الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سحت ]

                                                          سحت : السحت والسحت : كل حرام قبيح الذكر ; وقيل : هو ما خبث من المكاسب وحرم فلزم عنه العار ، وقبيح الذكر ، كثمن الكلب والخمر والخنزير ، والجمع أسحات ; وإذا وقع الرجل فيها ، قيل : قد أسحت الرجل . والسحت : الحرام الذي لا يحل كسبه ؛ لأنه يسحت البركة أي يذهبها . وأسحتت تجارته : خبثت وحرمت . وسحت في تجارته ، وأسحت اكتسب السحت . وسحت الشيء يسحته سحتا : قشره قليلا قليلا . وسحت الشحم عن اللحم : قشرته عنه ، مثل سحفته . والسحت : العذاب . وسحتناهم : بلغنا مجهودهم في المشقة عليهم . وأسحتناهم : لغة . وأسحت الرجل : استأصل ما عنده . وقوله عز وجل : فيسحتكم بعذاب ; قرئ فيسحتكم بعذاب ، يسحتكم ، بفتح الياء والحاء ; ويسحت : أكثر . فيسحتكم : يقشركم ; ويسحتكم : يستأصلكم . وسحت الحجام الختان سحتا ، وأسحته : استأصله ، وكذلك أغدفه . يقال : إذا ختنت فتغدف ، ولا تسحت . وقال اللحياني : سحت رأسه سحتا وأسحته : استأصله حلقا . وأسحت ماله : استأصله وأفسده ; قال الفرزدق :


                                                          وعض زمان ، يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتا أو مجلف



                                                          قال : والعرب تقول سحت وأسحت ، ويروى : إلا مسحت أو مجلف ، ومن رواه كذلك ، جعل معنى لم يدع ، لم يتقار ومن رواه : إلا مسحتا ، جعل لم يدع ، بمعنى لم يترك ، ورفع قوله : أو مجلف بإضمار ؛ كأنه قال : أو هو مجلف ; قال الأزهري : وهذا هو قول الكسائي . ومال مسحوت ومسحت أي مذهب . والسحيتة من السحاب : التي تجرف ما مرت به . ويقال : مال فلان سحت أي لا شيء على من استهلكه ; ودمه سحت أي لا شيء على من سفكه ، واشتقاقه من السحت ، وهو الإهلاك والاستئصال . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أحمى لجرش حمى ، . وكتب لهم بذلك كتابا فيه : فمن رعاه من الناس فماله سحت أي هدر . وقرئ : أكالون للسحت ; مثقلا ومخففا ، وتأويله أن الرشى التي يأكلونها ، يعاقبهم الله بها ، أن يسحتهم بعذاب ، كما قال الله عز وجل : لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب ; وفي حديث ابن رواحة وخرص النخل ، أنه قال ليهود خيبر ، لما أرادوا أن يرشوه : أتطعموني السحت أي الحرام ; سمى الرشوة في الحكم سحتا . وفي الحديث : يأتي على الناس زمان يستحل فيه كذا وكذا . والسحت : الهدية أي الرشوة في الحكم والشهادة ونحوهما ، ويرد في الكلام على المكروه مرة ، وعلى الحرام أخرى ، ويستدل عليه بالقرائن ، وقد تكرر في الحديث . وأسحت الرجل ، على صيغة فعل المفعول : ذهب ماله ; عن اللحياني . والسحت : شدة الأكل والشرب . ورجل سحت وسحيت ومسحوت : رغيب ، واسع الجوف ، لا يشبع ; وفي الصحاح : رجل مسحوت الجوف لا يشبع ; وقيل : المسحوت الجائع ، والأنثى مسحوتة بالهاء . وقال رؤبة يصف يونس ، صلوات الله على نبينا وعليه ، والحوت الذي التهمه :


                                                          يدفع عنه جوفه المسحوت



                                                          يقول : نحى الله ، عز وجل ، جوانب جوف الحوت عن يونس وجافاه عنه ، فلا يصيبه منه أذى ; ومن رواه : يدفع عنه جوفه المسحوت يريد أن جوف الحوت صار وقاية له من الغرق ، وإنما دفع الله عنه . قال ابن الفرج : سمعت شجاعا السلمي يقول : برد بحت ، وسحت ، ولحت أي صادق ؛ مثل ساحة الدار وباحتها . والسحلوت : الماجنة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية