الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سبر ]

                                                          سبر : السبر : التجربة سبر الشيء سبرا حزره وخبره . واسبر لي ما عنده أي اعلمه ، والسبر : استخراج كنه الأمر . والسبر : مصدر سبر الجرح يسبره ويسبره سبرا نظر مقداره وقاسه ليعرف غوره ، ومسبرته : نهايته . وفي حديث الغار : قال له أبو بكر : لا تدخله حتى أسبره قبلك أي أختبره وأعتبره وأنظر هل فيه أحد أو شيء يؤذي . والمسبار والسبار ما سبر به وقدر به غور الجراحات ؛ قال يصف جرحها :


                                                          ترد السبار على السابر



                                                          التهذيب : والسبار فتيلة تجعل في الجرح ؛ وأنشد :


                                                          ترد على السابري السبارا



                                                          وكل أمر زرته فقد سبرته وأسبرته . يقال : حمدت مسبره ومخبره . والسبر والسبر : الأصل واللون والهيئة والمنظر . قال أبو زياد الكلابي : وقفت على رجل من أهل البادية بعد منصرفي من العراق فقال : أما اللسان فبدوي ، وأما السبر فحضري ؛ قال : السبر ، بالكسر ، الزي والهيئة . قال : وقالت بدوية أعجبنا سبر فلان أي حسن حاله وخصبه في بدنه ، وقالت : رأيته سيئ السبر إذا كان شاحبا مضرورا في بدنه ، فجعلت السبر بمعنيين ، ويقال : إنه لحسن السبر إذا كان حسن السحناء والهيئة ؛ والسحناء : اللون . وفي الحديث : يخرج رجل من النار وقد ذهب حبره وسبره ؛ أي هيئته . والسبر : حسن الهيئة والجمال ؛ وفلان حسن الحبر والسبر إذا كان جميلا حسن الهيئة ؛ قال الشاعر :


                                                          أنا ابن أبي البراء ، وكل قوم     لهم من سبر والدهم رداء
                                                          وسبري أنني حر نقي     وأني لا يزايلني الحياء



                                                          والمسبور : الحسن السبر . وفي حديث الزبير أنه قيل : له مر بنيك حتى يتزوجوا في الغرائب فقد غلب عليهم سبر أبي بكر ونحوله ؛ قال ابن الأعرابي : السبر هاهنا الشبه ، قال : وكان أبو بكر دقيق المحاسن نحيف البدن فأمره الرجل أن يزوجهم الغرائب ليجتمع لهم حسن أبي بكر وشدة غيره . ويقال : عرفته بسبر أبيه أي بهيئته وشبهه ؛ وقال الشاعر :


                                                          أنا ابن المضرحي أبي شليل     وهل يخفى على الناس النهار ؟
                                                          علينا سبره ، ولكل فحل     على أولاده منه نجار



                                                          [ ص: 109 ] والسبر أيضا : ماء الوجه ، وجمعها أسبار . والسبر والسبر : حسن الوجه . والسبر : ما استدل به على عتق الدابة أو هجنتها . أبو زيد : السبر ما عرفت به لؤم الدابة أو كرمها أو لونها من قبل أبيها . والسبر أيضا : معرفتك الدابة بخصب أو بجدب . والسبرات : جمع سبرة وهي الغداة الباردة بسكون الباء ، وقيل : هي ما بين السحر إلى الصباح ، وقيل : ما بين غدوة إلى طلوع الشمس . وفي الحديث : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ فسكت ثم وضع الرب تعالى يده بين كتفيه فألهمه إلى أن قال : في المضي إلى الجمعات وإسباغ الوضوء في السبرات ؛ وقال الحطيئة :


                                                          عظام مقيل الهام غلب رقابها     يباكرن حد الماء في السبرات



                                                          يعني شدة برد الشتاء والسنة . وفي حديث زواج فاطمة عليها السلام فدخل عليها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في غداة سبرة ؛ وسبرة بن العوال مشتق منه ، والسبر من أسماء الأسد ، وقال المؤرج في قول الفرزدق :


                                                          بجنبي خلال يدقع الضيم منهم     خوادر في الأخياس ، ما بينها سبر



                                                          قال : معناه ما بينها عداوة . قال : والسبر العداوة ، قال : وهذا غريب . وفي الحديث : لا بأس أن يصلي الرجل وفي كمه سبورة ؛ قيل : هي الألواح من الساج يكتب فيها التذاكير ، وجماعة من أصحاب الحديث يروونها ستورة ، قال : وهو خطأ . والسبرة : طائر تصغيره سبيرة ، وفي المحكم السبر : طائر دون الصقر ، وأنشد الليث :


                                                          حتى تعاوره العقبان والسبر



                                                          والسابري من الثياب الرقاق ؛ قال ذو الرمة :


                                                          فجاءت بنسج العنكبوت كأنه     على عصويها ، سابري مشبرق



                                                          وكل رقيق : سابري . وعرض سابري : رقيق ، ليس بمحقق ، وفي المثل عرض سابري ؛ يقوله من يعرض عليه الشيء عرضا لا يبالغ فيه لأن السابري من أجود الثياب يرغب فيه بأدنى عرض ؛ قال الشاعر :


                                                          بمنزلة لا يشتكي السل أهلها     وعيش كمثل السابري رقيق



                                                          وفي حديث حبيب بن أبي ثابت : رأيت على ابن عباس ثوبا سابريا أستشف ما وراءه . كل رقيق عندهم : سابري ، والأصل فيه الدروع السابرية منسوبة إلى سابور . والسابري : ضرب من التمر ؛ يقال : أجود تمر الكوفة النرسيان والسابري . والسبرور : الفقير كالسبروت ؛ حكاه أبو علي ؛ وأنشد :


                                                          تطعم المعتفين مما لديها     من جناها والعائل السبرورا



                                                          قال ابن سيده : فإذا صح هذا فتاء سبروت زائدة . وسابور : موضع أعجمي معرب ؛ وقوله :


                                                          ليس بجسر سابور أنيس     يؤرقه أنينك ، يا معين



                                                          يجوز أن يكون اسم رجل وأن يكون اسم بلد . والسبارى : أرض ؛ قال لبيد :


                                                          درى بالسبارى حبة إثر مية     مسطعة الأعناق بلق القوادم



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية