الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سلف ]

                                                          سلف : سلف يسلف سلفا وسلوفا : تقدم ; وقوله :


                                                          وما كل مبتاع ولو سلف صفقه براجع ما قد فاته برداد

                                                          إنما أراد سلف فأسكن للضرورة ، وهذا إنما أجازه الكوفيون . . . . في المكسور والمضموم كقوله في علم علم وفي كرم كرم ، فأما في المفتوح فلا يجوز عندهم ; قال سيبويه : ألا ترى أن الذي يقول : في كبد كبد وفي عضد عضد لا يقول في جمل جمل ؟ وأجاز الكوفيون ذلك واستظهروا بهذا البيت الذي تقدم إنشاده . والسالف : المتقدم . والسلف والسليف والسلفة : الجماعة المتقدمون . وقوله عز وجل : فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ; ويقرأ : سلفا سلفا ; قال الزجاج : سلفا جمع سليف أي جمعا قد مضى ، ومن قرأ سلفا فهو جمع سلفة أي عصبة قد مضت . والتسليف : التقديم ; وقال الفراء : يقول جعلناهم سلفا متقدمين ليتعظ بهم الآخرون ، وقرأ يحيى بن وثاب : سلفا مضمومة مثقلة ، قال : وزعم القاسم أنه سمع واحدها سليفا ، قال : وقرئ سلفا كأن واحدته سلفة أي قطعة من الناس مثل أمة . الليث : الأمم السالفة الماضية أمام الغابرة وتجمع سوالف ; وأنشد في ذلك :


                                                          ولاقت مناياها القرون السوالف     كذلك تلقاها القرون الخوالف

                                                          الجوهري : سلف يسلف سلفا مثال طلب يطلب طلبا أي مضى . والقوم السلاف : المتقدمون . وسلف الرجل : آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف وسلاف . وقال ابن بري : سلاف ليس بجمع لسلف وإنما هو جمع سالف للمتقدم ، وجمع سالف أيضا سلف ، ومثله خالف وخلف ، ويجيء السلف على معان : السلف القرض والسلم ، ومصدر سلف سلفا مضى ، والسلف أيضا كل عمل قدمه العبد ، والسلف القوم المتقدمون في السير ; قال قيس بن الخطيم :


                                                          لو عرجوا ساعة نسائلهم     ريث يضحي جماله السلف

                                                          والسلوف : الناقة تكون في أوائل الإبل إذا وردت الماء . ويقال : سلفت الناقة سلوفا تقدمت في أول الورد . والسلوف : السريع من الخيل . وأسلفه مالا سلفه : أقرضه ; قال :


                                                          تسلف الجار شربا وهي حائمة     والماء لزن بكيء العين مقتسم

                                                          وأسلف في الشيء : سلم ، والاسم منهما السلف . غيره : السلف نوع من البيوع يعجل فيه الثمن وتضبط السلعة بالوصف إلى أجل معلوم ، وقد أسلفت في كذا ، استسلفت منه دراهم تسلفت فأسلفني . الليث : السلف القرض ، والفعل أسلفت . يقال : أسلفته مالا أي أقرضته . قال الأزهري : كل مال قدمته في ثمن سلعة مضمونة اشتريتها لصفة ، فهو سلف وسلم . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : من سلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ; أراد من قدم مالا ودفعه إلى رجل في سلعة مضمونة . يقال : سلفت وأسلفت تسليفا وإسلافا وأسلمت بمعنى واحد ، والاسم السلف ، قال : وهذا هو الذي تسميه عوام الناس عندنا السلم . قال : والسلف في المعاملات له معنيان : أحدهما القرض الذي لا منفعة للمقرض فيه غير الأجر والشكر وعلى المقترض رده كما أخذه ، والعرب تسمي القرض سلفا كما ذكره الليث ، والمعنى الثاني في السلف هو أن يعطي مالا في سلعة إلى أجل معلوم بزيادة في السعر الموجود عند السلف ، وذلك منفعة للمسلف ، ويقال له سلم دون الأول قال : وهو في المعنيين معا اسم من أسلفت ، وكذلك السلم اسم من أسلمت . وفي الحديث : أنه استسلف من أعرابي بكرا أي استقرض . وفي الحديث : لا يحل سلف وبيع ; هو مثل أن يقول : بعتك هذا العبد بألف على أن تسلفني ألفا في متاع أو على أن تقرضني ألفا ، لأنه إنما يقرضه ليحابيه في الثمن فيدخل في حد الجهالة ، ولأن كل قرض جر منفعة فهو ربا ، ولأن في العقد شرطا ولا يصح . وللسلف معنيان آخران : أحدهما أن [ ص: 234 ] كل شيء قدمه العبد من عمل صالح أو ولد فرط يقدمه ، فهو له سلف ، وقد سلف له عمل صالح ، والسلف أيضا : من تقدمك من آبائك وذوي قرابتك الذين هم فوقك في السن والفضل ، واحدهم سالف ; ومنه قول طفيل الغنوي يرثي قومه :


                                                          مضوا سلفا قصد السبيل عليهم     وصرف المنايا بالرجال تقلب

                                                          أراد أنهم تقدمونا وقصد سبيلنا عليهم أي نموت كما ماتوا فنكون سلفا لمن بعدنا كما كانوا سلفا لنا وفي الدعاء للميت : واجعله سلفا لنا ; قيل : هو من سلف المال كأنه قد أسلفه وجعله ثمنا للأجر والثواب الذي يجازى على الصبر عليه ، وقيل : سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته ، ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح ; ومنه حديث مذحج : نحن عباب سلفها أي معظمها وهم الماضون منها . وجاءني سلف من الناس أي جماعة . أبو زيد : جاء القوم سلفة سلفة إذا جاء بعضهم في إثر بعض . وسلاف العسكر : متقدمتهم . وسلفت القوم وأنا أسلفهم سلفا إذا تقدمتهم . والسالفة : أعلى العنق ، وقيل : ناحية مقدم العنق من لدن معلق القرط إلى قلت الترقوة . والسالف : أعلى العنق ، وقيل : هي ناحيته من معلق القرط إلى الحاقنة . وحكى اللحياني : إنها لوضاحة السوالف ، جعلوا كل جزء منها سالفة ثم جمع على هذا . وفي حديث الحديبية : لأقاتلنهم على أمري حتى تنفرد سالفتي ; هي صفحة العنق ، وهما سالفتان من جانبيه ، وكنى بانفرادها عن الموت لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت ، وقيل : أراد حتى يفرق بين رأسي وجسدي . وسالفة الفرس وغيره : هاديته أي ما تقدم من عنقه . وسلاف الخمر وسلافتها : أول ما يعصر منها ، وقيل : هو ما سال من غير عصر ، وقيل : هو أول ما ينزل منها ، وقيل : السلافة أول كل شيء عصر ، وقيل : هو أول ما يرفع من الزبيب ، والنطل ما أعيد عليه الماء ، التهذيب : السلافة من الخمر أخلصها وأفضلها ، وذلك إذا تحلب من العنب بلا عصر ولا مرث ، وكذلك من التمر والزبيب ما لم يعد عليه الماء بعد تحلب أوله . والسلاف : ما سال من عصير العنب قبل أن يعصر ، ويسمى الخمر سلافا . وسلافة كل شيء عصرته : أوله ، وقيل : السلاف والسلافة من كل شيء خالصه . والسلف ، بالتسكين : الجراب الضخم ، وقيل : هو الجراب ما كان ، وقيل : هو أديم لم يحكم دبغه ، والجمع أسلف وسلوف ; قال بعض الهذليين :


                                                          أخذت لهم سلفي حتي وبرنسا     وسحق سراويل وجرد شليل

                                                          أراد جرابي حتي ، وهو سويق المقل . وفي حديث عامر بن ربيعة : وما لنا زاد إلا السلف من التمر ; هو بسكون اللام ، الجراب الضخم ، ويروى : إلا السف من التمر ، وهو الزبيل من الخوص . والسلف : غرلة الصبي . الليث : تسمى غرلة الصبي سلفة ، والسلفة : جلد رقيق يجعل بطانة للخفاف وربما كان أحمر وأصفر . وسهم سلوف : طويل النصل . التهذيب : السلوف من نصال السهام ما طال ; وأنشد :


                                                          شك سلاها بسلوف سندري

                                                          وسلف الأرض يسلفها سلفا وأسلفها : حولها للزرع وسواها ، والمسلفة : ما سواها به من حجارة ونحوها . وروي عن محمد بن الحنفية قال : أرض الجنة مسلوفة ; قال الأصمعي : هي المستوية أو المسواة ، قال : وهذه لغة أهل اليمن والطائف يقولون سلفت الأرض أسلفها سلفا إذا سويتها بالمسلفة ، وهي شيء تسوى به الأرض ، ويقال للحجر الذي تسوى به الأرض مسلفة ; قال أبو عبيد : وأحسبه حجرا مدمجا يدحرج به على الأرض لتستوي ، وأخرج ابن الأثير هذا الحديث عن ابن عباس وقال : مسلوفة أي ملساء لينة ناعمة ، وقال : هكذا أخرجه الخطابي والزمخشري ، وأخرجه أبو عبيد عن عبيد بن عمير الليثي وأخرجه الأزهري عن محمد بن الحنفية ، وروى المنذري عن الحسن أنه أنشده بيت سعد القرقرة :


                                                          نحن بغرس الودي أعلمنا     منا بركض الجياد في السلف

                                                          قال : السلف جمع السلفة من الأرض وهي الكردة المسواة . والسلفان والسلفان : متزوجا الأختين ، فإما أن يكون السلفان مغيرا عن السلفان ، وإما أن يكون وضعا ; قال عثمان بن عفان ، رضي الله عنه :


                                                          معاتبة السلفين تحسن مرة     فإن أدمنا إكثارها أفسدا الحبا

                                                          والجمع أسلاف ، وقد تسالفا ، وليس في النساء سلفة إنما السلفان الرجلان ; قال ابن سيده : هذا قول ابن الأعرابي ، وقال كراع : السلفتان المرأتان تحت الأخوين . التهذيب : السلفان رجلان تزوجا بأختين كل واحد منهما سلف صاحبه ، والمرأة سلفة لصاحبتها إذا تزوج أخوان بامرأتين . الجوهري : وسلف الرجل زوج أخت امرأته ، وكذلك سلفه مثل كذب وكذب . والسلف : ولد الحجل ; وقيل : فرخ القطاة ; عن كراع ; وقد روى هذا البيت :


                                                          كأن فداءها إذ حردوه     وطافوا حوله سلف يتيم

                                                          ويروى : سلك يتيم ، وسيأتي ذكره في حرف الكاف ، والجمع سلفان وسلفان مثل صرد وصردان ، وقيل : السلفان ضرب من الطير فلم يعين . قال أبو عمرو : لم نسمع سلفة للأنثى ، ولو قيل سلفة كما قيل سلكة لواحد السلكان لكان جيدا ; قال القشيري :


                                                          أعالج سلفانا صغارا تخالهم     إذا درجوا بجر الحواصل حمرا

                                                          يريد أولاده ، شبههم بأولاد الحجل لصغرهم ; وقال آخر :


                                                          خطفنه خطف القطامي السلف

                                                          غيره : والسلف والسلك من أولاد الحجل ، وجمعه سلفان وسلكان ; وقول مرة بن عبد الله اللحياني :


                                                          كأن بناته سلفان رخم     حواصلهن أمثال الزقاق

                                                          قال : واحد السلفان سلف وهو الفرخ ، قال : وسلك وسلكان فراخ [ ص: 235 ] الحجل . والسلفة ، بالضم : الطعام الذي تتعلل به قبل الغذاء ، وقد سلف القوم تسليفا سلف لهم ، وهي اللهنة يتعجلها الرجل قبل الغذاء . والسلفة : ما تدخره المرأة لتتحف به من زارها . والمسلف من النساء : النصف ، وقيل : هي التي بلغت خمسا وأربعين ونحوها وهو وصف خص به الإناث ; قال عمر بن أبي ربيعة :


                                                          فيها ثلاث كالدمى     وكاعب ومسلف

                                                          والسلف : الفحل ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          لها سلف يعوذ بكل ريع     حمى الحوزات واشتهر الإفالا

                                                          حمى الحوزات أي حمى حوزاته أي لا يدنو منها فحل سواه . واشتهر الإفالا : جاء بها تشبهه ، يعني بالإفال صغار الإبل . وسولاف : اسم بلد ; قال :


                                                          لما التقوا بسولاف

                                                          وقال عبد الله بن قيس الرقيات :


                                                          تبيت وأرض السوس بيني وبينها     وسولاف رستاق حمته الأزارقه

                                                          غيره : سولاف موضع كانت به وقعة بين المهلب والأزارقة ; قال رجل من الخوارج :


                                                          فإن تك قتلى يوم سلى تتابعت     فكم غادرت أسيافنا من قماقم
                                                          غداة تكر المشرفية فيهم     بسولاف يوم المارق المتلاحم

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية