الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( تنبيه ) يجوز الصلح على المجهول إذا جهل القدر المصالح عليه ، ولم يقدرا على الوصول إلى معرفته ، وأما إذا قدرا على الوصول إلى المعرفة فلا يجوز الصلح إلا بعد المعرفة بذلك قال في آخر كتاب الشفعة من المدونة : ومن ادعى حقا في دار بيد رجل فصالحه منه فإن جهلاه جميعا جاز ذلك ، وإن عرف المدعي دعواه منها فليسمه ، وإن لم يسم بطل الصلح ولا شفعة فيه ، والزوجة إن صالحت الورثة على ميراثها فإن عرفت هي وجميع الورثة مبلغ التركة جاز الصلح ، وإن لم يعرفوه لم يجز ا هـ .

                                                                                                                            قال الشيخ أبو الحسن إثر كلام المدونة انظر قال هنا إن جهلاه جميعا جاز وتقدم في مسألة الحميل قال : لا يجوز حتى يعلما ما على المطلوب ، وفي كتاب القسمة قال : من باع من رجل موروثه من هذه الدار فإن عرفا جميعا مبلغه جاز ، وقال في كتاب الصلح : ومن لك عليه دراهم نسيتما مبلغها جاز أن تصالحا على ما شئتما من ذهب ، أو ورق فمسألة كتاب الصلح ، ومسألة من ادعى حقا في دار مخالفة لهذه النظائر ، ومثل مسألة بيع الصبرة لا يعرفان كيلها ، ومثله لابن القاسم في المتجاعلين على حفر بئر إن جهلا معا صفة الأرض جاز وحاصله أن كل موضع يقدران على الوصول إلى المعرفة بذلك فلا يجوز الصلح إلا بعد المعرفة به ، وكل موضع لا يقدران على الوصول إلى المعرفة بذلك فالصلح جائز على معنى التحلل إذ هو أكثر المقدور .

                                                                                                                            وقوله : والزوجة إذا صالحت الورثة على ميراثها فإن عرفت هي والورثة مبلغ التركة جاز الصلح ، وإن لم يعرفوه لم يجز ; لأنهم قادرون على الوصول إلى المعرفة ا هـ . ونحوه لابن ناجي ، ونصه إثر كلام المدونة المتقدم قوله : ومن ادعى حقا في دار بيد رجل إلخ ، وعرفاه جميعا .

                                                                                                                            ( قلت ) قال فضل : إنما يجوز إذا جهلاه ; لأنه على وجه التحلل ومثله مسألة الصلح على دراهم لا يعرفان عددها ومثله بيع الصبرة لا يعرفان كيلها .

                                                                                                                            ومثله لابن القاسم في المتجاعلين على حفر بئر إن جهلا جميعا الأرض جاز قيل ولا يعارض ما ذكره بقولنا أول مسألة من كتاب القسم ، قال مالك : ومن باع من رجل موروثه من هذه الدار فإن عرفا مبلغه جاز ، وإن جهله أحدهما ، أو كلاهما لم يجز ، والفرق أن بيع الميراث اختياري يقدران على رفع الغرر منها ويتوصلان إلى معرفة النصيب وما هنا مع ما نظره به لا يقدران على رفع الغرر فصارت صورة ضرورة فيتحلل منه وقوله : " والزوجة [ ص: 81 ] إذا صالحت الورثة " إلخ أتى بها في الأم على وجه الدليل ، ووجه ذلك أنهم يقدرون على تصوره حائزا بالوصول إلى معرفة كل واحد ا هـ . وقال في التوضيح يعتبر قيمة معرفة ما يصالح عنه فإن كان مجهولا لم يجز ولذلك شرط في المدونة في صلح الولد للزوجة عن إرثها معرفتها لجميع التركة ، وحضور أصنافها وحضور من عليه الأرض وإقراره وإلا لم يجز ا هـ . ونحوه في الشامل فيقيد قولهما ، فإن كان مجهولا بما إذا لم يجهلاه جميعا ليوافق كلامهما ما في المدونة وبأنهما لم يقدرا على الوصول إلى معرفة ذلك ليوافق ما تقدم فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية