الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سعر ]

                                                          سعر : السعر : الذي يقوم عليه الثمن ، وجمعه أسعار ، وقد أسعروا سعروا بمعنى واحد اتفقوا على سعر . وفي الحديث : أنه قيل للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، سعر لنا فقال : إن الله هو المسعر ; أي أنه هو الذي يرخص الأشياء ويغليها فلا اعتراض لأحد عليه ، ولذلك لا يجوز التسعير . والتسعير : تقدير السعر . وسعر النار والحرب يسعرهما سعرا وأسعرهما وسعرهما : أوقدهما وهيجهما . واستعرت وتسعرت : استوقدت . ونار سعير : مسعورة ، بغير هاء ; عن اللحياني . وقرئ : وإذا الجحيم سعرت ; وسعرت أيضا . والتشديد للمبالغة ، وقوله تعالى : وكفى بجهنم سعيرا ; قال الأخفش : هو مثل دهين وصريع لأنك تقول سعرت فهي مسعورة ، ومنه قوله تعالى : فسحقا لأصحاب السعير ; أي بعدا لأصحاب النار . ويقال للرجل إذا ضربته السموم فاستعر جوفه : به سعار . وسعار العطش : التهابه . والسعير والساعورة : النار ، وقيل : لهبها . والسعار والسعر : حرها ، والمسعر والمسعار : ما سعرت به . ويقال لما تحرك به النار من حديد أو خشب : مسعر ومسعار ، ويجمعان على مساعير ، ومساعر . ومسعر الحرب : موقدها . يقال : رجل مسعر حرب إذا كان يؤرثها أي تحمى به الحرب . وفي حديث أبي بصير : ويل أمه ! مسعر حرب لو كان له أصحاب ; يصفه بالمبالغة في الحرب والنجدة . ومنه حديث خيفان : وأما هذا الحي من همدان فأنجاد بسل مساعير غير عزل . والساعور : كهيئة التنور يحفر في الأرض ويختبز فيه . ورمي سعر : يلهب الموت ، وقيل : يلقي قطعة من اللحم إذا ضربه . وسعرناهم بالنبل أحرقناهم وأمضضناهم . ويقال : ضرب هبر وطعن نتر ورمي سعر مأخوذ من سعرت النار والحرب إذا هيجتهما . وفي حديث علي ، رضي الله عنه يحث أصحابه : اضربوا هبرا وارموا سعرا أي رميا سريعا ، شبهه باستعار النار . وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها : كان لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وحش فإذا خرج من البيت أسعرنا قفزا أي ألهبنا وآذانا . والسعار : حر النار . ونسعر الليل بالمطي سعرا : قطعه . وسعرت اليوم في حاجتي سعرة أي طفت . ابن السكيت : وسعرت الناقة إذا أسرعت في سيرها ، فهي سعور . وقال أبو عبيدة : في كتاب الخيل فرس مسعر ومساعر وهو الذي يطيح قوائمه متفرقة ولا صبر له ، وقيل : وثب مجتمع القوائم السعران شدة العدو والجمزان : من الجمز ، والفلتان : النشيط . وسعر القوم شرا وأسعرهم وسعرهم : عمهم به ، على المثل ، وقال الجوهري : لا يقال : أسعرهم . وفي حديث السقيفة : ولا ينام الناس من سعاره أي من شره . وفي حديث عمر : أنه أراد أن يدخل الشام وهو يستعر طاعونا ; استعار استعار النار لشدة الطاعون يريد كثرته وشدة تأثيره ، وكذلك يقال في كل أمر شديد ، وطاعونا منصوب على التمييز ؛ كقوله تعالى : واشتعل الرأس شيبا ; واستعر اللصوص : اشتعلوا . والسعرة والسعر : لون يضرب إلى السواد فويق الأدمة ; ورجل أسعر وامرأة سعراء ; قال العجاج :


                                                          أسعر ضربا أو طوالا هجرعا



                                                          [ ص: 189 ] يقال : سعر فلان يسعر سعرا ، فهو أسعر ، وسعر الرجل سعارا ، فهو مسعور : ضربته السموم . والسعار : شدة الجوع . وسعار الجوع : لهيبه ; أنشد ابن الأعرابي لشاعر يهجو رجلا :


                                                          تسمنها بأخثر حلبتيها     ومولاك الأحم له سعار



                                                          وصفه بتغزير حلائبه وكسعه ضروعها بالماء البارد ليرتد لبنها ليبقى لها طرقها في حال جوع ابن عمه الأقرب منه ; والأحم : الأدنى الأقرب ، والحميم : القريب القرابة . ويقال : سعر الرجل ؛ فهو مسعور إذا اشتد جوعه وعطشه . والسعر : شهوة مع جوع . والسعر والسعر : الجنون ، وبه فسر الفارسي قوله تعالى : إن المجرمين في ضلال وسعر ; قال : لأنهم إذا كانوا في النار لم يكونوا في ضلال لأنه قد كشف لهم ؛ وإنما وصف حالهم في الدنيا ; يذهب إلى أن السعر هنا ليس جمع سعير الذي هو النار . وناقة مسعورة : كأن بها جنونا من سرعتها ، كما قيل لها هوجاء . وفي التنزيل حكاية عن قوم صالح : أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر ; معناه إنا إذا لفي ضلال وجنون ، وقال الفراء : هو العناء والعذاب ، وقال ابن عرفة : أي في أمر يسعرنا أي يلهبنا ; قال الأزهري : ويجوز أن يكون معناه إنا إن اتبعناه وأطعناه فنحن في ضلال وفي عذاب مما يلزمنا ; قال وإلى هذا مال الفراء ; وقول الشاعر :


                                                          وسامى بها عنق مسعر



                                                          قال الأصمعي : المسعر الشديد . أبو عمرو : المسعر الطويل . ومساعر البعير : آباطه وأرفاغه حيث يستعر فيه الجرب ; ومنه قول ذي الرمة :


                                                          قريع هجان دس منه المساعر



                                                          والواحد مسعر . واستعر فيه الجرب : ظهر منه بمساعره . ومسعر البعير : مستدق ذنبه . والسعرارة والسعرورة : شعاع الشمس الداخل من كوة البيت ، وهو أيضا الصبح ، قال الأزهري : هو ما تردد في الضوء الساقط في البيت من الشمس ، وهو الهباء المنبث . . ابن الأعرابي : السعيرة تصغير السعرة ، وهي السعال الحاد . ويقال هذا سعرة الأمر وسرحته وفوعته : لأوله وحدته . أبو يوسف : استعر الناس في كل وجه واستنجوا إذا أكلوا الرطب وأصابوه ; والسعير في قول رشيد بن رميض العنزي :


                                                          حلفت بمائرات حول عوض     وأنصاب تركن لدى السعير



                                                          قال ابن الكلبي : هو اسم صنم كان لعنزة خاصة ، وقيل : عوض صنم لبكر بن وائل . والمائرات : هي دماء الذبائح حول الأصنام . وسعر وسعير ومسعر وسعران : أسماء ، مسعر بن كدام المحدث ؛ جعله أصحاب الحديث مسعر ، بالفتح ، للتفاؤل ; الأسعر الجعفي : سمي بذلك لقوله :


                                                          فلا تدعني الأقوام من آل مالك     إذا أنا لم أسعر عليهم وأثقب



                                                          واليستعور الذي في شعر عروة : موضع ، ويقال شجر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية