الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زبي ]

                                                          زبي : الزبية : الرابية التي لا يعلوها الماء ، وفي المثل : قد بلغ السيل الزبى . وكتب عثمان إلى علي ، رضي الله عنه لما حوصر : أما بعد فقد بلغ السيل الزبى وجاوز الحزام الطبيين ، فإذا أتاك كتابي هذا فأقبل إلي ، علي كنت أم لي ، يضرب مثلا للأمر يتفاقم أو يتجاوز الحد حتى لا يتلافى . والزبى : جمع زبية وهي الرابية لا يعلوها الماء ، [ ص: 14 ] قال : وهي من الأضداد ، وقيل : إنما أراد الحفرة التي تحفر للأسد ولا تحفر إلا في مكان عال من الأرض لئلا يبلغها السيل فتنطم . والزبية : حفرة يتزبى فيها الرجل للصيد وتحتفر للذئب فيصطاد فيها . ابن سيده : الزبية حفرة يستتر فيها الصائد . والزبية : حفيرة يشتوى فيها ويختبز ، وزبى اللحم وغيره . طرحه فيها : قال :


                                                          طار جرادي بعدما زبيته لو كان رأسي حجرا رميته

                                                          والزبية : بئر أو حفرة تحفر للأسد ، وقد زباها وتزباها ، قال :


                                                          فكان ، والأمر الذي قد كيدا     كاللذ تزبى زبية فاصطيدا



                                                          وتزبى فيها : كتزباها ؛ وقال علقمة :


                                                          تزبى بذي الأرطى لها ، ووراءها     رجال فبذت نبلهم وكليب



                                                          ويروى : وأرادها رجال . وقال الفراء : سميت زبية الأسد زبية لارتفاعها عن المسيل ، وقيل : سميت بذلك لأنهم كانوا يحفرونها في موضع عال . ويقال قد تزبيت زبية ؛ قال الطرماح :


                                                          يا طيء السهل والأجبال ! موعدكم     كمبتغى الصيد أعلى زبية الأسد



                                                          والزبية أيضا : حفرة النمل ، والنمل لا تفعل ذلك إلا في موضع مرتفع . وفي الحديث : أنه نهى عن مزابي القبور ؛ قال ابن الأثير : هي ما يندب به الميت ويناح عليه به ، من قولهم : ما زباهم إلى هذا أي ما دعاهم ، وقيل : هي جمع مزباة من الزبية وهي الحفرة ، قال : كأنه والله أعلم ، كره أن يشق القبر ضريحا كالزبية ولا يلحد ، قال : ويعضده قوله اللحد لنا والشق لغيرنا ، قال : وقد صحفه بعضهم فقال نهى عن مراثي القبور . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : أنه سئل عن زبية أصبح الناس يتدافعون فيها فهوى فيها رجل فتعلق بآخر ، وتعلق الثاني بثالث والثالث برابع فوقعوا أربعتهم فيها فخدشهم الأسد فماتوا ، فقال : على حافرها الدية : للأول ربعها ، وللثاني ثلاثة أرباعها ، وللثالث نصفها ، وللرابع جميع الدية ، فأخبر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فأجاز قضاءه ؛ الزبية : حفيرة تحفر للأسد والصيد ويغطى رأسها بما يسترها ليقع فيها ، قال : وقد روي الحكم فيها بغير هذا الوجه . والزابيان نهران بناحية الفرات ، وقيل : في سافلة الفرات ، ويسمى ما حولهما من الأنهار الزوابي : وربما حذفوا الياء فقالوا الزابان والزاب كما قالوا في البازي باز . والأزبي : السرعة والنشاط في السير ، على أفعول . واستثقل التشديد على الواو ، وقيل : الأزبي العجب من السير والنشاط ؛ قال منظور بن حبة :

                                                          بشمجى المشي عجول الوثب     أرأمتها الأنساع قبل السقب
                                                          حتى أتى أزبيها بالأدب

                                                          والأزبي : ضرب من سير الإبل . والأزابي : ضروب مختلفة من السير ، واحدها أزبي . وحكى ابن بري عن ابن جني قال : مر بنا فلان وله أزابي منكرة أي عدوه شديد ، وهو مشتق من الزبية . والأزبي : الصوت ؛ قال صخر الغي :


                                                          كأن أزبيها ، إذا ردمت     هزم بغاة في إثر ما فقدوا



                                                          وزبى الشيء يزبيه : ساقه ؛ قال :

                                                          تلك استقدها ، وأعط الحكم واليها     فإنها بعض ما تزبي لك الرقم



                                                          وفي حديث كعب بن مالك : جرت بينه وبين رجل محاورة قال كعب : فقلت له كلمة أزبيه بها أي أزعجه وأقلقه ، من قولهم أزبيت الشيء أزبيه إذا حملته ، ويقال فيه زبيته لأن الشيء إذا حمل أزعج وأزيل عن مكانه . وزبى الشيء : حمله : قال الكميت :


                                                          أهمدان مهلا ! لا تصبح بيوتكم     بجهلكم ، أم الدهيم وما تزبي



                                                          يضرب الدهيم وما تزبي للداهية إذا عظمت وتفاقمت . وزبيت الشيء أزبيه زبيا : حملته . وازدباه : كزباه . وتزابى عنه : تكبر ؛ هذه عن ابن الأعرابي ؛ قال : وأنشدني المفضل :


                                                          يا إبلي ما ذامه فتيبيه     ماء رواء ونصي حوليه
                                                          هذا بأفواهك حتى تأبيه     حتى تروحي أصلا تزابيه
                                                          تزابي العانة فوق الزازيه



                                                          قال : تزابيه ترفعي عنه تكبرا أي تكبرين عنه فلا تريدينه ولا تعرضين له لأنك قد سمنت . وقوله : فوق الزازيه : المكان المرتفع ، أراد على الزيزاءة فغيره . والتزابي أيضا : مشية فيها تمدد وبطء ؛ قال رؤبة :


                                                          إذا تزابى مشية أزائبا

                                                          أراد بالأزائب الأزابي ، وهو النشاط . ويقال : أزبته أزبة وأزمته أزمة أي سنة . ويقال : لقيت منه الأزابي ؛ واحدها أزبي ، وهو الشر والأمر العظيم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية