الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زبب ]

                                                          زبب : الزبب : مصدر الأزب ، وهو كثرة شعر الذراعين والحاجبين والعينين ، والجمع الزب . والزبب : طول الشعر وكثرته ؛ قال ابن سيده : الزبب الزغب ، والزبب في الرجل : كثرة الشعر [ ص: 7 ] وطوله ، وفي الإبل : كثرة شعر الوجه والعثنون ؛ وقيل : الزبب في الناس كثرة الشعر في الأذنين والحاجبين ، وفي الإبل : كثرة شعر الأذنين والعينين ؛ زب يزب زبيبا ، وهو أزب . وفي المثل : كل أزب نفور ؛ وقال الأخطل :


                                                          أزب الحاجبين بعوف سوء من النفر الذين بأزقبان



                                                          وقال الآخر :


                                                          أزب القفا والمنكبين ، كأنه     من الصرصرانيات ، عود موقع



                                                          ولا يكاد يكون الأزب إلا نفورا ؛ لأنه ينبت على حاجبيه شعيرات ، فإذا ضربته الريح نفر ؛ قال الكميت :


                                                          أو يتناسى الأزب النفورا



                                                          قال ابن بري : هذا العجز مغير ، والبيت بكماله :


                                                          بلوناك من هبوات العجاج     فلم تك فيها الأزب النفورا

                                                          ورأيت في نسخة الشيخ ابن الصلاح المحدث حاشية بخط أبيه أن هذا الشعر :

                                                          رجائي بالعطف ، عطف الحلوم     ورجعة حيران ، إن كان حارا
                                                          وخوفي بالظن ، أن لا ائتلا     ف ، أو يتناسى الأزب النفورا



                                                          وبين قول ابن بري وهذه الحاشية فرق ظاهر . والزباء : الاست لشعرها . وأذن زباء : كثيرة الشعر . وفي حديث الشعبي : كان إذا سئل عن مسألة معضلة ، قال : زباء ذات وبر ، لو سئل عنها أصحاب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لأعضلت بهم . يقال للداهية الصعبة : زباء ذات وبر ، يعني أنها جمعت بين الشعر والوبر ، أراد أنها مسألة مشكلة ، شبهها بالناقة النفور ، لصعوبتها . وداهية زباء : شديدة ، كما قالوا : شعراء . ويقال للداهية المنكرة : زباء ذات وبر . ويقال للناقة الكثيرة الوبر : زباء ، والجمل أزب . وعام أزب : مخصب ، كثير النبات . وزبت الشمس زبا ، وأزبت ، وزببت : دنت للغروب ، وهو من ذلك ، لأنها تتوارى كما يتوارى لون العضو بالشعر . وفي حديث عروة : يبعث أهل النار وفدهم فيرجعون إليهم زبا حبنا ؛ الزب : جمع الأزب ، وهو الذي تدق أعاليه ومفاصله ، وتعظم سفلته ؛ والحبن : جمع الأحبن ، وهو الذي اجتمع في بطنه الماء الأصفر . والزب : الذكر ، بلغة أهل اليمن ، وخص ابن دريد به ذكر الإنسان ، وقال : هو عربي صحيح ؛ وأنشد :


                                                          قد حلفت بالله : لا أحبه     أن طال خصياه ، وقصر زبه



                                                          والجمع : أزب وأزباب وزببة . والزب اللحية ، يمانية ؛ وقيل : هو مقدم اللحية ، عند بعض أهل اليمن ؛ قال الشاعر :


                                                          ففاضت دموع الجحمتين بعبرة     على الزب ، حتى الزب ، في الماء ، غامس



                                                          قال شمر : وقيل الزب الأنف ، بلغة أهل اليمن . والزب ملؤك القربة إلى رأسها ؛ يقال : زببتها فازدبت . والزبيب : السم في فم الحية . والزبيب : زبد الماء ؛ ومنه قوله :


                                                          حتى إذا تكشف الزبيب



                                                          والزبيب : ذاوي العنب ، معروف ، واحدته زبيبة ؛ وقد أزب العنب ؛ وزبب فلان عنبه تزبيبا . قال أبو حنيفة : واستعمل أعرابي ، من أعراب السراة ، الزبيب في التين ، فقال : الفيلحاني تين شديد السواد ، جيد الزبيب ، يعني يابسه ، وقد زبب التين ، عن أبي حنيفة أيضا . والزبيبة : قرحة تخرج في اليد ، كالعرفة ؛ وقيل : تسمى العرفة . والزبيب : اجتماع الريق في الصماغين . والزبيبتان : زبدتان في شدقي الإنسان ، إذا أكثر الكلام . وقد زيب شدقاه : اجتمع الريق في صامغيهما ؛ واسم ذلك الريق : الزبيبتان . وزبب فم الرجل عند الغيط إذا رأيت له زبيبتين في جنبي فيه ، عند ملتقى شفتيه مما يلي اللسان ، يعني ريقا يابسا . وفي حديث بعض القرشيين : حتى عرقت وزبب صماغاك أي خرج زبد فيك جانبي شفتيك . وتقول : تكلم فلان حتى زبب شدقاه أي خرج الزبد عليهما . وتزبب الرجل إذا امتلأ غيظا ؛ ومنه : الحية ذو الزبيبتين ؛ وقيل : الحية ذات الزبيبتين التي لها نقطتان سوداوان فوق عينيها . وفي الحديث : يجيء كنز أحدهم يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان . الشجاع : الحية ؛ والأقرع : الذي تمرط جلد رأسه . وقوله زبيبتان ، قال أبو عبيد : النكتتان السوداوان فوق عينيه ، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه . قال : ويقال إن الزبيبتين هما الزبدتان تكونان في شدقي الإنسان ، إذا غضب وأكثر الكلام حتى يزبد . قال ابن الأثير : الزبيبة نكتة سوداء فوق عين الحية ؛ وهما نقطتان تكتنفان فاها ، وقيل : هما زبدتان في شدقيها . وروي عنأم غيلان بنت جرير ، أنها قالت : ربما أنشدت أبي حتى يتزبب شدقاي ، قال الراجز :


                                                          إني إذا ما زبب الأشداق     وكثر الضجاج واللقلاق
                                                          ثبت الجنان ، مرجم وداق



                                                          أي دان من العدو . ودق أي دنا . والتزبب : التزيد في الكلام . وزبزب إذا غضب . وزبزب إذا انهزم في الحرب . والزبزب : ضرب من السفن . الزباب : جنس من الفأر ، لا شعر عليه ؛ وقيل : هو فأر عظيم أحمر ، حسن الشعر ؛ وقيل : هو فأر أصم ؛ قال الحارث بن حلزة :


                                                          وهم زباب حائر     لا تسمع الآذان رعدا



                                                          أي لا تسمع آذانهم صوت الرعد ؛ لأنهم صم طرش ، والعرب تضرب بها المثل فتقول : أسرق من زبابة ؛ ويشبه بها الجاهل ، واحدته زبابة ، وفيها طرش ، ويجمع زبابا وزبابات ؛ وقيل : الزباب ضرب من الجرذان عظام ؛ وأنشد :


                                                          وثبة سرعوب رأى زبابا

                                                          [ ص: 8 ] السرعوب : ابن عرس ، أي رأى جرذا ضخما . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه ، أنا إذا ، والله ، مثل الذي أحيط بها ، فقيل : زباب زباب ، حتى دخلت جحرها ، ثم احتفر عنها فاجتر برجلها ، فذبحت ، أراد الضبع ، إذا أرادوا صيدها ، أحاطوا بها في جحرها ، ثم قالوا لها : زباب زباب ، كأنهم يؤنسونها بذلك . قال : والزباب جنس من الفأر لا يسمع ، لعلها تأكله كما تأكل الجراد ؛ المعنى : لا أكون مثل الضبع تخادع عن حتفها . و الزباء : اسم الملكة الرومية ، يمد ويقصر ، وهي ملكة الجزيرة ، تعد من ملوك الطوائف . والزباء : شعبة ماء لبني كليب ؛ قال غسان السليطي يهجو جريرا :


                                                          أما كليب ، فإن اللؤم حالفها     ما سال في حقلة الزباء واديها



                                                          واحدته زبابة . وبنو زبيبة : بطن . وزبان : اسم ، فمن جعل ذلك فعالا من زبن ، صرفه ، ومن جعله فعلان من زب ، لم يصرفه . ويقال : زب الحمل زأبه وازدبه إذا حمله .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية