الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4722 ) مسألة ; قال : ( ومن جاوز العشر سنين ; فوصيته جائزة إذا وافق الحق ) هذا المنصوص عن أحمد ، فإنه قال ، في رواية صالح ، وحنبل : تحوز وصيته إذا بلغ عشر سنين . قال أبو بكر : لا يختلف المذهب أن من له عشر سنين ، تصح وصيته ، ومن له دون السبع لا تصح وصيته ، وما بين السبع والعشر فعلى روايتين . وقال ابن أبي موسى : لا تصح وصية الغلام لدون العشر ولا الجارية ، قولا واحدا ، وما زاد على العشر فتصح ، على المنصوص

                                                                                                                                            وفيه وجه آخر ، لا تصح حتى يبلغ . وقال القاضي ، وأبو الخطاب : تصح وصية الصبي إذا عقل . وروي عن عمر رضي الله عنه أنه أجاز وصية الصبي ، وهو قول عمر بن عبد العزيز ، وشريح ، وعطاء ، والزهري ، وإياس ، وعبد الله بن عتبة ، والشعبي ، والنخعي ، ومالك ، وإسحاق . قال إسحاق : إذا بلغ اثنتي عشرة . وحكاه ابن المنذر عن أحمد

                                                                                                                                            وعن ابن عباس : لا تصح وصيته حتى يبلغ . وبه قال الحسن ، ومجاهد ، وأصحاب الرأي . وللشافعي قولان ، كالمذهبين . واحتجوا بأنه تبرع بالمال ، فلا يصح من الصبي ، كالهبة والعتق ، ولأنه لا يقبل إقراره ، فلا تصح وصيته ، كالطفل . ولنا ، ما روي ، أن صبيا من غسان ، له عشر سنين ، أوصى لأخوال له ، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه فأجاز وصيته . رواه سعيد . وروى مالك ، في " موطئه " عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، أن عمرو بن سليم أخبره ، أنه قيل لعمر بن الخطاب : إن هاهنا غلاما يفاعا لم يحتلم ، وورثته بالشام ، وهو ذو مال ، [ ص: 120 ] وليس له هاهنا إلا ابنة عم له ، فقال عمر " : فليوص لها . فأوصى لها بمال يقال له بئر جشم . قال عمرو بن سليم : فبعث ذلك المال بثلاثين ألفا . وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم . قال أبو بكر : وكان الغلام ابن عشر أو اثنتي عشرة سنة . وهذه قصة انتشرت فلم تنكر ، ولأنه تصرف تمحض نفعا للصبي ، فصح منه ، كالإسلام والصلاة ، وذلك لأن الوصية صدقة يحصل ثوابها له بعد غناه عن ملكه وماله ، فلا يلحقه ضرر في عاجل دنياه ولا أخراه ، بخلاف الهبة والعتق المنجز ، فإنه يفوت من ماله ما يحتاج إليه ، وإذا ردت رجعت إليه ، وها هنا لا يرجع إليه بالرد ، والطفل لا عقل له ، ولا يصح إسلامه ولا عباداته . وقوله : " إذا وافق الحق " . يعني إذا وصى بوصية يصح مثلها من البالغ ، صحت منه ، وإلا فلا . قال شريح ، وعبد الله بن عتبة ، وهما قاضيان : من أصاب الحق أجزنا وصيته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية