الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4591 ) فصل : ولا تجب الوصية إلا على من عليه دين ، أو عنده وديعة ، أو عليه واجب يوصي بالخروج منه ، فإن الله تعالى فرض أداء الأمانات ، وطريقه في هذا الباب الوصية ، فتكون مفروضة عليه ، فأما الوصية بجزء من ماله ، فليست بواجبة على أحد ، في قول الجمهور . وبذلك قال الشعبي ، والنخعي ، والثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، وغيرهم . وقال ابن عبد البر : أجمعوا على أن الوصية غير واجبة ، إلا على من عليه حقوق بغير بينة ، وأمانة بغير إشهاد ، إلا طائفة شذت فأوجبتها . روي عن الزهري أنه قال : جعل الله الوصية حقا مما قل أو كثر وقيل لأبي مجلز : على كل ميت وصية ؟ قال : إن ترك خيرا . وقال أبو بكر عبد العزيز : هي واجبة للأقربين الذين لا يرثون . وهو قول داود . وحكي ذلك عن مسروق ، وطاوس ، وإياس ، وقتادة ، وابن جرير . واحتجوا بالآية ، وخبر ابن عمر ، وقالوا : نسخت الوصية للوالدين والأقربين الوارثين ، وبقيت فيمن لا يرث من الأقربين . ولنا ، أن أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم وصية ، ولم ينقل لذلك نكير ، ولو كانت واجبة لم يخلوا بذلك ، ولنقل عنهم نقلا ظاهرا ، ولأنها عطية لا تجب في الحياة ، فلا تجب بعد الموت كعطية الأجانب . فأما الآية ، فقال ابن عباس : نسخها قوله سبحانه { : للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } ( 4 ) وقال ابن عمر : نسختها آية الميراث . وبه قال عكرمة ، ومجاهد ، ومالك ، والشافعي . وذهبت طائفة ممن يرى [ ص: 56 ] نسخ القرآن بالسنة ، إلى أنها نسخت بقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث } . وحديث ابن عمر محمول على من عليه واجب ، أو عنده وديعة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية