الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سته ]

                                                          سته : السته والسته والاست : معروفة ، وهو من المحذوف المجتلبة له ألف الوصل ، وقد يستعار ذلك للدهر ؛ وقوله أنشده ثعلب :


                                                          إذا كشف اليوم العماس عن استه فلا يرتدي مثلي ولا يتعمم



                                                          يجوز أن تكون الهاء فيه راجعة إلى اليوم ، ويجوز أن تكون راجعة إلى رجل مهجو ، والجمع أستاه ، قال عامر بن عقيل السعدي وهو جاهلي :


                                                          رقاب كالمواجن خاظيات     وأستاه على الأكوار كوم



                                                          خاظيات : غلاظ سمان . ويقال : سه وسه في هذا المعنى بحذف العين ؛ قال :


                                                          أدع أحيحا باسمه لا تنسه     إن أحيحا هي صئبان السه



                                                          الجوهري : والاست العجز ، وقد يراد بها حلقة الدبر ، وأصله سته على فعل ، بالتحريك ، يدل على ذلك أن جمعه أستاه مثل جمل وأجمال ، ولا يجوز أن يكون مثل جذع وقفل اللذين يجمعان أيضا على أفعال ، لأنك إذا رددت الهاء التي هي لام الفعل وحذفت العين قلت سه ، بالفتح ؛ قال الشاعر أوس :


                                                          شأتك قعين غثها وسمينها     وأنت السه السفلى ، إذا دعيت نصر



                                                          يقول : أنت فيهم بمنزلة الاست من الناس . وفي الحديث : العين وكاء السه ، بحذف عين الفعل ؛ ويروى : وكاء الست ، بحذف لام الفعل . ويقال للرجل الذي يستذل : أنت الاست السفلى وأنت السه السفلى . ويقال لأرذال الناس : هؤلاء الأستاه ، ولأفاضلهم : هؤلاء الأعيان والوجوه ؛ قال ابن بري : ويقال فيه ست أيضا ، لغة ثالثة ؛ قال ابن رميض العنبري :


                                                          يسيل على الحاذين والست حيضها     كما صب فوق الرجمة الدم ناسك



                                                          وقال أوس بن مغراء :


                                                          لا يمسك الست إلا ريث يرسلها [ ص: 123 ]     إذا ألح على سيسائه العصم



                                                          يعني إذا ألح عليه بالحبل ضرط . قال ابن خالويه : فيها ثلاث لغات : سه وست واست . والسته : عظم الاست . والسته : مصدر الأسته ، وهو الضخم الاست . ورجل أسته : عظيم الاست بين السته إذا كان كبير العجز ، والستاهي والستهم مثله . الجوهري : والمرأة ستهاء وستهم ، والميم زائدة ، وإذا نسبت إلى الاست قلت ستهي بالتحريك ، وإن شئت استي ، تركته على حاله ، وسته أيضا ، بكسر التاء ، كما قالوا حرح . قال ابن بري : رجل حرح أي ملازم للأحراح ، وسته ملازم للأستاه . قال : والسيتهي الذي يتخلف خلف القوم فينظر في أستاههم ؛ قالت العامرية :


                                                          لقد رأيت رجلا دهريا     يمشي وراء القوم سيتهيا



                                                          ودهري : منسوب إلى بني دهر بطن من كلب . والسته : الطالب للاست ، وهو على النسب ، كما يقال رجل حرح . قال ابن سيده : التمثيل لسيبويه . ابن سيده : رجل أسته ، والجمع سته وستهان ؛ هذه عن اللحياني ، وامرأة ستهاء كذلك . ورجل ستهم ، والأنثى ستهمة كذلك ، الميم زائدة . ويقال للواسعة من الدبر : ستهاء وستهم ، وتصغير الاست ستيهة . قال أبو منصور : رجل ستهم إذا كان ضخم الاست ، وستاهي مثله ، والميم زائدة . قال النحويون : أصل الاست سته ، فاستثقلوا الهاء لسكون التاء ، فلما حذفوا الهاء سكنت السين فاحتيج إلى ألف الوصل ، كما فعل بالاسم والابن فقيل الاست ، قال : ومن العرب من يقول : السه ، بالهاء ، عند الوقف يجعل التاء هي الساقطة ، ومنهم من يجعلها هاء عند الوقف وتاء عند الإدراج ، فإذا جمعوا أو صغروا ردوا الكلمة إلى أصلها فقالوا في الجمع أستاه ، وفي التصغير ستيهة ، وفي الفعل سته يسته فهو أسته . وفي حديث الملاعنة : إن جاءت به مستها جعدا فهو لفلان ، وإن جاءت به حمشا فهو لزوجها ؛ أراد بالمسته الضخم الأليتين ، كأنه يقال : أسته فهو مسته ، كما يقال أسمن فهو مسمن ، وهو مفعل من الاست ، قال : ورأيت رجلا ضخم الأرداف كان يقال له أبو الأستاه . وفي حديث البراء : مر أبو سفيان ومعاوية خلفه وكان رجلا مستها . قال أبو منصور : وللعرب في الاست أمثال ، منها ما روي عن أبي زيد تقول العرب : ما لك است مع استك إذا لم يكن له عدد ولا ثروة من مال ، ولا عدة من رجال ، تقول : فاسته لا تفارقه ، وليس له معها أخرى من رجال ومال . قال أبو زيد : وقالت العرب إذا حدث الرجل حديثا فخلط فيه أحاديث الضبع استها وذلك أنها تمرغ في التراب ثم تقعي فتتغنى بما لا يفهمه أحد فذلك أحاديثها استها . والعرب تضع الاست موضع الأصل فتقول ما لك في هذا الأمر است ولا فم أي ما لك فيه أصل ولا فرع ؛ قال جرير :


                                                          فما لكم است في العلا لا ولا فم



                                                          واست الدهر : أول الدهر . أبو عبيدة : يقال : كان ذلك على است الدهر وعلى أس الدهر أي على قدم الدهر ؛ وأنشد الإيادي لأبي نخيلة :


                                                          ما زال مجنونا على است الدهر     ذا حمق ينمي ، وعقل يحري



                                                          أي لم يزل مجنونا دهره كله . ويقال : ما زال فلان على است الدهر مجنونا أي لم يزل يعرف بالجنون . ومن أمثال العرب في علم الرجل بما يليه دون غيره : است البائن أعلم ؛ والبائن : الحالب الذي لا يلي العلبة ، والذي يلي العلبة يقال له : المعلي . ويقال للرجل الذي يستذل ويستضعف : است أمك أضيق واستك أضيق من أن تفعل كذا وكذا . ويقال للقوم إذا استذلوا واستخف بهم : باست بني فلان وهو شتم للعرب ؛ ومنه قول الحطيئة :


                                                          فباست بني عبس وأستاه طيء     وباست بني دودان حاشا بني نصر



                                                          وستهته أستهه ستها : ضربت استه . وجاء يستهه أي يتبعه من خلفه لا يفارقه لأنه يتلو استه ؛ وأما قولالأخطل :


                                                          وأنت مكانك من وائل     مكان القراد من است الجمل



                                                          فهو مجاز لأنهم لا يقولون في الكلام است الجمل . الأزهري : قال شمر : فيما قرأت بخطه : العرب تسمي بني الأمة بني استها ؛ قال : وأقرأني ابن الأعرابي للأعشى :


                                                          أسفها أوعدت يا ابن استها     لست على الأعداء بالقادر



                                                          ويقال للذي ولدته أمة : يا ابن استها ، يعنون است أمة ولدته أنه ولد من استها . ومن أمثالهم في هذا المعنى : يا ابن استها إذا أحمضت حمارها . قال المؤرج : دخل رجل على سليمان بن عبد الملك وعلى رأسه وصيفة روقة فأحد النظر إليها ، فقال له سليمان : أتعجبك ؟ فقال : بارك الله لأمير المؤمنين فيها ! فقال : أخبرني بسبعة أمثال قيلت في الاست وهي لك ، فقال الرجل : است البائن أعلم ، فقال : واحد ، قال : صر عليه الغزو استه ، قال : اثنان ، قال : است لم تعود المجمر ، قال : ثلاثة ، قال : است المسئول أضيق ، قال : أربعة ، قال : الحر يعطي والعبد تألم استه ، قال : خمسة ، قال الرجل : استي أخبثي ، قال : ستة ، قال : لا ماءك أبقيت ولا هنك أنقيت ، قال سليمان : ليس هذا في هذا ، قال : بلى أخذت الجار بالجار كما يأخذ أمير المؤمنين ، وهو أول من أخذ الجار بالجار ، قال : خذها لا بارك الله لك فيها ! قوله : صر عليه الغزو استه لأنه لا يقدر أن يجامع إذا غزا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية