الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سكك ]

                                                          سكك : السكك : الصمم ، وقيل : السكك صغر الأذن ولزوقها بالرأس وقلة إشرافها ، وقيل : قصرها ولصوقها بالخششاء ، وقيل : هو صغر قوف الأذن وضيق الصماخ ، وقد وصف به الصمم ، يكون ذلك في الآدميين وغيرهم ، وقد سك سككا وهو أسك ; قال الراجز :


                                                          ليلة حك ليس فيها شك أحك حتى ساعدي منفك     أسهرني الأسيود الأسك

                                                          يعني البراغيث ، وأفرده على إرادة الجنس . والنعام كلها سك وكذلك القطا ; ابن الأعرابي : يقال للقطاة : حذاء لقصر ذنبها ، وسكاء لأنه لا أذن لها ، وأصل السكك الصمم ; وأنشد :


                                                          حذاء مدبرة وسكاء مقبلة     للماء في النحر منها نوطة عجب

                                                          وقوله :


                                                          إن بني وقدان قوم سك     مثل النعام والنعام صك

                                                          سك أي صم . الليث : يقال : ظليم أسك لأنه لا يسمع ; قال زهير :


                                                          أسك مصلم الأذنين أجنى     له بالسي تنوم وآء

                                                          واستكت مسامعه إذا صم . ويقال : ما استك في مسامعي مثله أي ما دخل . وما سك سمعي مثل ذلك الكلام أي ما دخل . وأذن سكاء أي صغيرة . وحكى ابن الأعرابي : رجل سكاكة لصغير الأذن ، قال : والمعروف أسك . ابن سيده السكاكة الصغير الأذنين ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          يا رب بكر بالردافي واسج     سكاكة سفنج سفانج

                                                          ويقال : كل سكاء تبيض وكل شرفاء تلد ، فالسكاء : التي لا أذن لها ، والشرفاء : التي لها أذن وإن كانت مشقوقة ، ويقال : سكه يسكه إذا اصطلم أذنيه ، وفي الحديث : أنه مر بجدي أسك أي مصطلم الأذنين مقطوعهما . واستكت مسامعه أي صمت وضاقت . ومنه قول النابغة الذبياني :


                                                          أتاني أبيت اللعن ! أنك لمتني     وتلك التي تستك منها المسامع

                                                          وقال عبيد بن الأبرص :


                                                          دعا معاشر فاستكت مسامعهم     يا لهف نفسي لو يدعو بني أسد !

                                                          وفي حديث الخدري : أنه وضع يديه على أذنيه وقال : استكتا إن لم أكن سمعت النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : الذهب بالذهب ، أي صمتا . والاستكاك : الصمم وذهاب السمع وسك الشيء يسكه سكا فاستك : سده فانسد . وطريق سك : ضيق منسد . عن اللحياني . وبئر سك سك : ضيقة الخرق ، وقيل : الضيقة المحفر من أولها إلى آخرها ; أنشد ابن الأعرابي :


                                                          ماذا أخشى من قليب سك     يأسن فيه الورل المذكي ؟

                                                          وجمعها سكاك . وبئر سكوك : كسكك ، الأصمعي : إذا ضاقت البئر فهي سك ; وأنشد :


                                                          يجبى لها على قليب سك

                                                          الفراء : حفروا قليبا سكا ، وهي التي أحكم طيها في ضيق ، السك من الركايا المستوية الجراب والطي . والسك ، بالضم ، البئر الضيقة من أعلاها إلى أسفلها . عن أبي زيد : السك : جحر العقرب [ ص: 219 ] وجحر العنكبوت لضيقه . واستك النبت أي التف وانسد خصاصه . الأصمعي : استكت الرياض إذا التفت ; قال الطرماح يصف عيرا :


                                                          صنتع الحاجبين خرطه البق     ل بديا قبل استكاك الرياض

                                                          والسك : تضبيبك الباب أو الخشب بالحديد ، وهو السكي والسك . والسكي : المسمار ; قال الأعشى :


                                                          ولا بد من جار يجير سبيلها     كما سلك السكي في الباب فيتق

                                                          ويروى السكي ، بالكسر ، وقيل : هو المسمار ، وقيل الدينار ، وقيل البريد ، والفيتق النجار ، وقيل الحداد ، وقيل البواب ، وقيل الملك . وفي حديث علي ، رضي الله عنه : أنه خطب الناس على منبر الكوفة وهو غير مسكوك أي غير مسمر بمسامير الحديد ، ويروى بالشين ، وهو المشدود ; وقال دريد بن الصمة يصف درعا :


                                                          بيضاء لا ترتدى إلا إلى فزع     من نسج داود فيها السك مقتور

                                                          والمقتور : المقدر ، وجمعه سكوك وسكاك . والسك : الدرع الضيقة الحلق . ودرع سك وسكاء : ضيقة الحلق . والسكة : حديدة قد كتب عليها يضرب عليها الدراهم وهي المنقوشة . وفي الحديث : عن النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن كسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس ; أراد بالسكة الدينار والدرهم المضروبين ، سمي كل واحد منهما سكة لأنه طبع بالحديدة المعلمة له ، ويقال له السك ، وكل مسمار عند العرب سك ; قال امرؤ القيس يصف درعا :


                                                          ومشدودة السك موضونة     تضاءل في الطي كالمبرد

                                                          قوله ومشدودة منصوب لأنه معطوف على قوله :


                                                          وأعددت للحرب وثابة     جواد المحثة والمرود

                                                          وسكة الحراث : حديدة الفدان . وفي الحديث : أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : ما دخلت السكة دار قوم إلا ذلوا . والسكة في هذا الحديث : الحديدة التي يحرث بها الأرض ، وهي السن واللؤمة ، وإنما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إنها لا تدخل دار قوم إلا ذلوا كراهة اشتغال المهاجرين والمسلمين عن مجاهدة العدو بالزراعة والخفض ، وإنهم إذا فعلوا ذلك طولبوا بما يلزمهم من مال الفيء فيلقون عنتا من عمال الخراج وذلا من الإلزامات ، وقد علم ، عليه السلام ، ما يلقاه أصحاب الضياع والمزارع من عسف السلطان وإيجابه عليهم بالمطالبات ، وما ينالهم من الذل عند تغير الأحوال بعده ; وقريب من هذا الحديث قوله في الحديث الآخر : العز في نواصي الخيل والذل في أذناب البقر ، وقد ذكرت السكة في ثلاثة أحاديث بثلاث معان مختلفة . والسكة والسنة : المأن الذي تحارث به الأرض . ابن الأعرابي : السك لؤم الطبع . يقال : هو بسك طبعه يفعل ذلك . وسك إذا ضيق ، وسك إذا لؤم . والسكة : السطر المصطف من الشجر والنخيل ، ومنه الحديث المأثور : خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة ; المأبورة : المصلحة الملقحة من النخل ، والمأمورة : الكثيرة النتاج والنسل ، وقيل : السكة المأبورة هي الطريق المستوية المصطفة من النخل ، والسكة الزقاق ، وقيل : إنما سميت الأزقة سككا لاصطفاف الدور فيها كطرائق النخل . وقال أبو حنيفة : كان الأصمعي يذهب في السكة المأبورة إلى الزرع ويجعل السكة هنا سكة الحراث كأنه كنى بالسكة عن الأرض المحروثة ، ومعنى هذا الكلام خير المال نتاج أو زرع ، والسكة أوسع من الزقاق ، سميت بذلك لاصطفاف الدور فيها على التشبيه بالسكة من النخل . والسكة : الطريق المستوي ، وبه سميت سكك البريد ; قال الشماخ :


                                                          حنت على سكة الساري فجاوبها     حمامة من حمام ذات أطواق

                                                          أي على طريق الساري ، وهو موضع ; قال العجاج :


                                                          نضربهم إذا أخذوا السكائكا

                                                          الأزهري : سمعت أعرابيا يصف دحلا دحله فقال : ذهب فمه سكا في الأرض عشر قيم ثم سرب يمينا ; أراد بقوله سكا أي مستقيما لا عوج فيه . والسكة : الطريقة المصطفة من النخل . وضربوا بيوتهم سكاكا أي صفا واحدا ; عن ثعلب ، ويقال بالشين المعجمة عن ابن الأعرابي . وأدرك الأمر بسكته أي في حين إمكانه . واللوح والسكاك والسكاكة : الهواء بين السماء والأرض ، وقيل : الذي لا يلاقي أعنان السماء ; ومنه قولهم لا أفعل ذلك ولو نزوت في السكاك أي في السماء . وفي حديث الصبية المفقودة قالت : فحملني على خافية من خوافيه ثم دوم بي في السكاك ; والسكاك والسكاكة : الجو وهو ما بين السماء والأرض ; ومنه حديث علي ، عليه السلام : شق الأرجاء وسكائك الهواء ; السكائك جمع السكاكة وهي السكاك كذؤابة وذوائب . والسكك : القلص الزراقة يعني الحباريات . ابن شميل : سلقى بناءه أي جعله مستلقيا ولم يجعله سككا ، قال : السك المستقيم من البناء والحفر كهيئة الحائط . والسكاكة من الرجال : المستبد برأيه وهو الذي يمضي رأيه ولا يشاور أحدا ولا يبالي كيف وقع رأيه ، والجمع سكاكات ولا يكسر . والسك : ضرب من الطيب يركب من مسك ورامك ، عربي . وفي حديث عائشة : كنا نضمد جباهنا بالسك المطيب عند الإحرام . هو طيب معروف يضاف إلى غيره من الطيب ويستعمل . وسك النعام سكا : ألقى ما في بطنه كسج . وسك بسلحه سكا : رماه رقيقا . يقال : سك بسلحه وسج وهك إذا حذق به . الأصمعي : هو يسك سكا ويسج سجا إذا رق ما يجيء من سلحه . أبو عمرو : زك بسلحه وسك أي رمى به يزك ويسك . وأخذه ليلته سك إذا قعد مقاعد رقاقا ، وقال يعقوب : أخذه سك في بطنه وسج إذا لان بطنه ، وزعم أنه مبدل ولم يعلم أيهما أبدل من صاحبه . وهو يسك سكا إذا رق ما يجيء به من الغائط . وسكاء : اسم قرية ; قال الراعي يصف إبلا له :


                                                          فلا ردها ربي إلى مرج راهط     ولا برحت تمشي بسكاء في وحل

                                                          [ ص: 220 ] والسكسكة : الضعف . وسكسك بن أشرش من أقيال اليمن . والسكاسك والسكاسكة : حي من اليمن ، أبوهم ذلك الرجل . والسكاسك أبو قبيلة من اليمن . وهو السكاسك بن وائلة بن حمير بن سبأ ، والنسبة إليهم سكسكي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية