الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زهف ]

                                                          زهف : الإزهاف : الكذب وفيه ازدهاف أي كذب وتزيد وأزهف بالرجل إزهافا : أخبر القوم من أمره بأمر لا يدرون أحق هو أم باطل . وأزهف إليه حديثا و ازدهف : أسند إليه قولا ليس بحسن . وأزهف لنا في الخبر وازدهف : زاد فيه . وفي حديث صعصعة قال لمعاوية ، رضي الله عنهما : إني لأترك الكلام فما أزهف به ؛ الإزهاف : الاستقدام ، وقيل : هو من أزهف في الحديث إذا زاد فيه ، ويروى بالراء وقد تقدم . وأزهف بي فلان : وثقت به فخانني . غيره : وإذا وثقت بالرجل في الأمر فخانك فقد أزهف إزهافا ، وأصل الازدهاف : الكذب . وحكى ابن الأعرابي : أزهفت له حديثا أي أتيته بالكذب . والإزهاف التزيين قال الحطيئة :


                                                          أشاقتك ليلى في اللمام وما جرت بما أزهفت يوم التقينا وبزت



                                                          والزهوف : الهلكة . وأزهفه : أهلكه وأوقعه ؛ قال المرار :


                                                          وجدت العواذل ينهينه     وقد كنت أزهفهن الزيوفا



                                                          أراد الإزهاف ، فأقام الاسم مقام المصدر كما قال لبيد :


                                                          باكرت حاجتها الدجاج



                                                          وكما قال القطامي :


                                                          وبعد عطائك المائة الرتاعا



                                                          والزاهف : الهالك ؛ ومنه قوله :


                                                          فلم أر يوما كان أكثر زاهفا     به طعنة قاض عليه أليلها



                                                          والأليل : الأنين . ابن الأعرابي : أزهفته الطعنة وأزهقته أي هجمت به على الموت ، وأزهفت إليه الطعنة أي أدنيتها . وقال الأصمعي : أزهفت عليه وأزعفت أي أجهزت عليه ؛ وأنشد شمر :


                                                          فلما رأى بأنه قد دنا لها     وأزهفها بعض الذي كان يزهف



                                                          وقال ابن شميل : أزهف له بالسيف إزهافا وهو بداهته وعجلته وسوقه ، ازدهفت له بالسيف أيضا . وأزهفته الدابة أي صرعته ، وأزهفه : قتله ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد لمية بنت ضرار الضبية ترثي أخاها :


                                                          لتجر الحوادث ، بعد امرء     بوادي أشائين أذلالها
                                                          كريم ثناه وآلاؤه     وكافي العشيرة ما غالها
                                                          تراه على الخيل ذا قدمة     إذا سربل الدم أكفالها
                                                          وخلت وعولا أشارى بها     وقد أزهف الطعن أبطالها
                                                          ولم يمنع الحي رث القوى     ولم تخف حسناء خلخالها



                                                          قوله أشارى : جمع أشران من الأشر وهو البطر . ويقال : زهف للموت أي دنا له ؛ وقال أبو وجزة :


                                                          ومرضى من دجاج الريف حمر     زواهف ، لا تموت ولا تطير



                                                          وأزهف العداوة : اكتسبها . وما ازدهف منه شيئا أي ما أخذ وإنك [ ص: 71 ] تزدهف بالعداوة أي تكتسبها ؛ قال بشر بن أبي خازم :


                                                          سائل نميرا غداة النعف من شطب     إذ فضت الخيل من ثهلان ما ازدهفوا



                                                          أي ما أخذوا من الغنائم واكتسبوا . وفضت : فرقت . وحكى ابن بري عن أبي سعيد : الازدهاف الشدة والأذى ، قال : وحقيقته استطارة القلب من جزع أو حزن ؛ قال الشاعر :


                                                          ترتاع من نقرتي حتى تخيلها     جون السراة تولى ، وهو مزدهف



                                                          النقرة : صويت يصوتونه للفرس ، أي إذا زجرتها جرت جري حمار الوحش ؛ وقالت امرأة :


                                                          بل من أحس بريمي اللذين هما     قلبي وعقلي فعقلي اليوم مزدهف ؟



                                                          والزهف : الخفة والنزق . وفيه ازدهاف أي استعجال وتقحم ؛ وقال :


                                                          يهوين بالبيد إذا الليل ازدهف



                                                          أي دخل وتقحم . الأزهري : فيه ازدهاف أي تقحم في الشر وزهف زهفا ، وازدهف خف وعجل أزهفه وازدهفه استعجله ؛ قال :


                                                          فيه ازدهاف أيما ازدهاف



                                                          نصب أيما على الحال ؛ قال ابن بري : ليس منصوبا على الحال وإنما هو منصوب على المصدر ، والناصب له فعل دل عليه ما تقدم من قوله قبله : قولك أقوالا مع الخلاف كأنه قال : يزدهف أيما ازدهاف ، ولكن ازدهافا صار بدلا من الفعل أن تلفظ به ، ومثله له صوت صوت حمار ، قال : والرفع في ذلك أقيس . الليث : الزهف استعمل منه الازدهاف وهو الصدود ؛ وأنشد :


                                                          فيه ازدهاف أيما ازدهاف



                                                          قال الأصمعي : ازدهاف هاهنا استعجال بالشر . ويقال : ازدهف فلان فلانا واستهفه واستهفاه واستزفه كل ذلك بمعنى استخفه . أبو عمرو : أزهفت الشيء أرخيته وأزهف الشيء وازدهف أي ذهب به ، فهو مزدهف وأزهفه فلان ازدهفه أي ذهب به وأهلكه ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية