الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب ما جاء أن عرفة كلها موقف

                                                                                                                1218 حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أبي عن جعفر حدثني أبي عن جابر في حديثه ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحرت هاهنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف [ ص: 350 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 350 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( نحرت ههنا ، ومنى كلها منحر ، فانحروا في رحالكم ، ووقفت ههنا ، وعرفة كلها موقف ، ووقفت ههنا ، وجمع كلها موقف ) في هذه الألفاظ بيان رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم على مصالح دينهم ودنياهم فإنه صلى الله عليه وسلم ذكر لهم الأكمل والجائز ، فالأكمل موضع نحره ووقوفه ، والجائز كل جزء من أجزاء المنحر ، وجزء من أجزاء عرفات ، وخيرهن أجزاء المزدلفة وهي جمع بفتح الجيم وإسكان الميم ، وسبق بيانها وبيان حدها وحد منى في هذا الباب . وأما عرفات فحدها ما جاوز وادي عرنة إلى الجبال القابلة مما يلي بساتين ابن عامر . هكذا نص عليه الشافعي وجميع أصحابه . ونقل الأزرقي عن ابن عباس أنه قال : حد عرفات من الجبل المشرف على بطن عرنة إلى جبال عرفات إلى وصيق بفتح الواو وكسر الصاد المهملة ، وآخره قاف إلى ملتقى وصيق وادي عرنة . وقيل في حدها غير هذا مما هو مقارب له ، وقد بسطت القول في إيضاحه في شرح المهذب وكتاب المناسك والله أعلم .

                                                                                                                قال الشافعي وأصحابنا : يجوز نحر الهدي ودماء الحيوانات في جميع الحرم ، لكن الأفضل في حق الحاج النحر بمنى ، وأفضل موضع منها للنحر موضع نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما قاربه ، والأفضل في حق المعتمر أن ينحر في المروة ؛ لأنها موضع تحلله ، كما أن منى موضع تحلل الحاج . قالوا : ويجوز الوقوف بعرفات في أي جزء كان منها ، وكذا يجوز الوقوف على المشعر الحرام وفي كل جزء من أجزاء المزدلفة لهذا الحديث ، والله أعلم

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم ) فالمراد بالرحال المنازل .

                                                                                                                قال أهل اللغة : رحل الرجل منزله سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر ،

                                                                                                                ومعنى الحديث منى كلها منحر يجوز النحر فيها فلا تتكلفوا النحر في موضع نحري ، بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى .




                                                                                                                الخدمات العلمية