الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ سير ]

                                                          سير : السير : الذهاب ؛ سار يسير سيرا ومسيرا وتسيارا ومسيرة وسيرورة ؛ الأخيرة عن اللحياني ، وتسيارا يذهب بهذه الأخيرة إلى الكثرة ؛ قال :


                                                          فألقت عصا التسيار منها وخيمت بأرجاء عذب الماء بيض محافره

                                                          وفي حديث حذيفة : تساير عنه الغضب أي سار وزال . ويقال : سار القوم يسيرون سيرا ومسيرا إذا امتد بهم السير في جهة توجهوا لها . ويقال : بارك الله في مسيرك أي سيرك ؛ قال الجوهري : وهو شاذ لأن قياس المصدر من فعل يفعل مفعل ، بالفتح ، والاسم من كل ذلك السيرة ، حكى اللحياني : إنه لحسن السيرة ؛ وحكى ابن جني : طريق مسور فيه ورجل مسور به ، وقياس هذا ونحوه عند الخليل أن يكون مما تحذف فيه الياء ، و الأخفش يعتقد أن المحذوف من هذا ونحوه إنما هو واو مفعول لا عينه ، وآنسه بذلك : قد هوب وسور به وكول . والتسيار : تفعال من السير . وسايره أي جاراه فتسايرا . وبينهما مسيرة يوم . وسيره من بلده : أخرجه وأجلاه . وسيرت الجل عن ظهر الدابة : نزعته عنه . وقوله في الحديث : نصرت بالرعب مسيرة شهر ؛ أي المسافة التي يسار فيها من الأرض كالمنزلة والمتهمة ، أو هو مصدر بمعنى السير كالمعيشة والمعجزة من العيش والعجز . والسيارة : القافلة . والسيارة : القوم يسيرون أنث على معنى الرفقة أو الجماعة ، فأما قراءة من قرأ : تلتقطه بعض السيارة ؛ فإنه أنث لأن بعضها سيارة . وقولهم : أصح من عير أبي سيارة ؛ هو أبو سيارة العدواني كان يدفع بالناس من جمع أربعين سنة على حماره ؛ قال الراجز :


                                                          خلوا الطريق عن أبي سياره     وعن مواليه بني فزاره
                                                          حتى يجيز سالما حماره

                                                          وسار البعير وسرته وسارت الدابة وسارها صاحبها ، يتعدى ولا يتعدى . ابن بزرج : سرت الدابة إذا ركبتها ، وإذا أردت بها المرعى قلت : أسرتها إلى الكلأ ، وهو أن يرسلوا فيها الرعيان ويقيموا هم . والدابة مسيرة إذا كان الرجل راكبها والرجل سائر لها ، والماشية مسارة ، والقوم مسيرون ، والسير عندهم بالنهار والليل ، وأما السرى فلا يكون إلا ليلا ؛ سار دابته سيرا وسيرة ومسارا ومسيرا ؛ قال :


                                                          فاذكرن موضعا إذا التقت الخي     ل وقد سارت الرجال الرجالا

                                                          أي سارت الخيل الرجال إلى الرجال ، وقد يجوز أن يكون أراد : وسارت إلى الرجال بالرجال ، فحذف حرف الجر ونصب ، والأول أقوى . وأسارها وسيرها : كذلك . وسايره : سار معه . وفلان لا تساير خيلاه إذا كان كذابا . والسيرة : الضرب من السير . والسيرة : الكثير السير ؛ هذه عن ابن جني . والسيرة : السنة ، وقد سارت وسرتها ؛ قال خالد بن زهير ؛ وقال ابن بري : هو لخالد ابن أخت أبي ذؤيب ، وكان أبو ذؤيب يرسله إلى محبوبته فأفسدها عليه فعاتبه أبو ذؤيب في أبيات كثيرة فقال له خالد :


                                                          فإن التي فينا زعمت ومثلها     لفيك ولكني أراك تجورها
                                                          تنقذتها من عند وهب بن جابر     وأنت صفي النفس منه وخيرها
                                                          فلا تجزعن من سنة أنت سرتها     فأول راض سنة من يسيرها

                                                          يقول : أنت جعلتها سائرة في الناس . وقال أبو عبيد : سار الشيء وسرته ، فعم ؛ وأنشد بيت خالد بن زهير . والسيرة : الطريقة . يقال : سار بهم سيرة حسنة . والسيرة : الهيئة . وفي التنزيل العزيز : سنعيدها سيرتها الأولى ؛ وسير سيرة : حدث أحاديث الأوائل . وسار الكلام والمثل في الناس : شاع . ويقال : هذا مثل سائر ؛ وقد سير فلان أمثالا سائرة في الناس . وسائر الناس : جميعهم . وسار الشيء : لغة في سائره . وساره : جميعه ، يجوز أن يكون من الباب لسعة باب " س ي ر " وأن يكون من الواو لأنها عين ، وكلاهما قد قيل ؛ قال أبو ذؤيب يصف ظبية :


                                                          وسود ماء المرد فاها فلونه     كلون النئور وهي أدماء سارها

                                                          أي سائرها ؛ التهذيب : وأما قوله :


                                                          وسائر الناس همج

                                                          فإن أهل اللغة اتفقوا على أن معنى " سائر " في أمثال هذا الموضع بمعنى الباقي ، من قولك أسأرت سؤرا وسؤرة إذا أفضلتها . وقولهم : سر عنك أي تغافل واحتمل ، وفيه إضمار كأنه قال : سر ودع عنك المراء والشك . والسيرة : الميرة . والاستيار : الامتيار ؛ قال الراجز :

                                                          [ ص: 318 ]

                                                          أشكو إلى الله العزيز الغفار     ثم إليك اليوم بعد المستار

                                                          ويقال : المستار في هذا البيت مفتعل من السير ، والسير : ما قد من الجلد ، والجمع السيور . والسير : ما قد من الأديم طولا . والسير الشراك ، وجمعه أسيار وسيور وسيورة . وثوب مسير : وشيه مثل السيور ؛ وفي التهذيب : إذا كان مخططا . وسير الثوب والسهم : جعل فيه خطوطا . وعقاب مسيرة : مخططة . والسيراء والسيراء : ضرب من البرود ، وقيل : هو ثوب مسير فيه خطوط تعمل من القز كالسيور ، وقيل : برود يخالطها حرير ؛ قال الشماخ :


                                                          فقال إزار شرعبي وأربع     من السيراء أو أواق نواجز

                                                          وقيل : هي ثياب من ثياب اليمن . والسيراء : الذهب ، وقيل : الذهب الصافي . الجوهري : والسيراء ، بكسر السين وفتح الياء والمد : برد فيه خطوط صفر ؛ قال النابغة :


                                                          صفراء كالسيراء أكمل خلقها     كالغصن في غلوائه المتأود

                                                          وفي الحديث : أهدى إليه أكيدر دومة حلة سيراء ؛ قال ابن الأثير : هو نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور ، وهو فعلاء من السير القد ؛ قال : هكذا روي على هذه الصفة ؛ قال : وقال بعض المتأخرين إنما هو على الإضافة ، واحتج بأن سيبويه قال : لم تأت فعلاء صفة لكن اسما ، وشرح السيراء بالحرير الصافي ومعناه حلة حرير . وفي الحديث : أعطى عليا بردا سيراء ، وقال : اجعله خمرا . وفي حديث عمر : رأى حلة سيراء تباع ؛ وحديثه الآخر : أن أحد عماله وفد إليه وعليه حلة مسيرة ، أي : فيها خطوط من إبريسم كالسيور . والسيراء : ضرب من النبت ، وهي أيضا القرفة اللازقة بالنواة ؛ واستعاره الشاعر لخلب القلب وهو حجابه فقال :


                                                          نجى امرأ من محل السوء أن له     في القلب من سيراء القلب نبراسا

                                                          والسيراء : الجريدة من جرائد النخل . ومن أمثالهم في اليأس من الحاجة - قولهم : أسائر اليوم وقد زال الظهر ؟ أي أتطمع فيهما بعد وقد تبين لك اليأس ؛ لأن من كل عن حاجته اليوم بأسره وقد زال الظهر وجب أن ييأس كما ييأس منه بغروب الشمس . وفي حديث بدر ذكر سير ، هو بفتح السين وتشديد الياء المكسورة كثيب ، بين بدر والمدينة ، قسم عنده النبي - صلى الله عليه وسلم - غنائم بدر . وسيار : اسم رجل ؛ وقول الشاعر :


                                                          وسائلة بثعلبة بن سير     وقد علقت بثعلبة العلوق

                                                          أراد : بثعلب بن سيار فجعله سيرا للضرورة لأنه لم يمكنه سيار لأجل الوزن فقال " سير " . قال ابن بري : البيت للمفضل النكري يذكر أن ثعلبة بن سيار كان في أسره ؛ وبعده :


                                                          يظل يساور المذقات فينا     يقاد كأنه جمل زنيق

                                                          المذقات : جمع مذقة ، اللبن المخلوط بالماء . والزنيق : المزنوق بالحبل ، أي هو أسير عندنا في شدة من الجهد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية