الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سوف ]

                                                          سوف : سوف : كلمة معناها التنفيس والتأخير ؛ قال سيبويه : سوف كلمة تنفيس فيما لم يكن بعد ، ألا ترى أنك تقول سوفته إذا قلت له مرة بعد مرة سوف أفعل ؟ ولا يفصل بينها وبين " أفعل " لأنها بمنزلة السين في سيفعل . ابن سيده : وأما قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى ؛ اللام داخلة فيه على الفعل لا على الحرف ، وقال ابن جني : هو حرف واشتقوا منه فعلا فقالوا سوفت الرجل تسويفا ، قال : وهذا كما ترى مأخوذ من الحرف ، أنشد سيبويه لابن مقبل :


                                                          لو ساوفتنا بسوف من تجنبها سوف العيوف لراح الركب قد قنعوا

                                                          انتصب سوف العيوف على المصدر المحذوف الزيادة . وقد قالوا : سو يكون ، فحذفوا اللام وسا يكون ، فحذفوا اللام وأبدلوا العين طلب الخفة ، وسف يكون ، فحذفوا العين كما حذفوا اللام . التهذيب : والسوف الصبر . وإنه لمسوف أي صبور ؛ وأنشد المفضل :


                                                          هذا ورب مسوفين صبحتهم     من خمر بابل لذة للشارب

                                                          أبو زيد : سوفت الرجل أمري تسويفا أي ملكته ، وكذلك سومته . والتسويف : التأخير من قولك سوف أفعل . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن المسوفة من النساء وهي التي لا تجيب زوجها إذا دعاها إلى فراشه وتدافعه فيما يريد منها وتقول سوف أفعل . وقولهم : فلان يقتات السوف أي يعيش بالأماني . والتسويف : المطل . وحكى أبو زيد : سوفت الرجل أمري إذا ملكته أمرك وحكمته فيه يصنع ما يشاء . وساف الشيء يسوفه ويسافه سوفا وساوفه واستافه ، كله : شمه ؛ قال الشماخ :


                                                          إذا ما استافهن ضربن منه     مكان الرمح من أنف القدوع

                                                          والاستياف : الاشتمام . ابن الأعرابي : ساف يسوف سوفا إذا شم ؛ وأنشد :


                                                          قالت وقد ساف مجذ المرود

                                                          قال : المرود الميل ، ومجذه طرفه ، ومعناه أن الحسناء إذ كحلت عينيها مسحت طرف الميل بشفتيها ليزداد حمة أي سوادا . والمسافة : بعد المفازة والطريق ، وأصله من الشم ، وهو أن الدليل كان إذا ضل في فلاة أخذ التراب فشمه فعلم أنه على هدية ؛ قال رؤبة :


                                                          إذا الدليل استاف أخلاق الطرق

                                                          ثم كثر استعمالهم لهذه الكلمة حتى سموا البعد مسافة ، وقيل : سمي مسافة لأن الدليل يستدل على الطريق في الفلاة البعيدة الطرفين بسوفه ترابها ليعلم أعلى قصد هو أم على جور ؛ وقال امرؤ القيس :


                                                          على لاحب لا يهتدى بمناره     إذا سافه العود الديافي جرجرا

                                                          وقوله : لا يهتدى بمناره يقول : ليس به منار فيهتدى به ، وإذا ساف الجمل تربته جرجر جزعا من بعده وقلة مائه . والسوفة والسائفة : أرض بين الرمل والجلد . قال أبو زياد : السائفة : جانب من الرمل ألين ما يكون منه ، والجمع سوائف ؛ قال ذو الرمة :


                                                          وتبسم عن ألمى اللثات كأنه     ذرا أقحوان من أقاحي السوائف

                                                          وقال جابر بن جبلة : السائفة الحبل من الرمل . غيره : السائفة الرملة الرقيقة ؛ قال ذو الرمة يصف فراخ النعامة :


                                                          كأن أعناقها كراث سائفة     طارت لفائفه أو هيشر سلب

                                                          الهيشرة : شجرة لها ساق وفي رأسها كعبرة شهباء ، والسلب : الذي لا ورق عليه ، والسائفة : الشط من السنام ؛ قال ابن سيده : هو من الواو لكون الألف عينا . والسواف والسواف : الموت في الناس والمال ، ساف سوفا وأسافه الله ، وأساف الرجل : وقع في ماله السواف أي الموت ؛ قال طفيل :


                                                          فأبل واسترخى به الخطب بعدما     أساف ولولا سعينا لم يؤبل

                                                          ابن السكيت : أساف الرجل فهو مسيف إذا هلك ماله . وقد ساف المال نفسه يسوف إذا هلك . ويقال : رماه الله بالسواف ، كذا رواه بفتح السين . قال ابن السكيت : سمعت هشاما المكفوف يقول لأبي عمرو : [ ص: 304 ] إن الأصمعي يقول السواف ، بالضم ، ويقول : الأدواء كلها جاءت بالضم نحو النحاز والدكاع والزكام والقلاب والخمال . وقال أبو عمرو : لا ، هو السواف ، بالفتح ، وكذلك قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير ؛ قال ابن بري : لم يروه بالفتح غير أبي عمرو وليس بشيء . وساف يسوف أي هلك ماله . يقال : أساف حتى ما يتشكى السواف إذا تعود الحوادث ، نعوذ بالله من ذلك ؛ ومنه قول حميد بن ثور :


                                                          فيا لهما من مرسلين لحاجة     أسافا من المال التلاد وأعدما

                                                          وأنشد ابن بري للمرار شاهدا على السواف مرض المال :


                                                          دعا بالسواف له ظالما     فذا العرش خيرهما أن يسوفا

                                                          أي احفظ خيرهما من أن يسوف أي يهلك ؛ وأنشد ابن بري لأبي الأسود العجلي :


                                                          لجذتهم حتى إذا ساف مالهم     أتيتهم في قابل تتجدف

                                                          والتجدف : الافتقار . وفي حديث الدؤلي : وقف عليه أعرابي فقال : أكلني الفقر وردني الدهر ضعيفا مسيفا ؛ هو الذي ذهب ماله من السواف وهو داء يأخذ الإبل فيهلكها . قال ابن الأثير : وقد تفتح سينه خارجا عن قياس نظائره ، وقيل : هو بالفتح الفناء . أبو حنيفة : السواف مرض المال ، وفي المحكم : مرض الإبل ، قال : والسواف ، بفتح السين ، الفناء . وأساف الخارز يسيف إسافة أي أثأى فانخرمت الخرزتان . وأساف الخرز : خرمه ؛ قال الراعي :


                                                          مزائد خرقاء اليدين مسيفة     أخب بهن المخلفان وأحفدا

                                                          قال ابن سيده : كذا وجدناه بخط علي بن حمزة مزائد ، مهموز . وإنها لمساوفة السير أي مطيقته . والساف في البناء : كل صف من اللبن ؛ يقال : ساف من البناء وسافان وثلاثة آسف وهي السفوف . وقال الليث : الساف ما بين سافات البناء ، ألفه واو في الأصل ، وقال غيره : كل سطر من اللبن والطين في الجدار ساف ومدماك . الجوهري : الساف كل عرق من الحائط . والساف : طائر يصيد ؛ قال ابن سيده : قضينا على مجهول هذا الباب بالواو لكونها عينا . والأسواف : موضع بالمدينة بعينه . وفي الحديث : اصطدت نهسا بالأسواف . ابن الأثير : هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه سيدنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . والنهس : طائر يشبه الصرد ، مذكور في موضعه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية