الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سجر ]

                                                          سجر : سجره يسجره سجرا وسجورا وسجره ملأه . وسجرت النهر ملأته . وقوله تعالى : وإذا البحار سجرت ؛ فسره ثعلب : فقال : ملئت ، قال ابن سيده : ولا وجه له إلا أن تكون ملئت نارا . وقوله تعالى : والبحر المسجور ؛ جاء في التفسير : أن البحر يسجر فيكون نار جهنم وسجر يسجر وانسجر : امتلأ . وكان علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، يقول : المسجور بالنار أي مملوء . قال : والمسجور في كلام العرب المملوء . وقد سكرت الإناء وسجرته إذا ملأته ؛ قال لبيد :


                                                          مسجورة متجاورا قلامها



                                                          وقال : في قوله : وإذا البحار سجرت ؛ أفضى بعضها إلى بعض ، فصارت بحرا واحدا . وقال الربيع : سجرت أي فاضت ، وقال قتادة : ذهب ماؤها ، وقال كعب : البحر جهنم يسجر ، وقال الزجاج : قرئ سجرت وسجرت ، ومعنى سجرت فجرت ، وسجرت ملئت ؛ وقيل : جعلت مبانيها نيرانها بها أهل النار ، أبو سعيد : بحر مسجور ومفجور ، ويقال : سجر هذا الماء أي فجره حيث تريد . وسجرت الثماد سجرا ملئت من المطر وكذلك الماء سجرة ، والجمع سجر ، ومنه البحر المسجور . والساجر : الموضع الذي يمر به السيل فيملؤه على النسب أو يكون فاعلا في معنى مفعول ، والساجر : السيل الذي يملأ كل شيء . وسجرت الماء في حلقه : صببته ، قال مزاحم :


                                                          كما سجرت ذا المهد أم حفية     بيمنى يديها من قدي معسل



                                                          القدي : الطيب الطعم من الشراب والطعام . ويقال : وردنا ماء ساجرا إذا ملأ السيل . والساجر الموضع الذي يأتي عليه السيل فيملؤه .

                                                          قال الشماخ :


                                                          وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر     ببطن المراض ، كل حسي وساجر



                                                          وبئر سجر : ممتلئة . والمسجور : الفارغ من كل ما تقدم ، ضد ؛ عن أبي علي . أبو زيد : المسجور يكون المملوء ويكون الذي ليس فيه شيء . الفراء : المسجور اللبن الذي ماؤه أكثر من لبنه . والمسجر : الذي غاض ماؤه . والسجر : إيقادك في التنور تسجره بالوقود سجرا . والسجور : اسم الحطب . وسجر التنور يسجره سجرا : أوقده وأحماه ، وقيل : أشبع وقوده ، والسجور ما أوقد به . والمسجرة : الخشبة التي تسوط بها فيه السجور . وفي حديث عمرو بن العاص : فصل حتى يعدل الرمح ظله ثم اقصر فإن جهنم تسجر وتفتح أبوابها أي توقد ؛ كأنه أراد الإبراد بالظهر لقوله ، صلى الله عليه وسلم : أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم ، وقيل : أراد به ما جاء في الحديث الآخر : إن الشمس إذا استوت قارنها الشيطان فإذا زالت فارقها ؛ فلعل سجر جهنم حينئذ لمقارنة الشيطان الشمس وتهيئته لأن يسجد له عباد الشمس ، فلذلك نهى عن ذلك في ذلك الوقت ؛ قال الخطابي ، رحمه الله تعالى : قوله تسجر جهنم وبين قرني الشيطان وأمثالها من الألفاظ الشرعية التي ينفرد الشارع بمعانيها ويجب علينا التصديق بها والوقوف عند الإقرار بصحتها والعمل بموجبها . وشعر منسجر ومسجور : مسترسل ؛ قال الشاعر :


                                                          إذا ما انثنى شعره المنسجر



                                                          وكذلك اللؤلؤ لؤلؤ مسجور إذا انتثر من نظامه . الجوهري : اللؤلؤ المسجور المنظوم المسترسل ؛ قال المخبل السعدي واسمه ربيعة بن مالك :


                                                          وإذا ألم خيالها طرفت     عيني ، فماء شؤونها سجم
                                                          كاللؤلؤ المسجور أغفل في     سلك النظام ، فخانه النظم



                                                          أي كأن عيني أصابتها طرفة فسالت دموعها منحدرة ، كدر في سلك انقطع فتحدر دره ، والشؤون جمع شأن ، وهو مجرى الدمع إلى العين . وشعر مسجر مرجل . وسجر الشيء سجرا : أرسله ، والمسجر الشعر المرسل ؛ وأنشد :


                                                          إذا ثني فرعها المسجر



                                                          ولؤلؤة مسجورة : كثيرة الماء . الأصمعي : إذا حنت الناقة فطربت في إثر ولدها قيل : سجرت الناقة تسجر سجورا وسجرا ومدت حنينها ؛ قال أبو زبيد الطائي في الوليد بن عثمان بن عفان ، ويروى أيضا للحزين الكناني :


                                                          فإلى الوليد اليوم حنت ناقتي     تهوي لمغبر المتون سمالق
                                                          حنت إلى برق فقلت لها : قري     بعض الحنين فإن سجرك شائقي
                                                          كم عنده من نائل وسماحة     وشمائل ميمونة وخلائق



                                                          قري : هو من الوقار والسكون ، ونصب به بعض الحنين على معنى كفي عن بعض الحنين فإن حنينك إلى وطنك شائقي لأنه مذكر لي أهلي ووطني . والسمالق جمع سملق ، وهي الأرض التي لا نبات [ ص: 128 ] بها . ويروى : قري ، من وقر . وقد يستعمل السجر في صوت الرعد ، والساجر والمسجور : الساكن . أبو عبيد : المسجور الساكن والممتلئ معا . والساجور : القلادة أو الخشبة التي توضع في عنق الكلب . وسجر الكلب والرجل يسجره سجرا : وضع الساجور في عنقه ؛ وحكى ابن جني كلب مسوجر ، فإن صح ذلك فشاذ نادر . أبو زيد : كتب الحجاج إلى عامل له أن ابعث إلي فلانا مسمعا مسوجرا أي مقيدا مغلولا . وكلب مسجور في عنقه ساجور وعين سجراء : بينة السجر إذا خالط بياضها حمرة . التهذيب : السجر والسجرة حمرة في العين في بياضها ، وبعضهم يقول : إذا خالطت الحمرة الزرقة فهي أيضا سجراء ، قال أبو العباس : اختلفوا في السجر في العين فقال بعضهم : هي الحمرة في سواد العين ، وقيل : البياض الخفيف في سواد العين ، وقيل : هي كدرة في باطن العين من ترك الكحل . وفي صفة علي ، عليه السلام ، كان أسجر العين ، وأصل السجر والسجرة الكدرة . ابن سيده : السجر والسجرة أن يشرب سواد العين حمرة ، وقيل : أن يضرب سوادها إلى الحمرة ، وقيل : هي حمرة في بياض ، وقيل : حمرة في زرقة ، وقيل : حمرة يسيرة تمازج السواد ؛ رجل أسجر وامرأة سجراء وكذلك العين . والأسجر : الغدير الحر الطين ؛ قال الشاعر :


                                                          بغريض سارية أدرته الصبا     من ماء أسجر طيب المستنقع



                                                          وغدير أسجر : يضرب ماؤه إلى الحمرة ، وذلك إذا كان حديث عهد بالسماء قبل أن يصفو ؛ ونطفة سجراء ، وكذلك القطرة ، وقيل : سجرة الماء كدرته ، وهو من ذلك . وأسد أسجر : إما للونه ، وإما لحمرة عينيه . وسجير الرجل : خليله وصفيه ، والجمع سجراء . وساجره : صاحبه وصافاه ؛ قال أبو خراش :


                                                          وكنت إذا ساجرت منهم مساجرا     صبحت بفضل في المروءة والعلم



                                                          والسجير : الصديق ، وجمعه سجراء . وانسجرت الإبل في السير تتابعت . والسجر : ضرب من سير الإبل بين الخبب والهملجة . والانسجار : التقدم في السير والنجاء ، وهو بالشين معجمة ، وسيأتي ذكره . والسجوري : الأحمق . والسجوري : الخفيف من الرجال ؛ حكاه يعقوب ؛ وأنشد :


                                                          جاء يسوق العكر الهمهوما     السجوري لا رعى مسيما
                                                          وصادف الغضنفر الشتيما



                                                          والسوجر : ضرب من الشجر ، قيل : هو الخلاف ؛ يمانية والمسجئر : الصلب . وساجر : اسم موضع . قال الراعي :


                                                          ظعن وودعن الجماد ملامة     جماد قسا لما دعاهن ساجر



                                                          والساجور : اسم موضع . وسنجار : موضع ؛ وقول السفاح بن خالد التغلبي :


                                                          إن الكلاب ماؤنا فخلوه     وساجرا والله لن تحلوه



                                                          قال ابن بري : ساجرا اسم ماء يجتمع من السيل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية