الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زجم ]

                                                          زجم : الزجم : أن تسمع شيئا من الكلمة الخفية ، وما تكلم بزجمة أي ما نبس بكلمة ، وما سمعت له زجمة ولا زجمة أي نبسة . وسكت فما زجم بحرف أي ما نبس . وما زجم إلي كلمة يزجم زجما أي ما كلمني بكلمة ، وما عصيته زجمة منه . وزجم له بشيء ما فهمه . والزجمة ، بالفتح : الصوت بمنزلة النأمة . يقال : ما عصيته زجمة ولا نأمة ولا زأمة ولا وشمة أي ما عصيته في كلمة . ويقال : ما يعصيه زجمة أي شيئا . والزجوم : القوس ليست بشديدة الإرنان . وقوس زجوم : ضعيفة الإرنان ؛ قال أبو النجم :


                                                          فظل يمطو عطفا زجوما



                                                          قال :


                                                          بات يعاطي فرجا زجوما

                                                          ويروى : همزى . وقال أبو حنيفة : قوس زجوم حنون ، والقولان متقاربان . وبعير أزجم : لا يرغو ، وقيل : هو الذي لا يفصح بالهدير ، وقد يقال بالسين . الأحمر : بعير أزيم وأسجم وهو الذي لا يرغو ؛ وقال شمر : الذي سمعته بعير أزجم ، قال : وليس بين الأزيم الأزجم إلا تحويل الياء جيما ، والعرب تجعل الجيم مكان الياء لأن مخرجهما من شجر الفم ، وشجر الفم الهواء وخرق الفم الذي بين الحنكين . والزجوم : الناقة السيئة الخلق التي لا تكاد ترأم سقب غيرها ترتاب بشمه ؛ وأنشد بعضهم :


                                                          كما ارتاب في أنف الزجوم شميمها

                                                          وربما أكرهت حتى ترأمه فتدر عليه ؛ قال الكميت :


                                                          ولم أحلل لصاعقة وبرق     كما درت لحالبها الزجوم



                                                          وأحلت إذا أصابت الربيع فأنزلت اللبن ؛ يقول : لم أعطهم من الكره على ما يريدون كما تدر الزجوم على الكره .

                                                          زجا : زجا الشيء يزجو زجوا وزجوا وزجاء : تيسر واستقام . وزجا الخراج يزجو زجاء : هو تيسر جبايته . والتزجية دفع الشيء كما تزجي البقرة ولدها أي تسوقه ؛ وأنشد :


                                                          وصاحب ذي غمرة داجيته     زجيته بالقول وازدجيته



                                                          [ ص: 18 ] ويقال : أزجيت الشيء إزجاء أي دافعت بقليله . ويقال : أزجيت أيامي زجيتها أي دافعتها بقوت قليل . قال الأزهري : وسمعت أعرابيا من بني فزارة يقول أنتم معاشر الحاضرة قبلتم دنياكم بقبلان ونحن نزجيها زجاة أي نتبلغ بقليل القوت فنجتزئ به . ويقال : زجيت الشيء تزجية إذا دفعته برفق يقال : كيف تزجي الأيام أي كيف تدافعها ؟ ورجل مزج أي مزلج . وتزجيت بكذا : اكتفيت به ؛ وقال :


                                                          تزج من دنياك بالبلاغ

                                                          ، وزجى الشيء وأزجاه : ساقه ودفعه . والريح تزجي السحاب أي تسوقه سوقا رفيقا . وفي التنزيل العزيز : ألم تر أن الله يزجي سحابا وقال الأعشى :


                                                          إلى ذودة الوهاب أزجي مطيتي     أرجي عطاء فاضلا من نوالكا



                                                          وقيل : زجاه وأزجاه ساقه سوقا لينا ؛ وبه فسر بعضهم قول النابغة :


                                                          تزجي الشمال عليه جامد البرد

                                                          وأزجيت الإبل : سقتها ؛ قال ابن الرقاع :


                                                          تزجي أغن ، كأن إبرة روقه     قلم أصاب من الدواة مدادها



                                                          ورجل مزجاء للمطي : كثير الإزجاء لها يزجيها ويرسلها ؛ قال :


                                                          وإني لمزجاء المطي على الوجى     وإني لتراك الفراش الممهد



                                                          وفي الحديث : كان يتخلف في السير فيزجي الضعيف أي يسوقه ليلحقه بالرفاق . وفي حديث علي ، رضي الله عنه : ما زالت تزجيني حتى دخلت عليه أي تسوقني وتدفعني . وفي حديث جابر : أعيا ناضحي فجعلت أزجيه أي أسوقه . والزجاء النفاذ في الأمر . يقال : فلان أزجى بهذا الأمر من فلان أي أشد نفاذا فيه منه . والمزجى : القليل . وبضاعة مزجاة قليلة . وفي التنزيل العزيز : وجئنا ببضاعة مزجاة ، وقال ثعلب : بضاعة مزجاة فيها إغماض لم يتم صلاحها ، وقيل : يسيرة قليلة ؛ وأنشد :


                                                          وحاجة غير مزجاة من الحاج

                                                          وروي عن أبي صالح في قوله مزجاة قال : كانت حبة الخضراء والصنوبر ، وقال إبراهيم النخعي : وما أراها إلا القليلة ، وقيل : كانت متاع الأعراب الصوف والسمن ، وقال سعيد بن جبير : هي دراهم سوء ؛ وقال عكرمة : هي الناقصة ، وقال عطاء : قليل يزجو خير من كثير لا يزجو . وقوله : وتصدق علينا أي بفضل ما بين الجيد والرديء . ويقال : هذا أمر قد زجونا عليه نزجو . وفي الحديث : لا تزجو صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، هو من أزجيت الشيء فزجا إذا روجته فراج وتيسر ، المعنى لا تجزئ وتصح صلاة إلا بالفاتحة . وضحك حتى زجا أي انقطع ضحكه . والمزجى من كل شيء : الذي ليس بتام الشرف ولا غيره من الخلال المحمودة ؛ قال :


                                                          فذاك الفتى ، كل الفتى ، كان بينه     وبين المزجى نفنف متباعد

                                                          قال ابن سيده : الحكاية عن ابن الأعرابي والإنشاد لغيره ، وقيل : إن المزجى هنا كان ابن عم لأهبان هذا المرثي ، وقد قيل : إنه المسبوق إلى الكرم على كره .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية