الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زبن ]

                                                          زبن : الزبن : الدفع . وزبنت الناقة إذا ضربت بثفنات رجليها عند الحلب ، فالزبن بالثفنات ، والركض بالرجل ، والخبط باليد . ابن سيده وغيره : الزبن دفع الشيء عن الشيء كالناقة تزبن ولدها عن ضرعها برجلها وتزبن الحالب . وزبن الشيء يزبنه زبنا وزبن به وزبنت الناقة بثفناتها عند الحلب : دفعت بها : وزبنت ولدها : دفعته عن ضرعها برجلها . وناقة زبون : دفوع ، وزبنتاها رجلاها لأنها تزبن بهما ؛ قال طريح :


                                                          غبس خنابس كلهن مصدر نهد الزبنة ، كالعريش ، شتيم



                                                          وناقة زفون وزبون : تضرب حالبها وتدفعه ، وقيل : هي التي إذا دنا منها حالبها زبنته برجلها . وفي حديث علي ، عليه السلام : ( كالناب الضروس تزبن برجلها ) أي تدفع . وفي حديث معاوية : ( وربما زبنت فكسرت أنف حالبها ) ويقال للناقة إذا كان من عادتها أن تدفع حالبها عن حلبها : زبون . والحرب تزبن الناس إذا صدمتهم . وحرب زبون : تزبن الناس أي تصدمهم وتدفعهم ، على التشبيه بالناقة ، وقيل : معناه أن بعض أهلها يدفع بعضها لكثرتهم . وإنه لذو زبونة أي ذو دفع ، وقيل : أي مانع لجنبه ؛ قال سوار بن المضرب :


                                                          بذبي الذم عن أحساب قومي     وزبونات أشوس تيحان



                                                          والزبونة من الرجال : الشديد المانع لما وراء ظهره . ورجل فيه زبونة ، بتشديد الباء ، أي كبر . وتزابن القوم : تدافعوا . وزابن الرجل : دافعه ؛ قال :


                                                          بمثلي زابني حلما ومجدا     إذا التقت المجامع للخطوب



                                                          وحل زبنا من قومه وزبنا أي نبذة ، كأنه اندفع عن مكانهم ، ولا يكاد يستعمل إلا ظرفا أو حالا . والزابنة : الأكمة التي شرعت في الوادي وانعرج عنها كأنها دفعته . والزبنية : كل متمرد من الجن والإنس . والزبنية : الشديد ؛ عن السيرافي ، وكلاهما من الدافع . والزبانية : الذين يزبنون الناس أي يدفعونهم ؛ قال حسان :


                                                          زبانية حول أبياتهم     وخور لدى الحرب في المعمعه



                                                          وقال قتادة : الزبانية عند العرب الشرط ، وكله من الدفع ، وسمي [ ص: 13 ] بذلك بعض الملائكة لدفعهم أهل النار إليها . وقوله تعالى : فليدع ناديه سندع الزبانية قال قتادة : فليدع ناديه حيه وقومه ، فسندعو الزبانية قال : الزبانية في قول العرب الشرط ؛ قال الفراء : يقول الله - عز وجل - : سندع الزبانية وهم يعملون بالأيدي والأرجل فهم أقوى ؛ قال الكسائي : واحد الزبانية زبني ، وقال الزجاج : الزبانية الغلاظ الشداد واحدهم زبنية ، وهم هؤلاء الملائكة الذين قال الله - تعالى - : عليها ملائكة غلاظ شداد وهم الزبانية . وروي عن ابن عباس في قوله - تعالى - : سندع الزبانية قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه ، فقال النبي ، صلى الله عليه وسلم : ( لو فعله لأخذته الملائكة عيانا ) وقال الأخفش : قال بعضهم : واحد الزبانية زباني ، وقال بعضهم : زابن ، وقال بعضهم : زبنية مثل عفرية ، قال : والعرب لا تكاد تعرف هذا وتجعله من الجمع الذي لا واحد له مثل أبابيل وعباديد . والزبين : الدافع للأخبثين : البول والغائط ؛ عن ابن الأعرابي ، وقيل : هو الممسك لهما على كره . وفي الحديث : ( خمسة لا تقبل لهم صلاة : رجل صلى بقوم وهم له كارهون ، وامرأة تبيت وزوجها عليها غضبان ، والجارية البالغة تصلي بغير خمار ، والعبد الآبق حتى يعود إلى مولاه والزبين ؛ قال : الزبين الدافع للأخبثين وهو بوزن السجيل ، وقيل : بل هو الزنين ، بنونين ، وقد روي بالوجهين في الحديث ، والمشهور بالنون . وزبنت عنا هديتك تزبنها زبنا : دفعتها وصرفتها ؛ قال اللحياني : حقيقتها صرفت هديتك ومعروفك عن جيرانك ومعارفك إلى غيرهم . وزباني العقرب : قرناها ، وقيل : طرف قرنها ، وهما زبانيان كأنها تدفع بهما : والزباني : كواكب من المنازل على شكل زباني العقرب . غيره : والزبانيان : كوكبان نيران ، وهما قرنا العقرب ينزلهما القمر . ابن كناسة : من كواكب العقرب زبانيا العقرب ، وهما كوكبان متفرقان أمام الإكليل بينهما قيد رمح أكبر من قامة الرجل ، والإكليل ثلاثة كواكب معترضة غير مستطيلة . قال أبو زيد : يقال : زباني وزبانيان وزبانيات للنجم ، وزباني العقرب وزبانياها ، وهما قرناها ، وزبانيات ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          فداك نكس لا يبض حجره     مخرق العرض حديد ممطره
                                                          في ليل كانون شديد خصره

                                                          .

                                                          وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          عض بأطراف الزبانى قمره



                                                          يقول : هو أقلف ليس بمختون إلا ما قلص منه القمر ، وشبه قلفته بالزبانى ، قال : ويقال : من ولد والقمر في العقرب فهو نحس ؛ قال ثعلب : هذا القول يقال عن ابن الأعرابي ، وسألته عنه فأبى هذا القول وقال : لا ، ولكنه اللئيم الذي لا يطعم في الشتاء ، وإذا عض القمر بأطراف الزبانى كان أشد البرد ؛ وأنشد :


                                                          وليلة إحدى الليالي العرم     بين الذراعين وبين المرزم
                                                          تهم فيها العنز بالتكلم



                                                          وفي حديث النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن المزابنة ورخص في العرايا ؛ والمزابنة : بيع الرطب على رءوس النخل بالتمر كيلا ، وكذلك كل ثمر بيع على شجره بثمر كيلا ، وأصله من الزبن الذي هو الدفع ، وإنما نهى عنه ؛ لأن الثمر بالثمر لا يجوز إلا مثلا بمثل ، فهذا مجهول لا يعلم أيهما أكثر ، ولأنه بيع مجازفة من غير كيل ولا وزن ، ولأن البيعين إذا وقفا فيه على الغبن أراد المغبون أن يفسخ البيع وأراد الغابن أن يمضيه فتزابنا فتدافعا واختصما ، وإن أحدهما إذا ندم زبن صاحبه عما عقد عليه أي دفعه ؛ قال ابن الأثير : كأن كل واحد من المتبايعين يزبن صاحبه عن حقه بما يزداد منه ، وإنما نهى عنها لما يقع فيها من الغبن والجهالة ، وروي عن مالك أنه قال : المزابنة كل شيء من الجزاف الذي لا يعلم كيله ولا عدده ولا وزنه بيع شيء مسمى من الكيل والوزن والعدد . وأخذت زبني من الطعام أي حاجتي . ومقام زبن إذا كان ضيقا لا يستطيع الإنسان أن يقوم عليه في ضيقه وزلقه ؛ قال :


                                                          ومنهل أوردنيه لزن     غير نمير ، ومقام زبن
                                                          كفيته ، ولم أكن ذا وهن

                                                          وقال مرقش :


                                                          ومنزل زبن ما أريد مبيته     كأني به ، من شدة الروع ، آنس



                                                          ابن شبرمة : ما بها زبين أي ليس بها أحد . والزبونة والزبونة ، بفتح الزاي وضمها وشد الباء فيهما جميعا : العنق ؛ عن ابن الأعرابي ، قال : ويقال خذ بقردنه وبزبونته أي بعنقه . وبنو زبينة : حي ، النسب إليه زباني على غير قياس ؛ حكاه سيبويه كأنهم أبدلوا الألف مكان الياء في زبيني . والحزيمتان والزبينتان : من باهلة بن عمرو بن ثعلبة ، وهما حزيمة و زبينة ؛ قال أبو معدان الباهلي :


                                                          جاء الحزائم والزبائن دلدلا     لا سابقين ولا مع القطان
                                                          فعجبت من عوف وماذا كلفت     وتجيء عوف آخر الركبان



                                                          قال الجوهري : وأما الزبون للغبي والحريف فليس من كلام أهل البادية . وزبان : اسم رجل

                                                          زبنتر : التهذيب في الخماسي : ابن السكيت : الزبنتر من الرجال المنكر الداهية إلى القصر ما هو ؛ وأنشد :


                                                          تمهجروا ، أيما تمهجر     بني استها والجندع الزبنتر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية