الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) قال ابن سهل : تنازع بنو حفص في العرصة التي بينهم ودعت أميرة إلى القسم بعد أن أثبتت موت حفص ووراثته وملكه للعرصة وأنه أورثها ورثته وادعت أن آمنة اشترت حصة أخيها عبد الحميد فطلبت الشفعة وأنكر عبد الحميد وآمنة التبايع ، قال ابن لبابة على عبد الحميد : اليمين أنه ما باع حصته من أخته آمنة فإذا حلف وجب القسم وسقطت دعوى الشفعة وإن نكل لم تجب الشفعة حتى تحلف آمنة أنها لم تشتر فإذا حلفت سقطت أيضا الشفعة بينهما وإن نكلت مع نكول عبد الحميد حلفت أميرة أنهما تبايعا بثمن كذا فإذا حلفت وجب لها الشفعة ، وقال أيوب لا يمين على عبد الحميد ولا على آمنة ; لأن المدعي البيع قال لعبد الحميد : إنك قد بعت من آمنة ، فقال عبد الحميد : لم أبع ولكن وهبت لله تعالى ، وقالت آمنة : لم أبتع ولم أهب فلا يمين على واحد منهما حتى يأتي بسبب بيع أو هبة فتجب اليمين ; ولأن [ ص: 327 ] المدعى عليهما التبايع قد تنافيا وتناكرا ما ادعي عليهما فهذا أبعد في إيجاب اليمين ، وقاله محمد بن الوليد ومحمد بن عمر بن لبابة وأحمد بن يحيى وعبد الله بن يحيى ، قال القاضي : كذا وقع في الأصل بتكرار ابن لبابة فإن كان صحيحا فهو رجوع عن جوابه الأول خطأ والصواب ما قاله أبو محمد صالح ; لأن المستشفع منه إذا أنكر الابتياع والهبة وانتفى من ملك الشقص المستشفع فيه سقط بطلب الشفيع ، انتهى .

                                                                                                                            وجواب ابن لبابة الأول واضح ; إذ قد يكون لهما غرض في إنكار البيع كجعلهما حيلة تسقط بها الشفعة في رأي بعض القضاة فأنكر البيع ليستحكما حاكما يرى سقوط الشفعة بتلك الحيلة وطلب الشفيع أن يأخذ بالشفعة قبل ذلك عند حاكم لا يرى تلك الحيلة مسقطة ولو خطر هذا لابن سهل لم يتوقف في لزوم اليمين وإنما أنكر ذلك لعدم الاختلاف في بلادهم ووقتهم بدليل ما حكى بعدها ونصه : يلزم وكيل ابن مالك وزوجته أن يأتي بشاهد ثان على توكيلهما إياه ويضرب له في ذلك أجل يومين فإن جاء بالشاهد الثاني ضرب له أجل في إثبات الابتياع الذي طلب به الشفعة فإن ثبت ذلك وجبت الشفعة بعد الإعذار إلى البائع منهم وإن لم يثبت البيع لزمه قيمة الدار على عدد ورثة حفص بعد أن يحلف البائع والمشتري لما تبايعا ولهما رد اليمين على زوجة ابن مالك ، قاله ابن لبابة وأيوب بن سليمان ومحمد بن وليد ، قال القاضي : ظاهر هذه المسألة أن جوابهم فيها خلاف جوابهم في التي قبلها إلا إن كان عندهم فيها معنى لم يظهر في حكايتها أوجب هذا الجواب ، انتهى .

                                                                                                                            وقد حصل في هذه الأزمان هذا المعنى ولا شك أنه موجب اليمين فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية