الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سفا ]

                                                          سفا : السفا الخفة في كل شيء ، وهو الجهل . والسفا ، مقصور : خفة شعر الناصية ، زاد الجوهري : في الخيل ، وليس بمحمود ، وقيل : قصرها وقلتها . يقال : ناصية فيها سفا . وفرس أسفى إذا كان خفيف الناصية . وأنشد أبو عبيد لسلامة بن جندل :


                                                          ليس بأسفى ولا أقنى ولا سغل يسقى دواء قفي السكن مربوب

                                                          والأنثى سفواء . وقال ثعلب : هو السفاء ، ممدود ; وأنشد :


                                                          قلائص في ألبانهن سفاء

                                                          أي : في عقولهن خفة ، استعاره للبن أي : فيه خفة . ابن الأعرابي : سفا إذا ضعف عقله ، وسفا إذا خف روحه ، وسفا إذا تعبد وتواضع لله ، وسفا إذا رق شعره وجلح ، لغة طيئ . الجوهري : الأصمعي الأسفى من الخيل القليل الناصية ، والأسفى من البغال السريع ; قال : ولا يقال لشيء أسفى لخفة ناصيته إلا للفرس . قال ابن بري : الصحيح عن الأصمعي أنه قال : الأسفى من الخيل الخفيف الناصية ، ولا يقال للأنثى : سفواء . والسفواء في البغال : السريعة ، ولا يقال للذكر : أسفى . قال : وقول الجوهري في حكايته عن الأصمعي الأسفى من البغال السريع ليس بصحيح ; قال : ومما يشهد بأنه يقال للفرس الخفيفة الناصية : سفواء قول الشاعر :


                                                          بل ذات أكرومة تكنفها ال [ ص: 205 ]     أحجار مشهورة مواسمها
                                                          ليست بشامية النحاس ولا     سفواء مضبوحة معاصمها

                                                          وبغلة سفواء : خفيفة سريعة مقتدرة الخلق ملززة الظهر ، وكذلك الأتان الوحشية . قال دكين بن رجاء الفقيمي في عمر بن هبيرة ، وكان على بغلة معتجرا ببرد رفيع ، فقال على البديهة :


                                                          جاءت به معتجرا ببرده     سفواء تردي بنسيج وحده
                                                          مستقبلا حد الصبا بحده     كالسيف سل نصله من غمده
                                                          خير أمير جاء من معده     من قبله أو رافد من بعده
                                                          فكل قيس قادح من زنده     يرجون رفع جدهم بجده
                                                          فإن ثوى ثوى الندى في لحده     واختشعت أمته لفقده

                                                          قال أبو عبيدة في قوله سفواء في البيت : إنها الخفيفة الناصية ، وذلك مما تمدح به البغال . وأنكر هذا الأصمعي وقال : سفواء هنا بمعنى : سريعة لا غير ، وقال في موضع آخر : ويستحب السفا في البغال ويكره في الخيل . والأسفى : الذي تنزعه شعرة بيضاء كميتا كان أو غير ذلك ; عن ابن الأعرابي ، وخص مرة به السفا الذي هو بياض الشعر الأدهم والأشقر ، والصفة كالصفة في الذكر والأنثى . وسفا في مشيه وطيرانه يسفو سفوا : أسرع . وسفت الريح التراب تسفيه سفيا : ذرته ، وقيل : حملته فهو سفي ، وتسفي الورق اليبس سفيا . وتراب ساف : مسفي ، على النسب أو يكون فاعلا في معنى مفعول . وحكى ابن الأعرابي : سفت الريح وأسفت فلم يعد واحدا منهما . والسافياء : الريح التي تحمل ترابا كثيرا على وجه الأرض تهجمه على الناس ; قال أبو دواد :


                                                          ونؤي أضر به السافياء     كدرس من النون حين امحى

                                                          قال : والسفى هو اسم كل ما سفت الريح من كل ما ذكرت . ويقال : السافياء التراب يذهب مع الريح ، وقيل : السافياء الغبار فقط . أبو عمرو : السفى اسم التراب وإن لم تسفه الريح والسفاة أخص منه ; وأنشد ابن بري :


                                                          فلا تلمس الأفعى يداك تريدها     ودعها إذا ما غيبتها سفاتها

                                                          وفي حديث كعب : قال لأبي عثمان النهدي : إلى جانبكم جبل مشرف على البصرة يقال له : سنام ، قال : نعم ، قال : فهل إلى جانبه ماء كثير السافي ؟ قال : نعم ، قال : فإنه أول ما يرده الدجال من مياه العرب ) . السافي : الريح التي تسفي التراب ، وقيل للتراب الذي تسفيه الريح أيضا : ساف أي : مسفي كماء دافق أي : مدفوق ، والماء السافي الذي ذكره هو سفوان ، وهو على مرحلة من باب المربد بالبصرة . قال غيره : سفوان ، بالتحريك ، موضع قرب البصرة ; قال نافع بن لقيط ، وقيل : هو لمنظور بن مرثد :


                                                          جارية بسفوان دارها     تمشي الهوينا ساقطا خمارها
                                                          قد أعصرت أو قد دنا إعصارها

                                                          والسفى : التراب ، وخص ابن الأعرابي به التراب المخرج من البئر أو القبر ; أنشد ثعلب لكثير :


                                                          وحال السفى بيني وبينك والعدا     ورهن السفا غمر النقيبة ماجد

                                                          قال : السفى هنا تراب القبر ، والعدا الحجارة والصخور تجعل على القبر ; وقال أبو ذؤيب الهذلي يصف القبر وحفاره :


                                                          وقد أرسلوا فراطهم فتأثلوا     قليبا سفاها كالإماء القواعد

                                                          قوله : سفاها الهاء فيه للقليب ، أراد أيضا تراب القبر شبهه بالإماء القواعد ، ووجه ذلك أن الأمة تقعد مستوفزة للعمل ، والحرة تقعد مطمئنة متربعة ، وقيل : شبه التراب في لينه بالإماء القواعد ، وهن اللواتي قعدن عن الولد فاجتمع عليهن ذلة الرق والقعود فلن وذللن ، واحدته سفاة . ابن السكيت : السفى جمع سفاة ، وهي تراب القبور والبئر . والسفى : ما سفت الريح عليك من التراب ، وفعل الريح السفي . والسوافي من الرياح : اللواتي يسفين التراب . والسفى : السحاب . والسفى : شوك البهمى والسنبل وكل شيء له شوك . وقال ثعلب : هي أطراف البهمى ، والواحدة من كل ذلك سفاة . وأسفت البهمى : سقط سفاها . وسفي الرجل سفى : مثل سفه سفها وسفاء مثل سفه سفاها ; أنشد ثعلب :


                                                          لها منطق لا هذريان طمى به     سفاء ولا بادي الجفاء جشيب

                                                          والسفي : كالسفيه . وأسفى الرجل إذا أخذ السفى ، وهو شوك البهمى ، وأسفى إذا نقل السفى ، وهو التراب ، وأسفى إذا صار سفيا أي : سفيها . وقال اللحياني : يقال للسفيه : سفي بين السفاء ، ممدود . وسافاه مسافاة وسفاء إذا سافهه ; وقال :


                                                          إن كنت سافي أخا تميم     فجيء بعلجين ذوي وزيم
                                                          بفارسي وأخ للروم     كلاهما كالجمل المخزوم

                                                          ويروى : المحجوم ; قال ابن بري : ويروى :


                                                          إن سرك الري أخا تميم

                                                          والوزيم : اكتناز اللحم . وأسفى الزرع إذا خشن أطراف سنبله . والسفاء ، بالمد : الطيش والخفة . قال ابن الأعرابي : السفاء من السفى كالشقاء من الشقى ; قال الشاعر :


                                                          فيا بعد ذاك الوصل إن لم تدانه [ ص: 206 ]     قلائص في آباطهن سفاء

                                                          وأسفاه الأمر : حمله على الطيش والخفة ; وأنشد لعمرو بن قميئة :


                                                          يا رب من أسفاه أحلامه     إن قيل يوما إن عمرا سكور

                                                          أي : أطاشه حلمه فغره وجرأه . وأسفى الرجل بصاحبه : أساء إليه ولعله من هذا الذي هو الطيش والخفة ; قال ذو الرمة :


                                                          عفت وعهودها متقادمات     وقد يسفي بك العهد القديم

                                                          كذا رواه أبو عمرو يسفي بك ، وغيره يرويه يبقى لك . والسفاء : انقطاع لبن الناقة ; قال :


                                                          وما هي إلا أن تقرب وصلها     قلائص في ألبانهن سفاء

                                                          وسفيان وسفيان وسفيان : اسم رجل ، يكسر ويفتح ويضم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية