الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زمر ]

                                                          زمر : الزمر بالمزمار ، زمر يزمر ويزمر زمرا وزميرا وزمرانا : غنى في القصب . وامرأة زامرة ولا يقال : زمارة ، ولا يقال : رجل زامر إنما هو زمار . الأصمعي : يقال للذي يغني : الزامر والزمار ، ويقال للقصبة : التي يزمر بها زمارة ، كما يقال : للأرض التي يزرع فيها زراعة . قال : وقال فلان لرجل : يا ابن الزمارة ، يعني المغنية . والمزمار والزمارة : ما يزمر فيه . الجوهري : المزمار واحد المزامير . وفي حديث أبي بكر ، رضي الله عنه : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . وفي رواية : مزمارة الشيطان عند النبي ، صلى الله عليه وسلم ، المزمور ، بفتح الميم وضمها ، والمزمار سواء ، وهو الآلة التي يزمر بها . ومزامير داود ، عليه السلام ، : ما كان يتغنى به من الزبور وضروب الدعاء ، واحدها مزمار ومزمور ؛ الأخيرة عن كراع ، ونظيره معلوق ومغرود . وفي حديث أبي موسى : سمعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يقرأ فقال : لقد أعطيت مزمارا من مزامير آل داود ، عليه السلام ؛ شبه حسن صوته وحلاوة نغمته بصوت المزمار ، وداود هو النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وإليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة ، والآل في قوله : " آل داود " مقحمة ، قيل : معناه هاهنا الشخص . وكتب الحجاج إلى بعض عماله أن ابعث إلي فلانا مسمعا مزمرا ؛ فالمسمع : المقيد المزمر المسوجر أنشد ثعلب :


                                                          ولي مسمعان وزمارة وظل مديد وحصن أمق



                                                          فسره فقال : الزمارة الساجور ، والمسمعان القيدان ، يعني قيدين وغلين ، والحصن السجن وكل ذلك على التشبيه ، وهذا البيت لبعض المحبسين كان محبوسا فمسمعاه قيداه لصوتهما إذا مشى ، وزمارته الساجور والظل ، والحصن السجن وظلمته . وفي حديث ابن جبير : أنه أتي به الحجاج وفي عنقه زمارة ؛ الزمارة الغل والساجور الذي يجعل في عنق الكلب . ابن سيده : والزمارة عمود بين حلقتي الغل . والزمار ، بالكسر ، : صوت النعامة ؛ وفي الصحاح : صوت [ ص: 56 ] النعام . وزمرت النعامة تزمر زمارا : صوتت وقد زمر النعام يزمر ، بالكسر ، زمارا . وأما الظليم فلا يقال : فيه إلا عار يعار . وزمر بالحديث : أذاعه وأفشاه . والزمارة : الزانية ؛ عن ثعلب ، وقال : لأنها تشيع أمرها . وفي حديث أبي هريرة : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، نهى عن كسب الزمارة . قال أبو عبيد : قال الحجاج : الزمارة الزانية ، قال : وقال غيره : إنما هي الرمازة ، بتقديم الراء على الزاي ، من الرمز ، وهي التي تومئ بشفتيها وبعينيها وحاجبيها ، والزواني يفعلن ذلك ، والأول الوجه . وقال أبو عبيد : هي الزمارة كما جاء في الحديث ؛ قال أبو منصور : واعترض القتيبي على أبي عبيد في قوله هي الزمارة كما جاء في الحديث ، فقال : الصواب الرمازة لأن من شأن البغي أن تومض بعينها وحاجبها ؛ وأنشد :


                                                          يومضن بالأعين والحواجب     إيماض برق في عماء ناصب



                                                          قال أبو منصور : وقول أبي عبيد عندي الصواب ، وسئل أبو العباس أحمد بن يحيى عن معنى الحديث : أنه نهى عن كسب الزمارة ، فقال : الحرف الصحيح رمازة وزمارة هاهنا خطأ ، والزمارة : البغي الحسناء ، والزمير : الغلام الجميل وإنما كان الزنا مع الملاح لا مع القباح ؛ قال أبو منصور : للزمارة في تفسير ما جاء في الحديث وجهان : أحدهما : أن يكون النهي عن كسب المغنية ، كما روى أبو حاتم عن الأصمعي ، أو يكون النهي عن كسب البغي كما قال أبو عبيد : وأحمد بن يحيى وإذا روى الثقات للحديث تفسيرا له مخرج لم يجز أن يرد عليهم ولكن نطلب له المخارج من كلام العرب ، ألا ترى أن أبا عبيد وأبا العباس لما وجدا لما قال الحجاج : وجها في اللغة لم يعدواه ؟ وعجل القتيبي ولم يتثبت ففسر الحرف على الخلاف ولو فعل فعل أبي عبيد وأبي العباس كان أولى به ، قال : فإياك والإسراع إلى تخطئة الرؤساء ونسبتهم إلى التصحيف وتأن في مثل هذا غاية التأني ، فإني قد عثرت على حروف كثيرة ، رواها الثقات فغيرها من لا علم له بها وهي صحيحة . وحكى الجوهري عن أبي عبيد قال : تفسيره في الحديث أنها الزانية ، قال : ولم أسمع هذا الحرف إلا فيه ، قال : ولا أدري من أي شيء أخذ ، قال الأزهري : ويحتمل أن يكون أراد المغنية . يقال : غناء زمير أي حسن وزمر إذا غنى والقصبة التي يزمر بها . زمارة : والزمر الحسن ، عن ثعلب ؛ وأنشد :


                                                          دنان حنانان ، بينهما     رجل أجش ، غناؤه زمر



                                                          أي غناؤه حسن . والزمير الحسن من الرجال . والزومر : الغلام الجميل الوجه . وزمر القربة يزمرها زمرا وزنرها : ملأها ؛ هذه عن كراع و اللحياني . وشاة زمرة : قليلة الصوف . والزمر : القليل الشعر والصوف والريش ، وقد زمر زمرا . ورجل زمر : قليل المروءة بين الزمارة الزمورة أي قليلها ، والمستزمر المنقبض المتصاغر ؛ قال :


                                                          إن الكبير إذا يشاف رأيته     مقرنشعا ، وإذا يهان استزمرا



                                                          والزمرة : الفوج من الناس والجماعة من الناس ، وقيل : الجماعة في تفرقة . والزمر : الجماعات ورجل زمر شديد كزبر . وزمير : قصير وجمعه زمار ؛ عن كراع وبنو زمير بطن . وزمير : اسم ناقة ؛ عن ابن دريد : وزومر اسم وزيمران وزماراء : موضعان ؛ قال حسان بن ثابت :


                                                          فقرب فالمروت فالخبت فالمنى     إلى بيت زماراء تلدا على تلد



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية