الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سخن ]

                                                          سخن : السخن : بالضم : الحار ضد البارد ، سخن الشيء والماء ، بالضم ، وسخن ، بالفتح ، وسخن الأخيرة لغة بني عامر سخونة وسخانة وسخنة وسخنا وسخنا وأسخنه إسخانا وسخنه وسخنت الأرض وسخنت وسخنت عليه الشمس ; عن [ ص: 147 ] ابن الأعرابي ، قال : وبنو عامر يكسرون . وفي حديث معاوية بن قرة : شر الشتاء السخين أي الحار الذي لا برد فيه . قال : والذي جاء في غريب الحربي : شر الشتاء السخيخين ، وشرحه أنه الحار الذي لا برد فيه ، قال : ولعله من تحريف النقلة . وفي حديث أبي الطفيل أقبل رهط معهم امرأة فخرجوا وتركوها مع أحدهم فشهد عليه رجل منهم فقال : رأيت سخينته تضرب استها يعني بيضتيه لحرارتهما . وفي حديث واثلة أنه ، عليه السلام ، دعا بقرص فكسره في صحفة ثم صنع فيها ماء سخنا ; ماء سخن : بضم السين وسكون الخاء . أي حار وماء سخين ومسخن وسخين وسخاخين : سخن وكذلك طعام سخاخين . ابن الأعرابي : ماء مسخن وسخين مثل مترص وتريص ومبرم وبريم ; وأنشد لعمرو بن كلثوم :


                                                          مشعشعة كأن الحص فيها إذا ما الماء خالطها سخينا



                                                          قال : وقول من قال : جدنا بأموالنا فليس بشيء ; قال ابن بري : يعني أن الماء الحار إذا خالطها اصفرت ، قال : وهذا هو الصحيح ; وكان الأصمعي يذهب إلى أنه من السخاء لأنه يقول بعد هذا البيت :


                                                          ترى اللحز الشحيح ، إذا أمرت     عليه لماله فيها مهينا



                                                          قال : وليس كما ظن لأن ذلك لقب لها وذا نعت لفعلها ، قال : وهو الذي عناه . ابن الأعرابي : بقوله وقول من قال : جدنا بأموالنا ليس بشيء ؛ لأنه كان ينكر أن يكون فعيل بمعنى مفعل ، ليبطل به قول ابن الأعرابي في صفته : الملدوغ سليم ؛ إنه بمعنى مسلم لما به . قال : وقد جاء ذلك كثيرا أعني فعيلا ، بمعنى مفعل مثل مسخن وسخين ومترص وتريص ، وهي ألفاظ كثيرة معدودة . يقال : أعقدت العسل فهو معقد وعقيد ، وأحبسته فرسا في سبيل الله فهو محبس وحبيس ، وأسخنت الماء فهو مسخن وسخين ، وأطلقت الأسير فهو مطلق وطليق وأعتقت العبد فهو معتق وعتيق وأنقعت الشراب فهو منقع ونقيع وأحببت الشيء فهو محب وحبيب وأطردته فهو مطرد وطريد أي أبعدته ، وأوجحت الثوب إذا أصفقته فهو موجح ووجيح ، وأترصت الثوب أحكمته فهو مترص وتريص وأقصيته فهو مقصى وقصي وأهديت إلى البيت هديا فهو مهدى وهدي وأوصيت له فهو موصى ووصي وأجننت الميت فهو مجن وجنين ويقال : لولد الناقة الناقص الخلق مخدج وخديج قال : ذكره الهروي وكذلك مجهض وجهيض إذا ألقته من شدة السير وأبرمت الأمر فهو مبرم وبريم ، وأبهمته فهو مبهم وبهيم وأيتمه الله فهو موتم ويتيم ، وأنعمه الله فهو منعم ونعيم ، وأسلم الملسوع لما به فهو مسلم وسليم ، وأحكمت الشيء فهو محكم وحكيم ; ومنه قوله عز وجل : تلك آيات الكتاب الحكيم ; وأبدعته فهو مبدع وبديع وأجمعت الشيء فهو مجمع وجميع وأعتدته بمعنى أعددته فهو معتد وعتيد وقال الله عز وجل : هذا ما لدي عتيد ; أي معتد معد يقال : أعددته وأعتدته بمعنى وأحنقت الرجل أغصبته فهو محنق وحنيق ; قال الشاعر :


                                                          تلاقينا بغينة ذي طريف     وبعضهم على بعض حنيق



                                                          وأفردته فهو مفرد وفريد ، وكذلك محرد وحريد بمعنى مفرد وفريد ، قال : وأما فعيل بمعنى مفعل فمبدع وبديع ، ومسمع وسميع ، ومونق وأنيق ، ومؤلم وأليم ، ومكل وكليل ، قال الهذلي :


                                                          حتى شآها كليل موهنا عمل



                                                          غيره وماء سخاخين على فعاليل ، بالضم ، وليس في الكلام غيره . أبو عمرو : ماء سخيم وسخين للذي ليس بحار ولا بارد ; وأنشد :


                                                          إن سخيم الماء لن يضيرا



                                                          وتسخين الماء وإسخانه بمعنى . ويوم سخاخين : مثل سخن ; فأما ما أنشده ابن الأعرابي من قوله :


                                                          أحب أم خالد وخالدا     حبا سخاخينا وحبا باردا



                                                          فإنه فسر السخاخين بأنه المؤذي الموجع ، وفسر البارد بأنه الذي يسكن إليه قلبه ، قال كراع : ولا نظير لسخاخين . وقد سخن يومنا وسخن يسخن ، وبعض يقول يسخن ، وسخن سخنا وسخنا . ويوم سخن وساخن وسخنان وسخنان : حار . وليلة سخنة وساخنة وسخنانة وسخنانة وسخنانة ، وسخنت النار والقدر تسخن سخنا وسخونة ، وإني لأجد في نفسي سخنة وسخنة وسخنة وسخنة ، بالتحريك ، وسخناء : ممدود ، وسخونة أي حرا أو حمى ، وقيل : هي فضل حرارة يجدها من وجع . ويقال : عليك بالأمر عند سخنته أي في أوله قبل أن يبرد . وضرب سخين : حار مؤلم شديد ; قال ابن مقبل :


                                                          ضرب تواصت به الأبطال سخينا



                                                          والسخينة : التي ارتفعت عن الحساء وثقلت عن أن تحسى ، وهي طعام يتخذ من الدقيق دون العصيدة في الرقة وفوق الحساء ، وإنما يأكلون السخينة والنفيتة في شدة الدهر وغلاء السعر وعجف المال . قال الأزهري : وهي السخونة أيضا . وروي عن أبي الهيثم أنه كتب عن أعرابي قال : السخينة دقيق يلقى على ماء أو لبن فيطبخ ثم يؤكل بتمر أو يحسى ، وهو الحساء . غيره : السخينة تعمل من دقيق وسمن . وفي حديث فاطمة ، عليها السلام : أنها جاءت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ببرمة فيها سخينة أي طعام حار ، وقيل : هي طعام يتخذ من دقيق وسمن ، وقيل : دقيق وتمر أغلظ من الحساء وأرق من العصيدة ، وكانت قريش تكثر من أكلها فعيرت بها حتى سموا سخينة . وفي الحديث : أنه دخل على عمه حمزة فصنعت لهم سخينة فأكلوا منها . وفي حديث معاوية : أنه مازح الأحنف بن قيس فقال : ما الشيء الملفف في البجاد ؟ قال : هو السخينة يا أمير المؤمنين ; الملفف في البجاد : وطب اللبن يلف فيه ليحمى ويدرك ، وكانت تميم تعير به . والسخينة : الحساء المذكور ، يؤكل في الجدب ، وكانت قريش تعير بها ؛ فلما مازحه معاوية بما يعاب به قومه مازحه الأحنف بمثله . والسخون من المرق : ما يسخن ; وقال :


                                                          يعجبه السخون والعصيد [ ص: 148 ]     والتمر حبا ما له مزيد



                                                          ويروى : حتى ما له مزيد . وسخينة : لقب قريش لأنها كانت تعاب بأكل السخينة ; قال كعب بن مالك :


                                                          زعمت سخينة أن ستغلب ربها     وليغلبن مغالب الغلاب



                                                          والمسخنة من البرام : القدر التي كأنها تور ; ابن شميل : هي الصغيرة التي يطبخ فيها للصبي . وفي الحديث : قال له رجل يا رسول الله ، هل أنزل عليك طعام من السماء ؟ فقال : نعم أنزل علي طعام في مسخنة ; قال : هي قدر كالتور يسخن فيها الطعام . وسخنة العين : نقيض قرتها ، وقد سخنت عينه ، بالكسر ، تسخن سخنا وسخنة وسخونا وأسخنها وأسخن بها ; قال :


                                                          أوه أديم عرضه ، وأسخن     بعينه بعد هجوع الأعين



                                                          ورجل سخين العين ، وأسخن الله عينه أي أبكاه . وقد سخنت عينه سخنة وسخونا ، ويقال : سخنت وهي نقيض قرت ، ويقال : سخنت عينه من حرارة تسخن سخنة ; وأنشد :


                                                          إذا الماء من حالبيه سخن



                                                          قال : وسخنت الأرض وسخنت ، وأما العين فبالكسر لا غير . والتساخين : المراجل ، لا واحد لها من لفظها ; قال ابن دريد : إلا أنه قد يقال تسخان ، قال : ولا أعرف صحة ذلك . وسخنت الدابة إذا أجريت فسخن عظامها وخفت في حضرها ; ومنه قول لبيد :


                                                          رفعتها طرد النعام وفوقه     حتى إذا سخنت وخف عظامها



                                                          ويروى سخنت ، بالفتح والضم ، والتساخين : الخفاف ، لا واحد لها مثل التعاشيب . وقال ثعلب : ليس للتساخين واحد من لفظها كالنساء لا واحد لها ، وقيل : الواحد تسخان وتسخن . وفي الحديث : أنه ، صلى الله عليه وسلم ، بعث سرية فأمرهم أن يمسحوا على المشاوذ والتساخين ; المشاوذ : العمائم ، والتساخين : الخفاف . قال ابن الأثير : وقال حمزة الأصبهاني في كتاب الموازنة : التسخان تعريب تشكن ، وهو اسم غطاء من أغطية الرأس ، كان العلماء والموابذة يأخذونه على رءوسهم خاصة دون غيرهم ، قال : وجاء ذكر التساخين في الحديث فقال من تعاطى تفسيره هو الخف حيث لم يعرف فارسيته والتاء فيه زائدة . والسخاخين المساحي ، واحدها سخين ، بلغة عبد القيس ، وهي مسحاة منعطفة . والسخين : مر المحراث ; عن ابن الأعرابي يعني ما يقبض عليه الحراث منه ; ابن الأعرابي : هو المعزق والسخين ، ويقال للسكين السخينة والشلقاء ، قال : والسخاخين سكاكين الجزار .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية