الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سلق ]

                                                          سلق : السلق : شدة الصوت ، وسلق لغة في صلق أي صاح . الأصمعي : الصوت الشديد وغيره بالسين . وروي عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : ليس منا من سلق أو حلق ; أبو عبيد : سلق يعني رفع صوته عند موت إنسان أو عند المصيبة ، وقيل : هو أن تصك المرأة وجهها وتمرسه ، والأول أصح ; ومنه الحديث : لعن الله السالقة والحالقة ، ويقال بالصاد ; وقال ابن المبارك : من سلق أي خمش وجهه عند المصيبة ، ومن السلق رفع الصوت قولهم : خطيب مسلق . وسلقه بلسانه يسلقه سلقا : أسمعه ما يكره فأكثر . سلقه بالكلام سلقا إذا آذاه ، وهو شدة القول باللسان . وفي التنزيل : سلقوكم بألسنة حداد ; أي بالغوا فيكم بالكلام وخاصموكم في الغنيمة أشد مخاصمة وأبلغها ; أشحة على الخير ; أي خاطبوكم أشد مخاطبة وهم أشحة على المال والغنيمة ; الفراء : سلقوكم بألسنة حداد ; معناه عضوكم ، يقول : آذوكم بالكلام في الأمر بألسنة سليطة ذربة ، قال : ويقال صلقوكم ولا يجوز في القراءة ، ولسان مسلق : حديد ذليق . ولسان مسلق وسلاق : حديد . وخطيب سلاق : بليغ في الخطبة . وفي حديث علي ، رضوان الله عليه : ذاك الخطيب المسلق ; يقال : مسلق ومسلاق إذا كان نهاية في الخطابة ; قال الأعشى :


                                                          فيهم الحزم والسماحة والنج دة فيهم والخاطب السلاق

                                                          ويروى المسلاق . ويقال : خطيب مسقع مسلق ; والخطيب المسلاق . البليغ وهو من شدة صوته وكلامه . والسلق : الضرب . وسلقه بالسوط وملقه أي نزع جلده ، ويفسر ابن المبارك قوله : ليس منا من سلق ، من هذا . وسلق الشيء بالماء الحار يسلقه سلقا : ضربه . وسلق البيض والبقل وغيره بالنار : أغلاه ، وقيل : أغلاه إغلاءة خفيفة . وسلق الأديم سلقا : دهنه ، وكذلك المزادة ; قال امرؤ القيس :


                                                          كأنهما مزادتا متعجل     فريان لما يسلقا بدهان

                                                          وسلق ظهر بعيره يسلقه سلقا : أدبره . والسلق والسلق : أثر دبرة البعير إذا برأت وابيض موضعها . والسليقة : أثر النسع في الجنب . ابن الأعرابي : أبرأ الدبر إذا برأ وابيض ، قال : وأسلق الرجل إذا ابيض ظهر بعيره بعد برئه من الدبر . يقال : ما أبين سلقه ! يعني به ذلك البياض . أبو عبيد : السحر والسلق أثر دبرة البعير إذا برأت وابيض موضعها . ويقال لأثر الأنساع في بطن البعير ينحص عنه الوبر : سلائق ، شبهت بسلائق الطرقات في المحجة . والسلائق : الشرائح ما بين الجنبين ، الواحدة سليقة . الليث : السليقة مخرج النسع في دف البعير ; وأنشد :

                                                          [ ص: 236 ]

                                                          تبرق في دفها سلائقها

                                                          قال : اشتق من قولك سلقت شيئا بالماء الحار ، وهو أن يذهب الوبر ويبقى أثره ، فلما أحرقته الحبال شبه بذلك فسميت سلائق ; والسلائق : ما سلق من البقول ; الأزهري : معناه طبخ بالماء من بقول الربيع وأكل في المجاعات . وكل شيء طبخته بالماء بحتا ، فقد سلقته ، وكذلك البيض يطبخ بالماء بقشره الأعلى ; قال امرؤ القيس :


                                                          فريان لما يسلقا بدهان

                                                          شبه عينيها ودموعها بمزادتي ماء لم تدهنا ، فقطران مائهما أكثر ، ومعنى لم يسلقا لم يدهنا ولم يرويا بالدهن كما يسلق كل شيء يطبخ بالماء من بقل وغيره . ويقال : ركبت دابة فلان فسلقتني أي سحجت باطن فخذي . والسليقة : الطبيعة والسجية . وفلان يقرأ بالسليقة أي بطبيعته لا بتعلم ، وقيل : يقرأ بالسليقية وهي منسوبة أي بالفصاحة من قولهم سلقوكم ، وقيل : بالسليقية أي بطبعه الذي نشأ عليه ولغته . أبو زيد : إنه لكريم الطبيعة والسليقة ; الأزهري : المعنى أن القراءة سنة مأثورة لا يجوز تعديها ، فإذا قرأ البدوي بطبعه ولغته ولم يتبع سنة قراء الأمصار قيل : هو يقرأ بالسليقية أي بطبيعته ليس بتعليم ; قال سيبويه : والنسب إلى السليقة سليقي نادر ، وقد أبنت وجه شذوذه في عميرة كلب ، وهذه سليقته التي سلق عليها وسلقها . ابن الأعرابي : والسليقة المحجة الظاهرة . والسليقة : طبع الرجل . والسلق : الواسع من الطرقات . الليث : السليقي من الكلام ما لا يتعاهد إعرابه وهو فصيح بليغ في السمع عثور في النحو . غيره : السليقي من الكلام ما تكلم به البدوي بطبعه ولغته ، وإن كان غيره من الكلام آثر وأحسن ، وفي حديث أبي الأسود : أنه وضع النحو حين اضطراب كلام العرب ، وغلبت السليقية أي اللغة التي يسترسل فيها المتكلم على سليقته أي سجيته وطبيعته من غير تعمد إعراب ولا تجنب لحن ; قال :


                                                          ولست بنحوي يلوك لسانه     ولكن سليقي أقول فأعرب

                                                          أي أجري على طبيعتي ولا ألحن . والسليقة : شيء ينسجه النحل في الخلية طولا . التهذيب : النضر السلق الجكندر . والسليقة : الذرق تدق وتصلح وتطبخ باللبن ; عن ابن الأعرابي . وسلق البرد النبات : أحرقه . والسليق من الشجر : الذي سلقه البرد فأحرقه . الأصمعي : والسليق الشجر : الذي أحرقه حر أو برد . وقال بعضهم : السليق ما تحات من صغار الشجر ; قال :


                                                          تسمع منها في السليق الأشهب     معمعة مثل الضرام الملهب

                                                          الأصمعي : السلق المستوي اللين من الأرض ، والفلق المطمئن بين الربوتين . ابن سيده : السلق المكان المطمئن بين الربوتين ينقاد ، وقيل : هو مسيل الماء بين الصمدين من الأرض ، والجمع أسلاق وسلقان وسلقان وأسالق ; قال جندل :


                                                          إني امرؤ أحسن غمز الفائق     بين اللها الوالج والأسالق

                                                          وهذا البيت استشهد به ابن سيده على أعالي الفم كما نذكره فيما بعد في هذه الترجمة . ابن شميل : السلق القاع المطمئن المستوي لا شجر فيه . أبو عمرو : السليق اليابس من الشجر . قال الأزهري : شهدت رياض الصمان وقيعانها وسلقانها ، فالسلق من الرياض ما استوى في أعالي قفافها وأرضها حرة الطين تنبت الكرش والقراص والملاح والذرق ، ولا تنبت السدر وعظام الشجر ; وأما القيعان فهي الرياض المطمئنة تنبت السدر وسائر نبات السلق تستربض سيول القفاف حواليها ، والمتون الصلبة المحيطة . والسلق : القاع الصفصف ، وجمعه سلقان مثل خلق وخلقان ، وكذلك السملق بزيادة الميم ، والجمع السمالق ; قال أبو النجم في جمع سلقان :


                                                          حتى رعى السلقان في تزهيرها

                                                          وقد يجمع على أسلاق ; قال الأعشى :


                                                          كخذول ترعى النواصف من تث     ليث قفرا خلا لها الأسلاق
                                                          تنفض المرد والكباث بحملا     ج لطيف في جانبيه انفراق

                                                          الخذول : الظبية المتخلفة عن الظباء ، والنواصف : جمع ناصفة وهي المسيل الضخم ، وخلا : أنبت لها الخلى ، والمرد والكباث . ثمر الأراك ، وأراد بالحملاج يدها ، وانفراق : يعني انفراق ظلفيها ; وأما قول الشماخ :


                                                          إن تمس في عرفط صلع جماجمه     من الأسالق عاري الشوك مجرود

                                                          فقد يكون جمع سلق كما قالوا رهط وأراهط ، وإن اختلفا بالحركة والسكون ، وقد يكون جمع أسلاق الذي هو جمع سلق ، فكان ينبغي على هذا أن يكون من الأساليق إلا أنه حذف الياء لأن فعلن هنا أحسن في السمع من فاعلن . وسلق الجوالق يسلقه سلقا : أدخل إحدى عروتيه في الأخرى ; قال :


                                                          وحوقل ساعده قد انملق     يقول : قطبا ونعما إن سلق

                                                          أبو الهيثم : السلق إدخال الشظاظ مرة واحدة في عروتي الجوالقين إذا عكما على البعير ، فإذا ثنيته فهو القطب ; قال الراجز :


                                                          يقول : قطبا ونعما إن سلق     بحوقل ذراعه قد انملق

                                                          ابن الأعرابي : سلق العود في عرى العدلين وأسلقه ; قال : وأسلق صاد سلقة ، ويقال : سلقت اللحم عن العظم إذا انتجيته عنه ، ومنه قيل للذئبة سلقة ، والسلقة : الذئبة والجمع سلق وسلق . قال سيبويه : وليس سلق بتكسير إنما هو من باب سدرة وسدر ، والذكر سلق ، والجمع سلقان وسلقان ، وربما قيل : للمرأة السليطة سلقة . وامرأة سلقة : فاحشة . والسلقة : الجرادة إذا ألقت بيضها . والسلق : بقلة . غيره : السلق نبت له ورق طوال وأصل ذاهب في الأرض ، وورقه [ ص: 237 ] رخص يطبخ . غيره : السلق النبت الذي يؤكل . والانسلاق في العين : حمرة تعتريها فيتقشر . والسلاق : حب يثور على اللسان فيتقشر منه أو على أصل اللسان ، ويقال : تقشر في أصول الأسنان ، وقد انسلق . وفي حديث عتبة بن غزوان : لقد رأيتني تاسع تسعة قد سلقت أفواهنا من أكل ورق الشجر ، ما منا رجل اليوم إلا على مصر من الأمصار ; سلقت : من السلاق وهو بثر يخرج من باطن الفم ، أي خرج فيها بثور . والأسالق : أعالي باطن الفم ، وفي المحكم : أعالي الفم ، وزاد غيره : حيث يرتفع إليه اللسان ، وهو جمع لا واحد له ; قال جرير :


                                                          إني امرؤ أحسن غمز الفائق     بين اللها الداخل والأسالق

                                                          وسلقه سلقا وسلقاه : طعنه فألقاه على جنبه . يقال : طعنته فسلقته إذا ألقيته على ظهره ، وربما قالوا سلقيته سلقاء ، يزيدون فيه الياء كما قالوا جعبيته جعباء من جعبته أي صرعته ، وقد تسلق . واسلنقى : نام على ظهره ; عن السيرافي ، وهو افعنلى . وفي حديث : فإذا رجل مسلنق أي على قفاه . يقال : اسلنقى يسلنقي اسلنقاء ، والنون زائدة . وسلق المرأة سلقاها إذا بسطها ثم جامعها . ويقال : سلق فلان جاريته إذا ألقاها على قفاها ليباضعها ، ومن العرب من يقول : سلقتها على قفاها . وقد استلقى الرجل على قفاه إذا وقع على حلاوة القفا . وفي حديث المبعث : قال النبي ، صلى الله عليه وسلم : أتاني جبريل فسلقني لحلاوة القفا أي ألقاني على القفا . وقد سلقته سلقيته على وزن فعليته : مأخوذ من السلق وهو الصدم والدفع ; قاله شمر . الفراء : أخذه الطبيب فسلقاه على ظهره أي مده . الأزهري في الخماسي : اسلنقى على قفاه وقد سلقيته على قفاه . وروي في حديث المبعث : فانطلقا بي إلى ما بين المقام وزمزم فسلقاني على قفاي أي ألقياني على ظهري . يقال : سلقه وسلقاه بمعنى ، ويروى بالصاد ، والسين أكثر وأعلى . والتسلق : الصعود على حائط أملس . وتسلق الجدار أي تسوره . وبات فلان يتسلق على فراشه ظهرا لبطن إذا لم يطمئن عليه من هم أو وجع أقلقه ; الأزهري : المعروف بهذا المعنى الصاد . ابن سيده : وسلق يسلق سلقا وتسلق صعد على حائط ، والاسم السلق . والسلاق : عيد من أعياد النصارى مشتق من ذلك ، من تسلق المسيح ، عليه السلام ، إلى السماء . وناقة سيلق : ماضية في سيرها ; قال الشاعر :


                                                          وسيري مع الركبان كل عشية     أباري مطاياهم بأدماء سيلق

                                                          وسلوق : أرض باليمن ، وفي التهذيب : قرية باليمن ، وهي بالرومية سلقية ; قال القطامي :


                                                          معهم ضوار من سلوق كأنها     حصن تجول تجرر الأرسانا

                                                          والكلاب السلوقية : منسوبة إليها ، وكذلك الدروع ; قال النابغة :


                                                          تقد السلوقي المضاعف نسجه     وتوقد بالصفاح نار الحباحب

                                                          ويقال : سلوق مدينة اللان تنسب إليها الكلاب السلوقية . والسلوقي أيضا : السيف ; أنشد ثعلب :


                                                          تسور بين السرج واللجام     سور السلوقي إلى الأجذام

                                                          والسلوقي من الكلاب والدروع : أجودها . والسلقلقية : المرأة التي تحيض من دبرها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية