الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 384 ] فارغة [ ص: 385 ] الباب الأول

                                                                                                                في حكمه

                                                                                                                وفي ( التلقين ) : هو من فروض الكفايات لا يجوز تركه إلا لعذر ، ولا يكف عنهم إلا أن يدخلوا في ديننا أو يؤدوا الجزية في بلدنا ، قال المازري ، قال ابن المسيب وغيره : هو فرض على الأعيان ; لقوله تعالى : ( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ) [ التوبة 36 ] وجوابه : أنه منسوخ بقوله تعالى : ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) [ التوبة 122 ] وقوله : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون ) ثم قال : ( وكلا وعد الله الحسنى ) [ النساء 95 ] ولو أنه على الأعيان لما وعد القاعد الحسنى ، ولم تزل الأمة بعده ينفر بعض دون بعض ، وقال سحنون : ليس بواجب بعد الفتح ألبتة إلا أن يأمر الإمام فيجب الامتثال لقوله عليه السلام : ( لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا ) فعلق الوجوب على الاستنفار وجوابه : أن تعليقه لا يتأتى وجوبه بدونه ، بدليل منفصل وهو قوله تعالى : (وقاتلوا المشركين ) وغيره من النصوص ، وقال الداودي : هو فرض على من يلي الكفار بعد الفتح دون غيره ، قال : ويمكن حمل قول سحنون على من بعدت داره ، وقول الداودي على أن الذي يليهم يقوم بهم ولا يظن أن أحدا يقول : لا يجب مع إفضاء تركه إلى استباحة دم المسلمين ، ولكن مع الأمن قد يظن الخلاف ، [ ص: 386 ] ويؤيد ما قلناه أن الكفر من المنكرات ، وأقل المنكرات من فروض الكفاية ، فالكفر أولى بذلك ، وإذا قلنا بفرضيته ففي سائر الفرق ، واختلف في الحبشة والترك ، فلمالك في الحبشة قولان ، وقال ابن القاسم : يغزى الترك ، ويروى عنه عليه السلام : ( اتركوا الحبشة ما تركوكم واتركوا الترك ما تركوكم ) فكان الرأي أن لا يهاجروا ; لتوقع شرهم آخر الزمان من خروج الترك على الإسلام ، ومنهم التتر ، وذو السويقة من الحبشة هو الذي يهدم الكعبة .

                                                                                                                قال صاحب ( المقدمات ) : إذا حميت أطراف البلاد ، وسدت الثغور سقط فرض الجهاد عن جماعة المسلمين ، وبقي نافلة إلا أن ينزل العدو ببعض بلاد المسلمين فيجب على الجميع إعانتهم بطاعة الإمام في النفير إليهم ، وفي ( الجواهر ) : قال عبد الوهاب : القيام بفرض الجهاد حراسة الثغور وعمارتها بالمنعة ، ولا تجوز المهادنة إلا لضرورة تدعو إليها ، وقالعبد الملك : يجب على الإمام إغزاء طائفة إلى العدو في كل سنة مرة تخرج معه ، أو مع نائبه يدعوهم إلى الإسلام ، ويكف أذاهم ، ويظهر دين الله عليهم ، ويقاتلهم حتى يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية ، ويعدل الإمام بين الناس في الخروج بالنوبة .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية