الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الأكفاء

                                                                      2102 حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا بني بياضة أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه وقال وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة

                                                                      التالي السابق


                                                                      جمع كفء بضم أوله وسكون الفاء بعدها همزة المثل والنظير .

                                                                      ( أن أبا هند ) اسمه يسار وكان مولى لبني بياضة ( في اليافوخ ) : وهو حيث التقى عظم مقدم الرأس ومؤخره . قاله في القاموس ( أنكحوا أبا هند ) : أي زوجوه بناتكم ( وأنكحوا إليه ) أي اخطبوا إليه بناته ولا تخرجوه منكم للحجامة ( وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة ) : أي فهو الحجامة .

                                                                      قال العلامة ابن الملك في شرح المشارق : فإن قلت : الأصل في إن الشرطية أن تستعمل في المشكوك وثبوت الخيرية في شيء من أدويتهم لا على التعيين ، كان محققا عندهم فكيف أورده بأن قلت : قد تستعمل إن لتأكيد تحقق الجزاء كما يقال لمن يعلم أن له صديقا إن كان لك صديق فهو زيد على معنى إن تصورت معنى الصديق وثبوته لك حق التصور وحصلت معناه في نفسك فهو زيد انتهى .

                                                                      قال الخطابي في المعالم : في هذا الحديث حجة لمالك ومن ذهب مذهبه أن الكفاءة بالدين وحده دون غيره وأبو هند مولى بني بياضة ليس من أنفسهم ، والكفاءة معتبرة في قول أكثر العلماء بأربعة أشياء : بالدين والحرية والنسب والصناعة . ومنهم من اعتبر فيها السلامة من العيوب واعتبر بعضهم اليسار فيكون جماعها ست خصال انتهى . [ ص: 103 ] قال الحافظ في الفتح : وقد جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك ، ونقل عن ابن عمر وابن مسعود ومن التابعين عن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز ، واعتبر الكفاءة في النسب الجمهور .

                                                                      قال أبو حنيفة : قريش أكفاء بعضهم بعضا والعرب كذلك ، وليس أحد من العرب كفؤا لقريش كما ليس أحد من غير العرب كفؤا للعرب ، وهو وجه للشافعية ، والصحيح تقديم بني هاشم والمطلب على غيرهم ، ومن عدا هؤلاء أكفاء بعضهم لبعض .

                                                                      وقال الثوري : إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح وبه قال أحمد في رواية وتوسط الشافعي فقال : ليس نكاح غير الأكفاء حراما فأرد به النكاح وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء ، فإذا رضوا صح ويكون حقا لهم تركوه فلو رضوا إلا واحدا فله فسخه ، وذكر أن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تضيع المرأة نفسها في غير كفء انتهى .

                                                                      ولم يثبت في اعتبار الكفاءة بالنسب حديث وأما ما أخرجه البزار من حديث معاذ رفعه : العرب بعضهم أكفاء بعض ، والموالي بعضهم أكفاء بعض فإسناده ضعيف انتهى . قلت وكذلك ما رواه الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : العرب بعضهم أكفاء بعض والموالي بعضهم أكفاء بعض إلا حائكا أو حجاما ضعيف بل هو باطل لا أصل له . سأل ابن أبي حاتم عنه أباه فقال هذا كذاب لا أصل له . وقال في موضع آخر باطل . ورواه ابن عبد البر في التمهيد من طريق بقية عن زرعة عن عمران بن أبي الفضل عن نافع عن ابن عمر . قال الدارقطني في العلل لا يصح . وقال ابن حبان عمران بن أبي الفضل يروي الموضوعات عن الثقات . وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال منكر ، وقد حدث به هشام بن عبيد الله الرازي فزاد فيه بعد أو حجام أو دباغ قال فاجتمع عليه الدباغون وهموا به وقال ابن عبد البر : هذا منكر موضوع وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية من طريقين إلى ابن عمر في أحدهما علي بن عروة وقد رماه ابن حبان بالوضع وفي الآخر محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك ، والأول في ابن عدي والثاني في الدارقطني كذا في التلخيص .

                                                                      وحديث الباب سكت عنه المؤلف والمنذري وأورده الحافظ في التلخيص وقال إسناده حسن .




                                                                      الخدمات العلمية