الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سوا ]

                                                          سوا : سواء الشيء مثله ، والجمع أسواء ؛ أنشد اللحياني :


                                                          ترى القوم أسواء إذا جلسوا معا وفي القوم زيف مثل زيف الدراهم

                                                          وأنشد ابن بري لرافع بن هريم :


                                                          هلا كوصل ابن عمار تواصلني     ليس الرجال وإن سووا بأسواء

                                                          وقال آخر :


                                                          الناس أسواء وشتى في الشيم

                                                          وقال جران العود في صفة النساء :

                                                          [ ص: 310 ]

                                                          ولسن بأسواء فمنهن روضة     تهيج الرياح غيرها لا تصوح

                                                          وفي ترجمة " عدد " : هذا عده وعديده وسيه أي مثله . وسوى الشيء : نفسه ؛ وقال الأعشى :


                                                          تجانف عن خل اليمامة ناقتي     وما عدلت من أهلها بسوائكا

                                                          ولسوائكا ، يريد بك نفسك ؛ وقال ابن مقبل :


                                                          أردا وقد كان المزار سواهما     على دبر من صادر قد تبددا

                                                          قال ابن السكيت في قوله وقد كان المزاد سواهما أي وقع المزاد على المزاد وعلى سواهما أخطأهما ، يصف مزادتين إذا تنحى المزار عنهما استرختا ، ولو كان عليهما لرفعهما وقل اضطرابهما . قال أبو منصور : وسوى ، بالقصر ، يكون بمعنيين : يكون بمعنى نفس الشيء ، ويكون بمعنى غير . ابن سيده : وسواسية وسواس وسواسوة ؛ الأخيرة نادرة ، كلها أسماء جمع ، قال : وقال أبو علي : أما قولهم سواسوة فالقول فيه عندي أنه من باب ذلاذل ، وهو جمع سواء من غير لفظه ، قال : وقد قالوا سواسية ، قال : فالياء في سواسية منقلبة عن الواو ، ونظيره من الياء صياص جمع صيصة ، وإنما صحت الواو فيمن قال : سواسوة لأنها لام أصل وأن الياء فيمن قال سواسية منقلبة عنها ، وقد يكون السواء جمعا . وحكى ابن السكيت في باب رذال الناس في الألفاظ : قال أبو عمرو : يقال : هم سواسية إذا استووا في اللؤم والخسة والشر ؛ وأنشد :


                                                          وكيف ترجيها وقد حال دونها     سواسية لا يغفرون لها ذنبا

                                                          وأنشد ابن بري لشاعر :

                                                          سود سواسية كأن أنوفهم     بعر ينظمه الوليد بملعب

                                                          وأنشد أيضا لذي الرمة :


                                                          لولا بنو ذهل لقربت منكم     إلى السوط أشياخا سواسية مردا

                                                          يقول لضربتكم وحلقت رءوسكم ولحاكم . قال الفراء : يقال هم سواسية وسواس وسؤاسية ؛ قال كثير :


                                                          سواس كأسنان الحمار فما ترى     لذي شيبة منهم على ناشئ فضلا

                                                          وقال آخر :


                                                          سبينا منكم سبعين خودا     سواس لم يفض لها ختام

                                                          التهذيب : ومن أمثالهم سواسية كأسنان الحمار ؛ وقال آخر :


                                                          شبابهم وشيبهم سواء     سواسية كأسنان الحمار

                                                          قال : وهذا مثل قولهم في الحديث لا يزال الناس بخير ما تباينوا ، وفي رواية : ما تفاضلوا ، فإذا تساووا هلكوا ، وأصل هذا أن الخير في النادر من الناس ، فإذا استوى الناس في الشر ولم يكن فيهم ذو خير كانوا من الهلكى ؛ قال ابن الأثير : معناه أنهم إنما يتساوون إذا رضوا بالنقص وتركوا التنافس في طلب الفضائل ودرك المعالي ، قال : وقد يكون ذلك خاصا في الجهل ، وذلك أن الناس لا يتساوون في العلم وإنما يتساوون إذا كانوا جهالا ، وقيل : أراد بالتساوي التحزب والتفرق وأن لا يجتمعوا في إمام ويدعي كل واحد منهم الحق لنفسه فينفرد برأيه . وقال الفراء : يقال : هم سواسية يستوون في الشر ، قال : ولا أقول في الخير ، وليس له واحد . وحكي عن أبي القمقام سواسية ، أراد سواء ، ثم قال : سية ؛ وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال : ما أشد ما هجا القائل وهو الفرزدق :


                                                          سواسية كأسنان الحمار

                                                          وذلك أن أسنان الحمار مستوية ؛ وقال ذو الرمة :


                                                          وأمثل أخلاق امرئ القيس أنها     صلاب على عض الهوان جلودها
                                                          لهم مجلس صهب السبال أذلة     سواسية أحرارها وعبيدها

                                                          ويقال : ألآم سواسية وأرآد سواسية . ويقال : هو لئمه ورئده أي مثله ، والجمع ألآم وأرآد . وقوله عز وجل : سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ؛ معناه أن الله يعلم ما غاب وما شهد ، والظاهر في الطرقات ، والمستخفي في الظلمات ، والجاهر في نطقه ، والمضمر في نفسه ، علم الله بهم جميعا سواء . وسواء تطلب اثنين ، تقول : سواء زيد وعمرو في معنى ذوا سواء زيد وعمرو ، لأن سواء مصدر فلا يجوز أن يرفع ما بعدها إلا على الحذف ، تقول عدل زيد وعمرو ، والمعنى ذوا عدل زيد وعمرو ، لأن المصادر ليست كأسماء الفاعلين وإنما يرفع الأسماء أوصافها ؛ فأما إذا رفعتها المصادر فهي على الحذف كما قالت الخنساء :


                                                          ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت     فإنما هي إقبال وإدبار

                                                          أي ذات إقبال وإدبار ؛ هذا قول الزجاج ، فأما سيبويه فجعلها الإقبالة والإدبارة على سعة الكلام . وتساوت الأمور واستوت وساويت بينهما أي سويت . واستوى الشيئان وتساويا : تماثلا . وسويته به وساويت بينهما وسويت وساويت الشيء وساويت به وأسويته به ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد اللحياني للقناني أبي الحجناء :


                                                          فإن الذي يسويك يوما بواحد     من الناس أعمى القلب أعمى بصائره

                                                          الليث : الاستواء فعل لازم من قولك سويته فاستوى . وقال أبو الهيثم : العرب تقول استوى الشيء مع كذا وكذا وبكذا إلا قولهم للغلام إذا تم شبابه قد استوى . قال : ويقال استوى الماء والخشبة ، أي : مع الخشبة ، الواو بمعنى مع هاهنا . وقال الليث : يقال في البيع لا يساوي أي لا يكون هذا مع هذا الثمن سيين . الفراء : يقال لا يساوي الثوب وغيره كذا وكذا ، ولم يعرف يسوى ؛ وقال الليث : يسوى نادرة ، ولا يقال منه سوي ولا سوى ، كما أن نكراء جاءت نادرة ولا [ ص: 311 ] يقال لذكرها أنكر ، ويقولون نكر ولا يقولون ينكر ؛ قال الأزهري : وقول الفراء صحيح ، وقولهم لا يسوى أحسبه لغة أهل الحجاز ، وقد روي عن الشافعي : وأما لا يسوى فليس بعربي صحيح . وهذا لا يساوي هذا ، أي لا يعادله . ويقال : ساويت هذا بذاك إذا رفعته حتى بلغ قدره ومبلغه . وقال الله عز وجل : حتى إذا ساوى بين الصدفين ؛ أي سوى بينهما حين رفع السد بينهما . ويقال : ساوى الشيء الشيء إذا عادله . وساويت بين الشيئين إذا عدلت بينهما وسويت . ويقال : فلان وفلان سواء أي متساويان ، وقوم سواء لأنه مصدر لا يثنى ولا يجمع . قال الله تعالى : ليسوا سواء ؛ أي ليسوا مستوين . الجوهري : وهما في هذا الأمر سواء ، وإن شئت سواءان ، وهم سواء للجمع ، وهم أسواء ، وهم سواسية أي أشباه مثل يمانية على غير قياس ؛ قال الأخفش : ووزنه فعلفلة ، ذهب عنها الحرف الثالث وأصله الياء ، قال : فأما سواسية فإن سواء فعال ، وسية يجوز أن يكون فعة أو فعلة ، إلا أن فعة أقيس لأن أكثر ما يلقون موضع اللام ، وانقلبت الواو في سية ياء لكسرة ما قبلها لأن أصله سوية ، وقال ابن بري : سواسية جمع لواحد لم ينطق به ، وهو سوساة ، قال : ووزنه فعللة مثل موماة ، وأصله سوسوة ، فسواسية على هذا فعاللة كلمة واحدة ، ويدل على صحة ذلك قولهم سواسوة لغة في سواسية ، قال : وقول الأخفش ليس بشيء ؛ قال : وشاهد تثنية سواء قول قيس بن معاذ :


                                                          أيا رب إن لم تقسم الحب بيننا     سواءين فاجعلني على حبها جلدا

                                                          وقال آخر :


                                                          تعالي نسمط حب دعد ونغتدي     سواءين والمرعى بأم درين

                                                          ويقال للأرض المجدبة : أم درين . وإذا قلت سواء علي احتجت أن تترجم عنه بشيئين ، تقول : سواء سألتني أو سكت عني ، وسواء أحرمتني أم أعطيتني ؛ وإذا لحق الرجل قرنه في علم أو شجاعة قيل : ساواه . وقال ابن بزرج : يقال : لئن فعلت ذلك وأنا سواك ليأتينك مني ما تكره ؛ يريد وأنا بأرض سوى أرضك . ويقال : رجل سواء البطن إذا كان بطنه مستويا مع الصدر ، ورجل سواء القدم إذا لم يكن لها أخمص ، فسواء في هذا المعنى بمعنى المستوي . وفي صفة النبي ، صلى الله عليه وسلم : أنه كان سواء البطن والصدر . أراد الواصف أن بطنه كان غير مستفيض فهو مساو لصدره ، وأن صدره عريض فهو مساو لبطنه ، وهما متساويان لا ينبو أحدهما عن الآخر . وسواء الشيء : وسطه لاستواء المسافة إليه من الأطراف . وقوله عز وجل : إذ نسويكم برب العالمين ؛ أي نعدلكم فنجعلكم سواء في العبادة . قال الجوهري : والسي المثل ؛ قال ابن بري : وأصله سوي ؛ وقال :


                                                          حديد الناب ليس لكم بسي

                                                          وسويت الشيء فاستوى ، وهما على سوية من هذا الأمر أي على سواء . وقسمت الشيء بينهما بالسوية . وسيان بمعنى سواء . يقال : هما سيان ، وهم أسواء ؛ قال : وقد يقال : هم سي كما يقال : هم سواء ؛ قال الشاعر :


                                                          وهم سي إذا ما نسبوا     في سناء المجد من عبد مناف

                                                          والسيان : المثلان . قال ابن سيده : وهما سواءان وسيان مثلان ، والواحد سي ؛ قال الحطيئة :


                                                          فإياكم وحية بطن واد     هموز الناب ليس لكم بسي

                                                          يريد تعظيمه . وفي حديث جبير بن مطعم : قال له النبي ، صلى الله عليه وسلم : إنما بنو هاشم وبنو المطلب سي واحد . قال ابن الأثير : هكذا رواه يحيى بن معين أي مثل وسواء ، قال : والرواية المشهورة : شيء واحد ، بالشين المعجمة . وقولهم " لا سيما " كلمة يستثنى بها وهو سي ضم إليه ما ، والاسم الذي بعد " ما " لك فيه وجهان : إن شئت جعلت " ما " بمنزلة الذي وأضمرت ابتداء ورفعت الاسم الذي تذكره بخبر الابتداء ، تقول : جاءني القوم ولا سيما أخوك أي ولا سي الذي هو أخوك ، وإن شئت جررت ما بعده على أن تجعل ما زائدة وتجر الاسم بسي لأن معنى سي معنى مثل ؛ وينشد قول امرئ القيس :


                                                          ألا رب يوم لك منهن صالح     ولا سيما يوم بدارة جلجل

                                                          مجرورا ومرفوعا ، فمن رواه : ولا سيما يوم أراد وما مثل يوم ، و " ما " صلة ، ومن رواه : يوم ؛ أراد ولا سي الذي هو يوم . أبو زيد عن العرب : إن فلانا عالم ولا سيما أخوه ، قال : و " ما " صلة ونصب " سيما " ب " لا " الجحد و " ما " زائدة ، كأنك قلت ولا سي يوم ، وتقول : اضربن القوم ولا سيما أخيك أي ولا مثل ضربة أخيك ، وإن قلت ولا سيما أخوك أي ولا مثل الذي هو أخوك ، تجعل ما بمعنى الذي وتضمر هو وتجعله ابتداء وأخوك خبره ؛ قال سيبويه : قولهم لا سيما زيد أي لا مثل زيد و " ما " لغو ، وقال : لا سيما زيد كقولك دع ما زيد كقوله تعالى : مثلا ما بعوضة ؛ وحكى اللحياني : ما هو لك بسي أي بنظير ، وما هم لك بأسواء ، وكذلك المؤنث ما هي لك بسي ، قال : يقولون لا سي لما فلان ولا سيك ما فلان ولا سي لمن فعل ذلك ولا سيك إذا فعلت ذلك وما هن لك بأسواء ؛ وقول أبي ذؤيب :


                                                          وكان سيين أن لا يسرحوا نعما     أو يسرحوه بها واغبرت السوح

                                                          معناه أن لا يسرحوا نعما وأن يسرحوه بها ، لأن سواء وسيان لا يستعملان إلا بالواو فوضع أبو ذؤيب " أو " هاهنا موضع الواو ؛ ومثله قول الآخر :


                                                          فسيان حرب أو تبوء بمثله     وقد يقبل الضيم الذليل المسير

                                                          أي فسيان حرب وبواؤكم بمثله ، وإنما حمل أبا ذؤيب على أن قال أو يسرحوه بها كراهية الخبن في مستفعلن ، ولو قال ويسرحوه لكان الجزء مخبونا . قال الأخفش : قولهم إن فلانا كريم ولا سيما إن أتيته قاعدا ، فإن ما هاهنا زائدة لا تكون من الأصل ، وحذف هنا الإضمار [ ص: 312 ] وصار " ما " عوضا منها كأنه قال : ولا مثله إن أتيته قاعدا . ابن سيده : مررت برجل سواء والعدم وسوى والعدم ، أي : وجوده وعدمه سواء . وحكى سيبويه : سواء هو والعدم . وقالوا : هذا درهم سواء وسواء ، النصب على المصدر كأنك قلت استواء ، والرفع على الصفة كأنك قلت مستو . وفي التنزيل العزيز : في أربعة أيام سواء للسائلين ؛ قال : وقد قرئ سواء على الصفة . والسوية والسواء : العدل والنصفة ؛ قال تعالى : قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ؛ أي عدل ؛ قال زهير :


                                                          أروني خطة لا عيب فيها     يسوي بيننا فيها السواء

                                                          وقال تعالى : فانبذ إليهم على سواء ؛ ؛ وأنشد ابن بري للبراء بن عازب الضبي :


                                                          أتسألني السوية وسط زيد     ألا إن السوية أن تضاموا

                                                          وسواء الشيء وسواه وسواه ؛ الأخيرتان عن اللحياني : وسطه ؛ قال الله تعالى : في سواء الجحيم ؛ وقال حسان بن ثابت :


                                                          يا ويح أصحاب النبي ورهطه     بعد المغيب في سواء الملحد

                                                          وفي حديث أبي بكر والنسابة : أمكنت من سواء الثغرة أي وسط ثغرة النحر . ومنه حديث ابن مسعود : يوضع الصراط على سواء جهنم . وفي حديث قس : فإذا أنا بهضبة في تسوائها أي في الموضع المستوي منها ، والتاء زائدة للتفعال . وفي حديث علي ، رضي الله عنه : كان يقول : حبذا أرض الكوفة أرض سواء سهلة أي مستوية . يقال : مكان سواء أي متوسط بين المكانين ، وإن كسرت السين فهي الأرض التي ترابها كالرمل . وسواء الشيء : غيره ؛ وأنشد الجوهري للأعشى :


                                                          تجانف عن جو اليمامة ناقتي     وما عدلت عن أهلها لسوائكا

                                                          وفي الحديث : سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا من سواء أنفسهم فيستبيح بيضتهم أي من غير أهل دينهم ؛ سواء ، بالفتح والمد : مثل سوى بالقصر والكسر كالقلا والقلاء ، وسوى في معنى غير .أبو عبيد : سوى الشيء غيره كقولك رأيت سواك ، وأما سيبويه فقال : سوى وسواء ظرفان ، وإنما استعمل سواء اسما في الشعر كقوله :


                                                          ولا ينطق الفحشاء من كان منهم     إذا جلسوا منا ولا من سوائنا

                                                          وكقول الأعشى :


                                                          وما عدلت عن أهلها لسوائكا

                                                          قال ابن بري : سواء الممدودة التي بمعنى غير هي ظرف مكان بمعنى بدل ؛ كقول الجعدي :


                                                          لوى الله علم الغيب عمن سواءه     ويعلم منه ما مضى وتأخرا

                                                          وقال يزيد بن الحكم :


                                                          هم البحور وتلقى من سواءهم     ممن يسود أثمادا وأوشالا

                                                          قال : وسوى من الظروف التي ليست بمتمكنة ؛ قال الشاعر :


                                                          سقاك الله يا سلمى سقاك     ودارك باللوى دار الأراك
                                                          أما والراقصات بكل فج     ومن صلى بنعمان الأراك
                                                          لقد أضمرت حبك في فؤادي     وما أضمرت حبا من سواك
                                                          أطعت الآمريك بقطع حبلي     مريهم في أحبتهم بذاك
                                                          فإن هم طاوعوك فطاوعيهم     وإن عاصوك فاعصي من عصاك

                                                          ابن السكيت : سواء ممدود ، بمعنى وسط . وحكى الأصمعي عن عيسى بن عمر : انقطع سوائي أي وسطي ، قال : وسوى وسوى بمعنى غير كقولك سواء . قال الأخفش : سوى وسوى إذا كان بمعنى غير أو بمعنى العدل يكون فيه ثلاث لغات : إن ضممت السين أو كسرت قصرت فيهما جميعا ، وإن فتحت مددت ، تقول مكان سوى وسوى وسواء أي عدل ووسط فيما بين الفريقين ؛ قال موسى بن جابر :


                                                          وجدنا أبانا كان حل ببلدة     سوى بين قيس قيس عيلان والفزر

                                                          وتقول : مررت برجل سواك وسواك وسوائك أي غيرك . قال ابن بري : ولم يأت سواء مكسور السين ممدودا إلا في قولهم : هو في سواء رأسه وسي رأسه إذا كان في نعمة وخصب ، قال : فيكون سواء على هذا مصدر ساوى . قال ابن بري : وسي بمعنى سواء ، قال : وقولهم فلان في سي رأسه وفي سواء رأسه ، كله من هذا الفصل ، وذكره الجوهري في فصل " سيا " ، وفسره فقال : قال الفراء : يقال : هو في سي رأسه وفي سواء رأسه إذا كان في النعمة . قال أبو عبيد : وقد يفسر سي رأسه عدد شعره من الخير ؛ قال ذو الرمة :


                                                          كأنه خاضب بالسي مرتعه     أبو ثلاثين أمسى وهو منقلب

                                                          ومكان سوى وسوى : معلم . وقوله عز وجل : مكانا سوى ؛ وسوى قال الفراء : وأكثر كلام العرب بالفتح إذا كان في معنى نصف وعدل فتحوه ومدوه ، والكسر والضم مع القصر عربيان ، وقد قرئ بهما . قال الليث : تصغير سواء الممدود سوي . وقال أبو إسحاق : مكانا سوى ويقرأ بالضم ، ومعناه منصفا أي مكانا يكون للنصف فيما بيننا وبينك ، وقد جاء في اللغة سواء بهذا المعنى ، تقول هذا مكان سواء أي متوسط بين المكانين ، ولكن لم يقرأ إلا بالقصر سوى وسوى . ولا يساوي الثوب وغيره شيئا ولا يقال : يسوى ، قال ابن سيده : هذا قول أبي عبيد ، قال : وقد حكاه أبو عبيدة . واستوى الشيء : اعتدل ، والاسم السواء ، يقال : سواء علي قمت أو قعدت . واستوى الرجل : بلغ أشده ، وقيل : بلغ أربعين سنة . وقوله عز [ ص: 313 ] وجل : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء ؛ كما تقول : قد بلغ الأمير من بلد كذا وكذا ثم استوى إلى بلد كذا ، معناه قصد بالاستواء إليه ، وقيل : استوى إلى السماء صعد أمره إليها ، وفسره ثعلب فقال : أقبل إليها ، وقيل : استولى ، الجوهري : استوى إلى السماء أي قصد ، واستوى أي استولى وظهر ، وقال :


                                                          قد استوى بشر على العراق     من غير سيف ودم مهراق

                                                          الفراء : الاستواء في كلام العرب على وجهين : أحدهما أن يستوي الرجل وينتهي شبابه وقوته ، أو يستوي عن اعوجاج ، فهذان وجهان ، ووجه ثالث أن تقول : كان فلان مقبلا على فلانة ثم استوى علي وإلي يشاتمني ، على معنى أقبل إلي وعلي ، فهذا قوله عز وجل : ثم استوى إلى السماء ؛ قال الفراء : وقال ابن عباس : ثم استوى إلى السماء صعد ، وهذا كقولك للرجل : كان قائما فاستوى قاعدا ، وكان قاعدا فاستوى قائما ، قال : وكل من كلام العرب جائز . وقول ابن عباس : صعد إلى السماء أي صعد أمره إلى السماء . وقال أحمد بن يحيى في قوله عز وجل : الرحمن على العرش استوى ؛ قال : الاستواء الإقبال على الشيء ، وقال الأخفش : استوى أي علا ، تقول : استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت أي علوته ، واستوى على ظهر دابته أي استقر . وقال الزجاج في قوله تعالى : ثم استوى إلى السماء : عمد وقصد إلى السماء ، كما تقول : فرغ الأمير من بلد كذا وكذا ثم استوى إلى بلد كذا وكذا ، معناه قصد بالاستواء إليه . قال داود بن علي الأصبهاني : كنت عند ابن الأعرابي فأتاه رجل فقال : ما معنى قول الله عز وجل : الرحمن على العرش استوى ؛ فقال ابن الأعرابي : هو على عرشه كما أخبر ، فقال : يا أبا عبد الله إنما معناه استولى ، فقال ابن الأعرابي : ما يدريك ؟ العرب لا تقول استولى على الشيء حتى يكون له مضاد فأيهما غلب فقد استولى ؛ أما سمعت قول النابغة :


                                                          إلا لمثلك أو من أنت سابقه     سبق الجواد إذا استولى على الأمد

                                                          وسئل مالك بن أنس : استوى كيف استوى ؟ فقال : الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة . وقوله عز وجل : ولما بلغ أشده واستوى ؛ قيل : إن معنى استوى هاهنا بلغ الأربعين . قال أبو منصور : وكلام العرب أن المجتمع من الرجال المستوي الذي تم شبابه ، وذلك إذا تمت ثمان وعشرون سنة فيكون مجتمعا ومستويا إلى أن يتم له ثلاث وثلاثون سنة ، ثم يدخل في حد الكهولة ، ويحتمل أن يكون بلوغ الأربعين غاية الاستواء وكمال العقل . ومكان سوي وسي : مستو . وأرض سي : مستوية ؛ قال ذو الرمة :


                                                          رهاء بساط الأرض سي مخوفة

                                                          والسي : المكان المستوي ؛ وقال آخر :


                                                          بأرض ودعان بساط سي

                                                          أي سواء مستقيم . وسوى الشيء وأسواه : جعله سويا . وهذا المكان أسوى هذه الأمكنة ، أي : أشدها استواء ، حكاه أبو حنيفة . وأرض سواء مستوية ، ودار سواء مستوية المرافق . وثوب سواء : مستو عرضه وطوله وطبقاته ، ولا يقال : جمل سواء ولا حمار سواء ولا رجل سواء . واستوت به الأرض وتسوت وسويت عليه ، كله : هلك فيها . وقوله تعالى : لو تسوى بهم الأرض ؛ فسره ثعلب : فقال : معناه يصيرون كالتراب ، وقيل : لو تسوى بهم الأرض أي تستوي بهم ؛ وقوله :


                                                          طال على رسم مهدد أبده     وعفا واستوى به بلده

                                                          فسره ثعلب : فقال : استوى به بلده صار كله حدبا ، وهذا البيت مختلف الوزن فالمصراع الأول من المنسرح والثاني من الخفيف . ورجل سوي الخلق والأنثى سوية أي مستو . وقد استوى إذا كان خلقه وولده سواء ؛ قال ابن سيده : هذا لفظ أبي عبيد ، قال : والصواب كان خلقه وخلق ولده أو كان هو وولده . الفراء : أسوى الرجل إذا كان خلق ولده سويا وخلقه أيضا ، واستوى من اعوجاج . وقوله تعالى : بشرا سويا ؛ وقال : ثلاث ليال سويا ؛ قال الزجاج : لما قال زكريا لربه اجعل لي آية أي علامة أعلم بها وقوع ما بشرت به قال : آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سويا ؛ أي تمنع الكلام وأنت سوي لا أخرس فتعلم بذلك أن الله قد وهب لك الولد ، قال : " سويا " منصوب على الحال ، قال : وأما قوله تعالى : فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ؛ يعني جبريل تمثل لمريم وهي في غرفة مغلق بابها عليها ، محجوبة عن الخلق فتمثل لها في صورة خلق بشر سوي فقالت له : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ؛ قال أبو الهيثم : السوي فعيل في معنى مفتعل أي مستو ، قال : والمستوي التام في كلام العرب الذي قد بلغ الغاية في شبابه وتمام خلقه وعقله . واستوى الرجل إذا انتهى شبابه ، قال : ولا يقال في شيء من الأشياء استوى بنفسه حتى يضم إلى غيره ، فيقال : استوى فلان وفلان ، إلا في معنى بلوغ الرجل النهاية فيقال : استوى ، قال : واجتمع مثله . ويقال : هما على سوية من الأمر أي على سواء أي استواء . والسوية : قتب عجمي للبعير ، والجمع السوايا . الفراء : الساية فعلة من التسوية . وقول الناس : ضرب لي ساية أي هيأ لي كلمة سواها علي ليخدعني . ويقال : كيف أمسيتم ؟ فيقولون : مسئون ، بالهمز ، صالحون . وقيل لقوم : كيف أصبحتم ؟ قالوا : مسوين صالحين . الجوهري : يقال : كيف أصبحتم ؟ فيقولون : مسئون صالحون . أي : أن أولادنا ومواشينا سوية صالحة . قال ابن بري : قال ابن خالويه : أسوى نسي ، وأسوى صلع ، وأسوى بمعنى أساء ، وأسوى استقام . ويقال : أسوى القوم في السقي ، وأسوى الرجل أحدث ، وأسوى خزي ، وأسوى في المرأة أوعب ، وأسوى حرفا من القرآن أو آية أسقط . وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال : ما رأيت أحدا أقرأ من علي ، صلينا خلفه فأسوى برزخا ثم رجع إليه فقرأه ، ثم عاد إلى الموضع الذي كان انتهى إليه ، قال الكسائي : أسوى بمعنى أسقط وأغفل ، يقال : أسويت الشيء إذا تركته وأغفلته ، قال الجوهري : كذا حكاه أبو عبيد وأنا أرى أن أصل هذا الحرف مهموز ، [ ص: 314 ] قال أبو منصور : أرى قول أبي عبد الرحمن في علي ، رضي الله عنه : أسوى برزخا بمعنى أسقط ، أصله من قولهم أسوى إذا أحدث ، وأصله من السوأة ، وهي الدبر ، فترك الهمز في الفعل ؛ قال محمد بن المكرم : رحم الله الكسائي فإنه ذكر أن أسوى بمعنى أسقط ، ولم يذكر لذلك أصلا ولا تعليلا ، ولقد كان ينبغي لأبي منصور - سامحه الله - أن يقتدي بالكسائي ولا يذكر لهذه اللفظة أصلا ولا اشتقاقا وليس ذلك بأول هفواته وقلة مبالاته بنطقه ، وقد تقدم في ترجمة ( عمر ) ما يقارب هذا ، وقد أجاد ابن الأثير العبارة أيضا في هذا فقال : الإسواء في القراءة والحساب كالإشواء في الرمي ، أي : أسقط وأغفل ، والبرزخ ما بين الشيئين ؛ قال الهروي : ويجوز أشوى ، بالشين المعجمة ، بمعنى أسقط ، والرواية بالسين . وأسوى إذا برص ، وأسوى إذا عوفي بعد علة . ويقال : نزلنا في كلأ سي ، وأنبط ماء سيا أي كثيرا واسعا ، وقوله تعالى : بلى قادرين على أن نسوي بنانه ؛ قال : أي نجعلها مستوية كخف البعير ونحوه ، ونرفع منافعه بالأصابع . وسواء الجبل : ذروته ، وسواء النهار : منتصفه ، وليلة السواء : ليلة أربع عشرة ، وقال الأصمعي : ليلة السواء - ممدود - ليلة ثلاث عشرة ، وفيها يستوي القمر ، وهم في هذا الأمر على سوية ، أي استواء . والسوية : كساء يحشى بثمام أو ليف أو نحوه ثم يجعل على ظهر البعير ، وهو من مراكب الإماء وأهل الحاجة ، وقيل : السوية كساء يحوى حول سنام البعير ثم يركب . الجوهري : السوية كساء محشو بثمام ونحوه كالبرذعة ؛ وقال عبد الله بن غنمة الضبي ، والصحيح أنه لسلام بن عوية الضبي :


                                                          فازجر حمارك لا تنزع سويته     إذا يرد وقيد العير مكروب

                                                          قال : والجمع سوايا ، وكذلك الذي يجعل على ظهر الإبل إلا أنه كالحلقة لأجل السنام ، ويسمى الحوية . وسوى الشيء : قصده ؛ وقصدت سوى فلان أي قصدت قصده ؛ وقال :


                                                          ولأصرفن سوى حذيفة مدحتي     لفتى العشي وفارس الأجراف

                                                          وقالوا : عقلك سواك أي عزب عنك ؛ عن ابن الأعرابي ؛ وأنشد للحطيئة :


                                                          لن يعدموا رابحا من إرث مجدهم     ولا يبيت سواهم حلمهم عزبا

                                                          وأما قوله تعالى : فقد ضل سواء السبيل ؛ فإن سلمة روى عن الفراء أنه قال : سواء السبيل قصد السبيل ، وقد يكون سواء على مذهب غير كقولك أتيت سواءك ، فتمد . ووقع فلان في سي رأسه وسواء رأسه أي هو مغمور في النعمة . وقيل : في عدد شعر رأسه ، وقيل : معناه أن النعمة ساوت رأسه أي كثرت عليه ، ووقع من النعمة في سواء رأسه ، بكسر السين ؛ عن الكسائي ؛ قال ثعلب : وهو القياس كأن النعمة ساوت رأسه مساواة وسواء . والسي : الفلاة . ابن الأعرابي : سوى إذا استوى ، وسوى إذا حسن . وسوى موضع معروف . والسي : موضع أملس بالبادية . وساية : واد عظيم به أكثر من سبعين نهرا تجري ، تنزله مزينة وسليم . وساية أيضا : وادي أمج ، وأهل أمج خزاعة ؛ وقول أبي ذؤيب يصف الحمار والأتن :


                                                          فافتنهن من السواء وماؤه     بثر وعانده طريق مهيع

                                                          قيل : السواء هاهنا موضع بعينه ، وقيل : السواء الأكمة ، أية كانت ، وقيل : الحرة ، وقيل : رأس الحرة . وسوية : امرأة ؛ وقول خالد بن الوليد :


                                                          لله در رافع أنى اهتدى     فوز من قراقر إلى سوى
                                                          خمسا إذا سار به الجبس بكى     عند الصباح يحمد القوم السرى
                                                          وتنجلي عنهم غيابات الكرى

                                                          قراقر وسوى : ماءان ؛ وأنشد ابن بري لابن مفرغ :


                                                          فدير سوى فساتيد فبصرى



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية