الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3858 ) مسألة ; قال : ( ولو قال : له علي ألف . ثم قال : وديعة . لم يقبل قوله ) وجملة ذلك أنه إذا أقر بدراهم بقوله : علي كذا . ثم فسره الوديعة ، لم يقبل قوله ، فلو ادعى بعد هذا تلفها ، لم يقبل قوله . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي . وقيل عن الشافعي : يقبل قوله أنها وديعة ، وإذا ادعى بعد ذلك تلفها ، قبل منه . وقال القاضي ما يدل على هذا أيضا ; لأن الوديعة عليه حفظها وردها ، فإذا قال : علي .

                                                                                                                                            وفسرها بذلك ، احتمل صدقه ، فقبل منه ، كما لو وصله بكلامه ، فقال : له علي ألف وديعة . ولأن حروف الصلات يخلف بعضها بعضا ، فيجوز أن يستعمل " علي " بمعنى " عندي " كما قال الله تعالى إخبارا عن موسى عليه السلام ، أنه قال { : ولهم علي ذنب } . أي عندي .

                                                                                                                                            ولنا ، أن " علي " للإيجاب ، وذلك يقتضي كونها في ذمته ، وكذلك لو قال : ما على فلان علي . كان ضامنا له ، الوديعة ليست في ذمته ، ولا هي عليه ، إنما هي عنده .

                                                                                                                                            وما ذكروه مجاز ، طريقه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، أو إقامة حرف مقام حرف ، والإقرار يؤخذ فيه بظاهر اللفظ ، بدليل أنه لو قال : له علي دراهم . لزمته ثلاثة دراهم ، وإن جاز التعبير بلفظ الجمع عن اثنين ، وعن واحد ، كقول الله [ ص: 107 ] تعالى : { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } . ومواضع كثيرة في القرآن .

                                                                                                                                            ولو قال : له علي درهم . وقال : أردت نصف درهم ، فحذفت المضاف وأقمت المضاف إليه مقامه . لم يقبل منه . ولو قال : لك من مالي ألف . قال : صدقت ، ثم قال : أردت أن عليك من مالي ألفا ، وأقمت اللام مقام " علي " كقول الله تعالى : { وإن أسأتم فلها } . لم يقبل منه .

                                                                                                                                            ولو قبل في الإقرار مطلق الاحتمال ، لسقط ، ولقبل في تفسير الدراهم بالناقصة والزائفة والمؤجلة . وأما إذا قال : لك علي ألف . ثم قال : كان وديعة فتلف . لم يقبل قوله ; لأنه متناقض . وقد سبق نحو من هذا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية