل أيضا بموت أحدهما ، أيهما كان ، وجنونه المطبق . ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم .

                                                                                                                                            فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل ، أو موته ، فهو باطل إذا علم ذلك . فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ، ولا موت الموكل ، فعن أحمد فيه روايتان . وللشافعي فيه قولان . وظاهر كلام الخرقي هذا أنه ينعزل ، علم أو لم يعلم . ومتى تصرف ، فبان أن تصرفه بعد عزله أو موت موكله ، فتصرفه باطل ; لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه ، فلا يفتقر إلى علمه ، كالطلاق والعتاق . والرواية الثانية عن أحمد ، لا ينعزل قبل علمه بموت الموكل وعزله .

                                                                                                                                            نص عليه في رواية جعفر بن محمد ، لأنه لو انعزل قبل علمه ، كان فيه ضرر ; لأنه قد يتصرف تصرفات فتقع باطلة ، وربما باع الجارية فيطؤها المشتري ، أو الطعام فيأكله ، أو غير ذلك ، فيتصرف فيه المشتري ، ويجب ضمانه ، ويتضرر المشتري والوكيل . ولأنه يتصرف بأمر الموكل ، ولا يثبت حكم الرجوع في حق المأمور قبل علمه ، كالفسخ . فعلى هذه الرواية ، متى تصرف قبل العلم ، نفذ تصرفه .

                                                                                                                                            وعن أبي حنيفة أنه إن عزله الموكل ، فلا ينعزل قبل علمه ; لما ذكرنا . وإن عزل الوكيل نفسه ، لم ينعزل إلا بحضرة الموكل ; لأنه متصرف بأمر الموكل ، فلا يصح رد أمره بغير حضرته ، كالمودع في رد الوديعة . ولنا ، ما تقدم . فأما الفسخ ففيه وجهان ، كالروايتين . ثم هما مفترقان ; فإن أمر الشارع يتضمن المعصية بتركه ، ولا يكون عاصيا من غير علمه ، وهذا يتضمن العزل عنه إبطال التصرف ، فلا يمنع منه عدم العلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية