الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب صوم يوم عاشوراء

                                                                                                                1125 حدثنا زهير بن حرب حدثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا ابن نمير عن هشام بهذا الإسناد ولم يذكر في أول الحديث وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه وقال في آخر الحديث وترك عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء تركه ولم يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم كرواية جرير

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                ( باب صوم يوم عاشوراء )

                                                                                                                اتفق العلماء على أن صوم يوم عاشوراء سنة ليس بواجب ، واختلفوا في حكمه في أول الإسلام [ ص: 199 ] حين شرع صومه قبل صوم رمضان ، فقال أبو حنيفة : كان واجبا ، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين : أشهرهما عندهم : أنه لم يزل سنة من حين شرع ، ولم يكن واجبا قط في هذه الأمة ، ولكنه كان متأكد الاستحباب ، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبا دون ذلك الاستحباب . والثاني : كان واجبا ، كقول أبي حنيفة ، وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل ، فأبو حنيفة لا يشترطها ، ويقول : كان الناس مفطرين أول يوم عاشوراء ثم أمروا بصيامه بنية من النهار ، ولم يؤمروا بقضائه بعد صومه . وأصحاب الشافعي يقولون : كان مستحبا فصح بنية من النهار ، ويتمسك أبو حنيفة بقوله : ( أمر بصيامه ) والأمر للوجوب ، وبقوله : ( فلما فرض رمضان قال : من شاء صامه ومن شاء تركه ) . ويحتج الشافعية بقوله : ( هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ) . والمشهور في اللغة : أن عاشوراء وتاسوعاء ممدودان ، وحكي قصرهما .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : ( من شاء صامه ومن شاء تركه ) معناه : أنه ليس متحتما ، فأبو حنيفة يقدره ليس بواجب ، والشافعية يقدرونه ليس متأكدا أكمل التأكيد ، وعلى المذهبين فهو سنة مستحبة الآن من حين قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام ، قال القاضي عياض : وكان بعض السلف يقول : كان صوم عاشوراء فرضا ، وهو باق على فرضيته لم ينسخ ، قال : وانقرض القائلون بهذا ، وحصل الإجماع على أنه ليس بفرض ، وإنما هو مستحب . وروي عن ابن عمر كراهة قصد صومه وتعيينه بالصوم . والعلماء مجمعون على استحبابه [ ص: 200 ] وتعيينه ؛ للأحاديث . وأما قول ابن مسعود : كنا نصومه ، ثم ترك ، فمعناه : أنه لم يبق كما كان من الوجوب ، وتأكد الندب .




                                                                                                                الخدمات العلمية