الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال : وهي على ثلاث درجات . الدرجة الأولى : ذهاب عن العادات بصحة العلم . والتعلق بأنفاس السالكين ، مع صدق القصد . وخلع كل شاغل من الإخوان . ومشتت من الأوطان .

هذا يوافق من حد الإرادة بأنها : مخالفة العادة . وهي ترك عوائد النفس [ ص: 353 ] وشهواتها ، ورعوناتها وبطالاتها . ولا يمكن ذلك إلا بهذه الأشياء التي أشار إليها . وهي : صحبة العلم ومعانقته . فإنه النور الذي يعرف العبد مواقع ما ينبغي إيثار طلبه . وما ينبغي إيثار تركه . فمن لم يصحبه العلم : لم تصح له إرادة باتفاق كلمة الصادقين . ولا عبرة بقطاع الطريق .

وقال بعضهم : متى رأيت الصوفي الفقير يقدح في العلم . فاتهمه على الإسلام .

ومنها : التعلق بأنفاس السالكين . ولا ريب أن كل من تعلق بأنفاس قوم انخرط في مسلكهم . ودخل في جماعتهم .

وقال أنفاس السالكين ولم يقل : أنفاس العابدين . فإن العابدين من شأنهم القيام بالأعمال . وشأن السالكين مراعاة الأحوال .

وقوله : مع صدق القصد .

يكون بأمرين . أحدهما : توحيده . والثاني : توحيد المقصود . فلا يقع في قصدك قسمة . ولا في مقصودك .

وقوله : وخلع كل شاغل من الإخوان ، ومشتت من الأوطان .

يشير إلى ترك الموانع ، والقواطع العائقة عن السلوك : من صحبة الأغيار ، والتعلق بالأوطان ، التي ألف فيها البطالة والنذالة . فليس على المريد الصادق أضر من عشرائه ووطنه ، القاطعين له عن سيره إلى

التالي السابق


الخدمات العلمية