الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زول ]

                                                          زول : الزوال : الذهاب والاستحالة ، والاضمحلال ، زال يزول زوالا وزويلا وزؤولا ؛ هذه عن اللحياني ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وبيضاء لا تنحاش منا وأمها إذا ما رأتنا زيل منا زويلها



                                                          أراد بالبيضاء بيضة النعامة ، لا تنحاش منا أي لا تنفر ، وأمها النعامة التي باضتها إذا رأتنا ذعرت منا وجفلت نافرة ، وذلك معنى قوله زيل منا زويلها . وزال الشيء عن مكانه يزول زوالا وأزاله غيره وزوله فانزال ، وما زال يفعل كذا وكذا . وحكى أبو الخطاب : أن ناسا من العرب يقولون : كيد زيد يفعل كذا ، وما زيل يفعل كذا ؛ يريدون كاد وزال فنقلوا الكسر إلى الكاف في فعل كما نقلوا في فعلت . وأزلته وزولته وزلته أزاله وأزيله وزلت عن مكاني أزول زوالا وزؤولا وأزلت غيري إزالة ، كل ذلك عن اللحياني . ابن الأعرابي : الزول الحركة ؛ يقال : رأيت شبحا ثم زال أي تحرك . وزال القوم عن مكانهم إذا حاصوا عنه وتنحوا . أبو الهيثم : يقال : استحل هذا الشخص واستزله أي انظر هل يحول أي يتحرك أو يزول أي يفارق موضعه . والزوال : الذي يتحرك في مشيه كثيرا وما يقطعه من المسافة قليل ؛ وأنشد أبو عمرو :


                                                          البحتر المجدر الزوال



                                                          قال ابن بري : الرجز لأبي الأسود العجلي ، قال : وهو مغير كله ؛ والذي أنشده أبو عمرو :


                                                          البهتر المجذر الزواك



                                                          وقبله :

                                                          تعرضت مريئة الحياك     لناشئ دمكمك نياك



                                                          والمجذر والجيذر : القصير . وفي حديث كعب بن مالك : رأى رجلا مبيضا يزول به السراب أي يرفعه ويظهره . يقال : زال به السراب إذا ظهر شخصه فيه خيالا ؛ ومنه قول كعب بن زهير :


                                                          يوما تظل حداب الأرض يرفعها     من اللوامع ، تخليط وتزييل



                                                          يريد أن لوامع السراب تبدو دون حداب الأرض فترفعها تارة وتخفضها أخرى . والزول : الزولان زال الملك زوالا ، وزال زواله إذا دعي له بالإقامة . وأزال الله زواله . وقال : يعقوب : يقال : أزال الله زواله وزال الله زواله يدعو له بالهلاك والبلاء ؛ هكذا قال ؛ والصواب يدعو عليه ؛ وقول الأعشى :


                                                          هذا النهار بدا لها من همها     ما بالها بالليل زال زوالها ؟



                                                          قيل : معناه زال الخيال زوالها ، قال : ابن الأعرابي : وإنما كره الخيال لأنه يهيج شوقه وقد يكون على اللغة الأخيرة أي أزال الله زوالها ، ويقوي ذلك رواية أبي عمرو إياه بالرفع : زال زوالها ، على الإقواء ؛ قال أبو عمرو : هذا مثل للعرب قديم تستعمله هكذا بالرفع فسمعه الأعشى فجاء به على استعماله ، والأمثال تؤدى على ما فرط به أول أحوال وقوعها كقولهم : أطري إنك ناعلة ، والصيف ضيعت اللبن ، [ ص: 82 ] وأطرق كرا ، وأصبح نومان ، يؤدى ذلك في كل موضع على صورته التي أنشئ في مبدئه عليها ، وغير أبي عمرو روى هذا المثل بالنصب بغير إقواء ، على معنى زال عنا طيفها بالليل كزوالها هي بالنهار ؛ وقال : أبو بكر زال زوالها أي أزال الله زوالها أي زال خيالها حين تزول ، فنصب زوالها في قوله على الوقت ومذهب المحل . ويقال : ركوبي ركوب الأمير ، والمصادر المؤقتة تجري مجرى الأوقات . ويقال : ألقى عبد الله خروجه من منزله أي حين خروجه . ابن السكيت : يقال : أزاله عن مكانه يزيله ، وحكي زيل زواله ، ويقال : زال الشيء من الشيء يزيله زيلا إذا مازه ، وزلته فلم ينزل . قال أبو منصور : وهذا يحقق ما قاله أبو بكر في قوله : زال زوالها أنه بمعنى أزال الله زوالها . والازديال الإزالة ، وقال كثير :


                                                          أحاطت يداه بالخلافة بعدما     أراد رجال آخرون ازديالها



                                                          وقوله عز وجل : فأزلهما الشيطان ؛ فسره ثعلب فقال : معناه نحاهما عن موضعهما . الزوائل : النجوم لزوالها من المشرق إلى المغرب في استدارتها . والزوال : زوال الشمس وزوال الملك ونحو ذلك مما يزول عن حاله . وزالت الشمس زوالا وزوولا ، بغير همز ، كذلك نص عليه ثعلب ، وزيالا وزولانا : زلت عن كبد السماء . وزال النهار : ارتفع ، من ذلك . وفي حديث جندب الجهني : والله لقد خالطه سهماي ولو كان زائلة لتحرك ؛ الزائلة : كل شيء من الحيوان يزول عن مكانه ، ولا يستقر في مكانه ، يقع على الإنسان وغيره ، وكأن هذا المرمي قد سكن نفسه لا يتحرك لئلا يحس به فيجهز عليه ؛ ومن ذلك قول الشاعر :


                                                          وكنت امرأ أرمي الزوائل مرة     فأصبحت قد ودعت رمي الزوائل
                                                          وعطلت قوس الجهل عن شرعاتها     وعادت سهامي بين رث وناصل



                                                          وهذا رجل كان يختل النساء في شبيبته بحسنه ، فلما شاب وأسن لم تصب إليه امرأة ، والشرعات : الأوتار ؛ واحدتها شرعة ؛ وفي قصيد كعب :


                                                          في فتية من قريش قال قائلهم     ببطن مكة لما أسلموا : زولوا



                                                          أي انتقلوا عن مكة مهاجرين إلى المدينة . ويقال : فلان يرمي الزوائل إذا كان طبا بإصباء النساء إليه . والزوائل : الصيد . وازدال رمى الزوائل . والزوائل : النساء على التشبيه بالوحش ؛ قال :


                                                          فأصبحت قد ودعت رمي الزوائل



                                                          وزالت الخيل بركبانها زيالا : نهضت ؛ قال النابغة :


                                                          كأن رحلي ، وقد زال النهار بنا     يوم الحليل على مستأنس وحد



                                                          وقيل : معناه ذهب وتمطى ؛ وقيل : برح كقوله :


                                                          عهدي بهم يوم باب القريتين وقد     زال الهماليج بالفرسان واللجم



                                                          زال الظل زوالا كزوال الشمس ، غير أنهم لم يقولوا زوولا كما قالوا في الشمس ، وزال زائل الظل إذا قام قائم الظهيرة وعقل . وزال عن الرأي يزول زؤولا هذه عن اللحياني . وزالت ظعنهم زيلولة إذا ائتووا مكانهم ثم بدا لهم ؛ عنه أيضا . وقالوا : لما رآني زال زواله وزويله من الذعر والفرق أي جانبه ؛ وأنشد بيت ذي الرمة : وقد تقدم ؛ وأنشد أبو حنيفة لأيوب بن عبابة :


                                                          ويأمن رعيانها أن يزو     ل منها ، إذا أغفلوها ، الزويل



                                                          ويقال : أخذه الزويل والعويل لأمر ما أي أخذه البكاء والحركة والقلق . ويقال : زيل زويله أي بلغ مكنون نفسه . ويقال : للرجل إذا فزع من شيء وحذر : زيل زويله . وورد في حديث قتادة : أخذه العويل الزويل أي القلق والانزعاج بحيث لا يستقر على المكان ، وهو والزوال بمعنى . وفي حديث أبي جهل : يزول في الناس أي يكثر الحركة ولا يستقر ، ويروى يرفل ، وفي حديث معاوية : أن رجلين تداعيا عنده وكان أحدهما مخلطا مزيلا ؛ المزيل : بكسر الميم وسكون الزاي : الجدل في الخصومات الذي يزول من حجة إلى حجة ، والميم زائدة . والمزاولة : معالجة الشيء ، يقال : فلان يزاول حاجة له ، قال أبو منصور : وهذا كله من زال يزول زولا وزولانا . زاولته مزاولة أي عالجته . وزاوله : عالجه ؛ أنشد ثعلب لابن خارجة :


                                                          فوقفت معتاما أزاولها     بمهند ذي رونق عضب



                                                          والمزاولة : المحاولة والمعالجة . وقال رجل لآخر عيره بالجبن : والله ما كنت جبانا ولكني زاولت ملكا مؤجلا ! وقال زهير :


                                                          فبتنا وقوفا عند رأس جوادنا     يزاولنا عن نفسه ونزاوله



                                                          وتزاولوا : تعالجوا . وزاوله مزاولة وزوالا : حاوله وطالبه . وكل مطالب محاول مزاول . وتزوله وزوله : أجاءه ؛ حكاه الفارسي عن أبي زيد . والزول : الخفيف الظريف يعجب من ظرفه ، والجمع أزوال . وزال يزول إذا تظرف ، والأنثى زولة . ووصيفة زولة : نافذة في الرسائل . وتزول : تناهى ظرفه . والزول : الغلام الظريف . والزول : الصقر ، والزول : فرج الرجل . والزول : الشجاع الذي يتزايل الناس من شجاعته ؛ وأنشد ابن السكيت في الزول لكثير بن مزرد :


                                                          لقد أروح بالكرام الأزوال     معديا لذات لوث شملال



                                                          والزول : الجواد . والزولة : المرأة البرزة ، ويقال : هي الفطنة الداهية . وفي حديث النساء : بزولة وجلس ، هو من ذلك ، وقيل : الظريفة . والزول : الخفيف الحركات . والزول : العجب . وزول أزول على المبالغة ؛ قال الكميت :


                                                          فقد صرت عما لها بالمشي [ ص: 83 ]     ب ، زولا لديها ، هو الأزول



                                                          ابن بري : قال أبو السمح الأزول أن يأتيه أمر يمنعه الفرار . والزول : الخفيف ؛ وأنشد القزاز :


                                                          تلين وتستدني له شدنية     مع الخائف العجلان ، زول وثوبها



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية