الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سبأ ]

                                                          سبأ : سبأ الخمر يسبؤها سبأ وسباء ومسبأ واستبأها : شراها وفي الصحاح : اشتراها ليشربها . قال إبراهيم بن هرمة :


                                                          خود تعاطيك ، بعد رقدتها إذا يلاقي العيون مهدؤها     كأسا بفيها صهباء ، معرقة
                                                          يغلو بأيدي التجار مسبؤها



                                                          معرقة : أي قليلة المزاج أي أنها من جودتها يغلو اشتراؤها واستبأها : مثله . ولا يقال : ذلك إلا في الخمر خاصة ، قال مالك بن أبي كعب :


                                                          بعثت إلى حانوتها ، فاستبأتها     بغير مكاس في السوام ، ولا غصب



                                                          والاسم السباء ، على فعال بكسر الفاء . ومنه سميت الخمر سبيئة . قال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه :


                                                          كأن سبيئة من بيت رأس     يكون مزاجها عسل وماء



                                                          وخبر كأن في البيت الثاني وهو :


                                                          على أنيابها ، أو طعم غض     من التفاح ، هصره اجتناء



                                                          وهذا البيت في الصحاح :


                                                          كأن سبيئة في بيت رأس



                                                          قال ابن بري : وصوابه من بيت رأس ، وهو موضع بالشام . والسباء بياعها . قال خالد بن عبد الله لعمر بن يوسف الثقفي : يا ابن السباء ، حكى ذلك أبو حنيفة . وهي السباء والسبيئة ويسمى الخمار سباء . ابن الأنباري : حكى الكسائي : السبأ الخمر ، واللظأ : الشيء الثقيل : ، حكاهما مهموزين مقصورين . قال : ولم يحكهما غيره ، قال : والمعروف في الخمر السباء ، بكسر السين والمد ، وإذا اشتريت الخمر لتحملها إلى بلد آخر قلت : سبيتها بلا همز . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : أنه دعا بالجفان فسبأ الشراب فيها . قال أبو موسى : المعنى في هذا الحديث فيما قيل : جمعها وخبأها . وسبأته السياط والنار سبأ : لذعته ، وقيل : غيرته ولوحته وكذلك الشمس والسير والحمى كلهن يسبأ الإنسان أي يغيره . وسبأت الرجل سبأ جلدته . وسبأ جلده سبأ : أحرقه ، وقيل : سلخه وانسبأ هو وسبأته بالنار سبأ إذا أحرقته بها . وانسبأ الجلد انسلخ . وانسبأ جلده إذا تقشر . وقال :


                                                          وقد نصل الأظفار وانسبأ الجلد



                                                          وإنك لتريد سبأة أي تريد سفرا بعيدا يغيرك . التهذيب : السبأة : السفر البعيد ، سمي سبأة لأن الإنسان إذا طال سفره سبأته الشمس ولوحته ، وإذا كان السفر قريبا قيل : تريد سربة .

                                                          [ ص: 99 ] والمسبأ : الطريق في الجبل . وسبأ على يمين كاذبة يسبأ سبأ : حلف ، وقيل : سبأ على يمين يسبأ سبأ : مر عليها كاذبا غير مكترث بها . وأسبأ لأمر الله : أخبت . وأسبأ على الشيء : خبت له قلبه . وسبأ : اسم رجل يجمع عامة قبائل اليمن ، يصرف على إرادة الحي ، ويترك صرفه على إرادة القبيلة . وفي التنزيل : لقد كان لسبإ في مسكنهم ؛ وكان أبو عمرو يقرأ : لسبأ . قال :


                                                          من سبأ الحاضرين مأرب ، إذ     يبنون ، من دون سيلها ، العرما



                                                          وقال :


                                                          أضحت ينفرها الولدان من سبإ     كأنهم تحت دفيها ، دحاريج



                                                          وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، يصرف ولا يصرف ، ويمد ولا يمد . وقيل : اسم بلدة كانت تسكنها بلقيس وقوله تعالى : وجئتك من سبإ بنبإ يقين ؛ القراء على إجراء سبإ ، وإن لم يجروه كان صوابا . قال : ولم يجره أبو عمرو بن العلاء . وقال الزجاج : سبأ هي مدينة تعرف بمأرب من صنعاء على مسيرة ثلاث ليال ، ومن لم يصرف فلأنه اسم مدينة ، ومن صرفه فلأنه اسم البلد ، فيكون مذكرا سمي به مذكر . وفي الحديث : ذكر سبأ قال : هو اسم مدينة بلقيس باليمن . وقالوا : تفرقوا أيدي سبا وأيادي سبا فبنوه وليس بتخفيف عن سبإ لأن صورة تحقيقه ليست على ذلك ، وإنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم ، قال :


                                                          من صادر ، أو وارد أيدي سبا



                                                          وقال كثير :


                                                          أيادي سبا ، يا عز ، ما كنت بعدكم     فلم يحل للعينين بعدك منظر



                                                          وضربت العرب بهم المثل في الفرقة لأنه لما أذهب الله عنهم جنتهم وغرق مكانهم تبددوا في البلاد . التهذيب : وقولهم ذهبوا أيدي سبا أي متفرقين ، شبهوا بأهل سبإ لما مزقهم الله في الأرض كل ممزق ، فأخذ كل طائفة منهم طريقا على حدة . واليد الطريق يقال : أخذ القوم يد بحر فقيل للقوم إذا تفرقوا في جهات مختلفة ذهبوا أيدي سبا أي فرقتهم طرقهم التي سلكوها كما تفرق أهل سبإ في مذاهب شتى . والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأنه كثر من كلامهم ، فاستثقلوا فيه الهمزة ، وإن كان أصله مهموزا . وقيل : سبأ اسم رجل ولد عشرة بنين فسميت القرية باسم أبيهم . والسبائية والسبئية من الغلاة وينسبون إلى عبد الله بن سبإ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية