الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سيح ]

                                                          سيح : السيح : الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض ، وفي التهذيب : الماء الظاهر على وجه الأرض ، وجمعه سيوح . وقد ساح يسيح سيحا وسيحانا إذا جرى على وجه الأرض . وماء سيح وغيل إذا جرى على وجه الأرض ، وجمعه أسياح ؛ ومنه قوله :


                                                          لتسعة أسياح وسيح العمر

                                                          وأساح فلان نهرا إذا أجراه ؛ قال الفرزدق :


                                                          وكم للمسلمين أسحت بحري     بإذن الله من نهر ونهر

                                                          وفي حديث الزكاة : ما سقي بالسيح ففيه العشر أي الماء الجاري . وفي حديث البراء في صفة بئر : فلقد أخرج أحدنا بثوب مخافة الغرق ثم ساحت أي جرى ماؤها وفاضت . والسياحة : الذهاب في الأرض للعبادة والترهب ؛ ساح في الأرض يسيح سياحة وسيوحا وسيحا وسيحانا أي ذهب ؛ وفي الحديث : لا سياحة في الإسلام ؛ أراد بالسياحة مفارقة الأمصار والذهاب في الأرض ، وأصله من سيح الماء الجاري ؛ قال ابن الأثير : أراد مفارقة الأمصار وسكنى البراري وترك شهود الجمعة والجماعات ؛ قال : وقيل : أراد الذين يسعون في الأرض بالشر والنميمة والإفساد بين الناس ؛ وقد ساح ، ومنه المسيح ابن مريم - عليهما السلام - في بعض الأقاويل : كان يذهب في الأرض فأينما أدركه الليل صف قدميه وصلى حتى الصباح ؛ فإذا كان كذلك ، فهو مفعول بمعنى فاعل . والمسياح الذي يسيح في الأرض بالنميمة والشر ؛ وفي حديث علي ، رضي الله عنه : أولئك أمة الهدى ليسوا بالمساييح ولا بالمذاييع البذر . يعني الذين يسيحون في الأرض بالنميمة والشر والإفساد بين الناس ، والمذاييع الذين يذيعون الفواحش . الأزهري : قال شمر : المساييح ليس من السياحة ولكنه من التسييح ؛ والتسييح في الثوب : أن تكون فيه خطوط مختلفة ليست من نحو واحد . وسياحة هذه الأمة الصيام ولزوم المساجد . وقوله تعالى : الحامدون السائحون ؛ وقال تعالى : سائحات ثيبات وأبكارا ؛ السائحون والسائحات : الصائمون ؛ قال الزجاج : السائحون في قول أهل التفسير واللغة جميعا الصائمون ، قال : ومذهب الحسن أنهم الذين يصومون الفرض ؛ وقيل : إنهم الذين يديمون الصيام ، وهو مما في الكتب الأول ؛ وقيل : إنما قيل للصائم سائح لأن الذي يسيح متعبدا يسيح ولا زاد معه إنما يطعم إذا وجد الزاد . والصائم لا يطعم أيضا فلشبهه به سمي سائحا ؛ وسئل ابن عباس وابن مسعود عن السائحين ، فقال : هم الصائمون . والسيح : المسح المخطط ؛ وقيل : السيح مسح مخطط يستتر به ويفترش ؛ وقيل : السيح العباءة المخططة ؛ وقيل : هو ضرب من البرود ، وجمعه سيوح ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          وإني وإن تنكر سيوح عباءتي     شفاء الدقى يا بكر أم تميم

                                                          الدقى : البشم ، وعباءة مسيحة ؛ قال الطرماح :


                                                          من الهوذ كدراء السراة ولونها     خصيف كلون الحيقطان المسيح

                                                          ابن بري : الهوذ جمع هوذة ، وهي القطاة . والسراة : الظهر . والخصيف : الذي يجمع لونين بياضا وسوادا . وبرد مسيح ومسير : مخطط ؛ ابن شميل : المسيح من العباء الذي فيه جدد : واحدة بيضاء ، وأخرى سوداء ليست بشديدة السواد ؛ وكل عباءة سيح ومسيحة ، ويقال : نعم السيح هذا ! وما لم يكن جدد فإنما هو كساء وليس بعباء . وجراد مسيح : مخطط أيضا ؛ قال الأصمعي : المسيح من الجراد الذي فيه خطوط سود وصفر وبيض ، واحدته مسيحة ؛ قال الأصمعي : إذا صار في الجراد خطوط سود وصفر وبيض ، فهو المسيح ، فإذا بدا حجم جناحه فذلك الكتفان لأنه حينئذ يكتف المشي ، قال : فإذا ظهرت أجنحته وصار أحمر إلى الغبرة ، فهو الغوغاء ، الواحدة غوغاءة ، وذلك حين يموج بعضه في بعض ولا يتوجه جهة واحدة ، قال الأزهري : هذا في رواية عمرو بن بحر . الأزهري : والمسيح من الطريق المبين شركه ، وإنما سيحه كثرة شركه ، شبه بالعباء المسيح ؛ ويقال للحمار الوحشي : مسيح لجدة تفصل بين بطنه وجنبه ؛ ؛ قال ذو الرمة :


                                                          تهاوى بي الظلماء حرف كأنها     مسيح أطراف العجيزة أسحم

                                                          يعني حمارا وحشيا شبه الناقة به . وانساح الثوب وغيره : تشقق ، وكذلك الصبح . وفي حديث الغار : فانساحت الصخرة . أي : اندفعت واتسعت ؛ ومنه ساحة الدار ، ويروى بالخاء وبالصاد . وانساح البطن : اتسع ودنا من السمن . التهذيب : ابن الأعرابي : يقال للأتان قد انساح بطنها واندال انسياحا إذا ضخم ودنا من الأرض . وانساح باله أي اتسع ؛ وقال :


                                                          أمني ضمير النفس إياك بعدما     يراجعني بثي فينساخ بالها

                                                          ويقال : أساح الفرس ذكره وأسابه إذا أخرجه من قنبه . قال خليفة الحصيني : ويقال سيبه وسيحه ، مثله . وساح الظل : أي فاء . وسيح : ماء لبني حسان بن عوف ؛ وقال :


                                                          يا حبذا سيح إذا الصيف التهب

                                                          وسيحان : نهر بالشام ؛ وفي الحديث ذكر سيحان ، هو نهر بالعواصم من أرض المصيصة قريبا من طرسوس ، ويذكر مع جيحان . وساحين : نهر بالبصرة . وسيحون : نهر بالهند .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية