الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4744 ) مسألة ; قال : ( وإذا أوصى أن يشترى عبد زيد بخمسمائة ، فيعتق ، فلم يبعه سيده ، فالخمسمائة للورثة . وإن اشتروه بأقل ، فما فضل فهو للورثة ) أما إذا تعذر شراؤه ، إما لامتناع سيده من بيعه ، أو من بيعه بالخمسمائة ، وإما لموته ، أو لعجز الثلث عن ثمنه ، فالثمن للورثة ; لأن الوصية بطلت لتعذر العمل بها ، فأشبه ما لو وصى لرجل فمات قبل موت الموصي ، أو بعده ولم يدع وارثا . ولا يلزمهم شراء عبد آخر ; لأن الوصية لمعين ، فلا تصرف إلى غيره . وأما إن اشتروه بأقل ، فالباقي للورثة ، وقال الثوري : يدفع جميع الثمن إلى سيد العبد ; لأنه قصد إرفاقه بالثمن ومحاباته به ، فأشبه ما لو قال : بيعوه عبدي بخمسمائة . وقيمته أكثر منها ، وكما لو أوصى أن يحج عنه فلان حجة [ ص: 128 ] بخمسمائة . وقال إسحاق : يجعل بقية الثمن في العتق ، كما لو أوصى أن يحج عنه بخمسمائة ، رد ما فضل في الحج . ولنا ، أنه أمر بشرائه بخمسمائة ، فكان ما فضل من الثمن راجعا إليه ، كما لو وكل في شرائه في حياته ، وفارق ما إذا أوصى أن يحج عنه رجل بخمسمائة ; لأن القصد ثم إرفاق الذي يحج بالفضلة ، وفي مسألتنا المقصود العتق . ويفارق ما إذا أوصى أن يحج عنه بخمسمائة لغير معين ; لأن الوصية ثم للحج مطلقا ، فصرف جميعها فيه ، وها هنا لمعين ، فلا تتعداه . وقوله : إنه قصد إرفاق زيد بالثمن ومحاباته به . فنقول : الصحيح أنه إن كانت ثم قرينة تدل على ذلك ، إما لكون البائع صديقا له ، أو ذا حاجة ، أو من أهل الفضل الذين يقصدون بهذا ، أو عين هذا الثمن وهو يعلم حصول العبد بدونه ; لقلة قيمته ، فإنه يدفع جميع الثمن إلى زيد ، كما لو صرح بذلك ، فقال : وادفعوا إليه جميعها ، وإن بذله بدونها . وإن انعدمت هذه القرائن ، فالظاهر أنه إنما قصد العتق ، وقد حصل ، فكان الفاضل عائدا إليه ، كما لو أمره بالشراء في حياته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية