الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 58 ] باب

                                                                                                                                                                        الإحرام

                                                                                                                                                                        ينبغي لمريد الإحرام ، أن ينوي ويلبي . فإن لبى ولم ينو ، فنص في رواية الربيع : أنه يلزمه ما لبى به . وقال في المختصر : وإن لم يرد حجا ولا عمرة ، فليس بشيء . واختلف الأصحاب على طريقين . المذهب : القطع بأنه لا ينعقد إحرامه . وتأويل نقل الربيع ، على ما إذا أحرم مطلقا ، ثم تلفظ بنسك معين ولم ينوه ، فيجعل لفظه تعيينا للإحرام المطلق .

                                                                                                                                                                        والطريق الثاني : على قولين . أظهرهما : لا ينعقد إحرامه ؛ لأن الأعمال بالنيات . والثاني : يلزمه ما سمى ؛ لأنه التزمه بقوله . وعلى هذا لو أطلق التلبية ، انعقد الإحرام مطلقا ، يصرفه إلى ما شاء من كلا النسكين ، أو أحدهما .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا القول ضعيف جدا ، والتأويل المذكور أضعف منه ، لأنا سنذكر قريبا - إن شاء الله تعالى - أن الإحرام المطلق ، لا يصح صرفه إلا بنية القلب . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        واعلم أن نصه في " المختصر " يحتاج إلى قيد آخر ، يعني : لم يرد حجا ولا عمرة ، ولا أصل الإحرام ، هذا كله إذا لبى ولم ينو . فلو نوى ولم يلب انعقد إحرامه على الصحيح الذي قاله الجمهور .

                                                                                                                                                                        وقال أبو علي بن خيران وابن أبي هريرة ، وأبو عبد الله الزبيري : لا ينعقد إلا بالتلبية .

                                                                                                                                                                        وحكى الشيخ [ ص: 59 ] أبو محمد وغيره قولا للشافعي - رحمة الله عليه - : أنه لا ينعقد إلا بالتلبية ، لكن يقوم مقامها سوق الهدي ، وتقليده ، والتوجه معه . وحكى الحناطي هذا القول في الوجوب دون الاشتراط ، وذكر تفريعا عليه : أنه لو ترك التلبية ، لزمه دم .

                                                                                                                                                                        قلت : صفة النية : أن ينوي الدخول في الحج أو العمرة أو فيهما والتلبس به . والواجب : أن ينوي هذا بقلبه . فإن ضم إلى نية القلب التلفظ ، كان أفضل . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        إذا قلنا بالمذهب : إن المعتبر هو النية ، فلو لبى بالعمرة ونوى الحج ، فهو حاج ، وبالعكس معتمر . ولو تلفظ بأحدهما ، ونوى القران ، فقارن . ولو تلفظ بالقران ، ونوى أحدهما ، فهو لما نوى .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية