الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ستر ]

                                                          ستر : ستر الشيء يستره ويستره سترا وسترا أخفاه ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ويسترون الناس من غير ستر



                                                          والستر ، بالفتح : مصدر سترت الشيء أستره إذا غطيته فاستتر هو . وتستر أي تغطى . وجارية مسترة أي مخدرة . وفي الحديث : إن الله حيي ستير يحب الستر ؛ ستير فعيل بمعنى فاعل أي من شأنه وإرادته حب الستر والصون . وقوله تعالى : جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ؛ قال ابن سيده : يجوز أن يكون مفعولا في معنى فاعل ، كقوله تعالى : إنه كان وعده مأتيا ؛ أي آتيا قال أهل اللغة : مستورا هاهنا بمعنى ساتر وتأويل الحجاب المطيع ؛ و " مستورا " و " مأتيا " حسن ذلك فيهما أنهما رأسا آيتين لأن بعض آي سورة سبحان إنما " ورا ويرا " وكذلك أكثر آيات " كهيعص " إنما هي ياء مشددة . وقال ثعلب : معنى مستورا مانعا ، وجاء على لفظ مفعول لأنه ستر عن العبد ، وقيل : حجابا مستورا أي حجابا على حجاب ، والأول مستور بالثاني ، يراد بذلك كثافة الحجاب لأنه جعل على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا . ورجل مستور وستير أي عفيف والجارية ستيرة ؛ قال الكميت :


                                                          ولقد أزور بها الستي     رة في المرعثة الستائر



                                                          وستره كستره ؛ وأنشد اللحياني :


                                                          لها رجل مجبرة بخب     وأخرى ما يسترها أجاج



                                                          وقد انستر واستتر وتستر ؛ الأول عن ابن الأعرابي . والستر معروف : ما ستر به ، والجمع أستار وستور وستر . وامرأة ستيرة : ذات ستارة . والسترة : ما استترت به من شيء كائنا ما كان ، وهو أيضا الستار والستارة ، والجمع الستائر . والسترة والمستر والستارة والإستار : كالستر ، وقالوا أسوار للسوار ، وقالوا إشرارة لما يشرر عليه الأقط ، وجمعها الأشارير . وفي الحديث : أيما رجل أغلق بابه على امرأة وأرخى دونها إستارة فقد تم صداقها ؛ الإستارة : من الستر ، وهي كالإعظامة في العظامة ؛ قيل : لم تستعمل إلا في هذا الحديث ، وقيل : لم تسمع إلا فيه . قال : ولو روي أستاره جمع ستر لكان حسنا . ابن الأعرابي : يقال : فلان بيني وبينه سترة وودج وصاحن إذا كان سفيرا بينك وبينه . والستر : العقل ، وهو من الستارة والستر . وقد ستر سترا ، فهو ستير وستيرة ، فأما ستيرة فلا تجمع إلا جمع سلامة على ما ذهب إليه سيبويه في هذا النحو ، ويقال : ما لفلان ستر ولا حجر ، فالستر الحياء والحجر العقل . وقال الفراء في قوله عز وجل : هل في ذلك قسم لذي حجر ؛ لذي عقل ؛ قال : وكله يرجع إلى أمر واحد من العقل . قال : والعرب تقول : إنه لذو حجر ؛ إذا كان قاهرا لنفسه ضابطا لها كأنه أخذ من قولك حجرت على الرجل . والستر : الترس ، قال كثير بن مزرد :


                                                          بين يديه ستر كالغربال



                                                          والإستار ، بكسر الهمزة ، من العدد : الأربعة ؛ قال جرير :


                                                          إن الفرزدق والبعيث وأمه     وأبا البعيث لشر ما إستار



                                                          أي شر أربعة ، وما صلة ؛ ويروى :


                                                          وأبا الفرزدق شر ما إستار



                                                          وقال الأخطل :


                                                          لعمرك ! إنني وابني جعيل     وأمهما لإستار لئيم



                                                          وقال الكميت :


                                                          أبلغ يزيد وإسماعيل مألكة     ومنذرا وأباه شر إستار



                                                          وقال الأعشى :


                                                          توفي ليوم وفي ليلة     ثمانين يحسب إستارها



                                                          قال : الإستار رابع أربعة . ورابع القوم : " إستارهم . قال أبو سعيد : سمعت العرب تقول للأربعة إستار لأنه بالفارسية جهار فأعربوه وقالوا إستار ؛ قال الأزهري : وهذا الوزن الذي يقال له الإستار معرب [ ص: 122 ] أيضا أصله جهار فأعرب فقيل إستار ، ويجمع أساتير . وقال أبو حاتم : يقال ثلاثة أساتر ، والواحد إستار . ويقال لكل أربعة : إستار . يقال : أكلت إستارا من خبز أي أربعة أرغفة . الجوهري : والإستار أيضا وزن أربعة مثاقيل ونصف ، والجمع الأساتير . وأستار الكعبة ، مفتوحة الهمزة . والستار : موضع . وهما ستاران ، ويقال لهما أيضا الستاران . قال الأزهري : الستاران في ديار بني سعد واديان يقال لهما السودة يقال لأحدهما : الستار الأغبر ، وللآخر : الستار الجابري ، وفيهما عيون فوارة تسقي نخيلا كثيرة زينة ، منها عين حنيذ وعين فرياض وعين بثاء وعين حلوة وعين ثرمداء ، وهي من الأحساء على ثلاث ليال ؛ والستار الذي في شعر امرئ القيس :


                                                          على الستار فيذبل



                                                          هما جبلان . وستارة : أرض ؛ قال :


                                                          سلاني عن ستارة ، إن عندي     بها علما ، فمن يبغي القراضا
                                                          يجد قوما ذوي حسب وحال     كراما ، حيثما حبسوا مخاضا



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية