الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ زيل ]

                                                          زيل : زلت الشيء من مكانه أزيله زيلا : لغة في أزلته ؛ قاله الجوهري ، قال ابن بري : صوابه زلته زيلا أي أزلته . وزلته زيلا أي مزته . ابن سيده وغيره : زال الشيء زيلا أزاله إزالة إزالا ؛ الأخيرة عن اللحياني ، وزيله فتزيل ، كل ذلك : فرقه فتفرق وفي التنزيل العزيز : فزيلنا بينهم ؛ وهو فعلت لأنك تقول في مصدره تزييلا ، قال : لو كان فيعلت لقلت : زيلة . وقال مرة : أزلت الضأن من المعز والبيض من السود إزالا وإزالة ، وكذلك زلتها أزيلها زيلا أي ميزت . قال الأزهري : أما زال يزيل فإن الفراء قال في قوله تعالى : فزيلنا بينهم ؛ قال : ليست من زلت وإنما هي من زلت الشيء فأنا أزيله إذا فرقت ذا من ذا وأبنت ذا من ذا ، وقال : فزيلنا لكثرة الفعل ، ولو قل لقلت : زل ذا من ذا كقولك مز ذا من ذا ، قال : وقرأ بعضهم فزايلنا بينهم ، وهو مثل قولك لا تصعر ولا تصاعر وعاقد وعقد . وقال تعالى : لو تزيلوا لعذبنا الذي كفروا ؛ يقول : لو تميزوا ؛ وأنشد أبو الهيثم للكميت :


                                                          أرادوا أن تزايل خالقات أديمهم يقسن ويفترينا



                                                          والزيال : الفراق . و التزايل : التباين . وقال القتيبي في تفسير قوله : ( فزيلنا ) ؛ أي فرقنا وهو من زال يزول وأزلته أنا ؛ قال أبو منصور : وهذا غلط من القتيبي ولم يميز بين زال يزول وزال يزيل كما فعل الفراء ، وكان القتيبي ذا بيان عذب وقد نحس حظه من النحو ومعرفة مقاييسه . الجوهري : يقال : زل ضأنك من معزاك وزلته منه فلم [ ص: 90 ] ينزل ، ومزته فلم ينمز . وتزيل القوم تزيلا وتزييلا : تفرقوا ؛ الأخيرة حجازية رواها اللحياني ، قال : وربيعة تقول تزايل القوم تزايلا ؛ وأنشد للمتلمس :


                                                          أحارث ! إنا لو تساط دماؤنا     تزيلن حتى ما يمس دم دما



                                                          قال : وينشد تزايلن . والتزايل : التباين ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          إلى ظعن كالدوم فيها تزايل     وهزة أحمال لهن وشيج



                                                          وزايله مزايلة وزيالا : بارحه . والمزايلة : المفارقة ، ومنه يقال : زايله مزايلة وزيالا : إذا فارقه . والمتزايلة من النساء : التي تزايلك بوجهها تستره عنك ، وهو من ذلك وانزال عنه : زايله وفارقه ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وانزال عن ذائدها ونصره



                                                          أي زايل الذائد وأنصاره . والزيل ، بالتحريك : تباعد ما بين الفخذين كالفحج . ورجل أزيل الفخذين : منفرجهما متباعدهما ، وهو من ذلك لأن المتباعد مفارق . وفي حديث علي ، كرم الله وجهه : أنه ذكر المهدي وأنه يكون من ولد الحسين أجلى الجبين أقنى الأنف أزيل الفخذين أفلج الثنايا بفخذه الأيمن شامة ؛ أراد أنه متزايل الفخذين وهو الزيل والتزيل ، والفعل منه زيل يزيل ، وأزيل الفخذين أي منفرجهما . التهذيب : يقال : ما زال يفعل كذا وكذا ولا يزال يفعل كذا وكذا كقولك ما انفك وما برح وما زلت أفعل ذاك ، وفي المضارع لا يزال ، وقلما يتكلم به إلا بحرف النفي ، قال ابن كيسان : ليس يراد بما زال ولا يزال الفعل من زال يزول إذا انصرف من حال إلى حال وزال من مكانه ، ولكنه يراد بهما ملازمة الشيء والحال الدائمة . وفي الحديث : خالطوا الناس وزايلوهم . أي فارقوهم في الأفعال التي لا ترضي الله ورسوله . وما زلت أفعله أي ما برحت ، ما زلت به ، حتى فعل ذلك ، زيالا ، ما زلت وزيدا حتى فعل أي بزيد . حكاه سيبويه ، وحكى بعضهم زلت أفعل بمعنى ما زلت . وقال اللحياني : زلت الشيء فلم ينزل ، لا يتكلم به إلا على هاتين الصيغتين ، يعني أنهم : لا يقولون زيلته فلم يتزيل كما أنهم لا يقولون أيضا ميزته فلم يتميز ، إنما يقولون مزته فلم ينمز . الجوهري : زلت الشيء أزيله زيلا أي مزته وفرقته . ويقال : أزال الله زواله إذا دعي عليه بالهلاك ، معناه أي أذهب الله حركته وتصرفه كما يقال : أسكت الله نامته ، وزال زواله أي ذهبت حركته ، ويقال : زيل زويله ؛ قال ذو الرمة يصف بيضة النعامة :


                                                          وبيضاء لا تنحاش منا وأمها     إذا ما رأتنا ، زيل منا زويلها



                                                          أي زيل قلبها من الفزع . قال ابن بري : ويحتمل أن يكون زيل في البيت مبنيا للمفعول من زاله الله . والزويل بمعنى الزوال ، قال : ويحتمل أن يكون " زيل " لغة في زال كما يقال : في كاد كيد ؛ قال الهذلي :


                                                          وكيد ضباع القف يأكلن جثتي     وكيد خراش ، يوم ذلك ييتم



                                                          قال : ويدل على صحة ذلك أنه يروى زيل منا زوالها زال منا زويلها ، قال : فهذا يدل على أن زيل بمعنى زال المبني للفاعل دون المبني للمفعول .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية