الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب هل يحرم ما دون خمس رضعات

                                                                      2062 حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن [ ص: 53 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 53 ] ( كان فيما أنزل الله من القرآن ) : من بيانية أي كان سابقا في القرآن هذه الآية ( عشر رضعات يحرمن ) بضم الياء وتشديد الراء ، وفي رواية مسلم عشر رضعات معلومات يحرمن ( ثم نسخن ) : على البناء للمجهول ( بخمس معلومات يحرمن ) أي ثم نزلت خمس رضعات معلومات يحرمن فنسخت تلك العشر ( فتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن ) : أي خمس رضعات ، وفي رواية مسلم وهي أي آية خمس رضعات ( مما يقرأ من القرآن ) : بصيغة المجهول . والمعنى أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات ويجعلها قرآنا متلوا لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى .

                                                                      والنسخ ثلاثة أنواع : أحدها ما نسخ حكمه وتلاوته كعشر رضعات . والثاني ما نسخت تلاوته دون حكمه كخمس رضعات . والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما . الثالث ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته وهذا هو أكثر ومنه قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم الآية قاله النووي .

                                                                      وقد استدل بهذا الحديث من قال إنه لا يقتضي التحريم من الرضاع إلا خمس رضعات وهو مذهب عائشة وابن مسعود وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والليث بن سعد والشافعي وأصحابه ، وقال به ابن حزم وهي رواية عن أحمد . وذهب أحمد في رواية وإسحاق وأبو عبيدة وأبو ثور وابن المنذر وداود وأتباعه إلى أن الذي يحرم ثلاث رضعات وقال مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والليث أن القليل والكثير من الرضاع سواء في التحريم وهو المشهور عند أحمد ، وتمسكوا بعموم قوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وبالعموم الوارد في الأخبار .

                                                                      قال الحافظ : قوي مذهب الجمهور بأن الأخبار اختلفت في العدد وعائشة التي روت ذلك قد اختلف عليها [ ص: 54 ] فيما يعتبر من ذلك فوجب الرجوع إلى أقل ما ينطلق عليه الاسم وأيضا فقول عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات فمات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قولي الأصوليين لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر فلم يثبت كونه قرآنا ولا ذكر الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه والله أعلم انتهى .

                                                                      وقد بسط الكلام في هذه المسألة الشوكاني في النيل فليرجع إليه .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه . وهذا والذي قبله حجة للشافعي في اعتبار عدد الخمس في التحريم انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية