الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4782 ) مسألة ; قال : ( وإن كانا وصيين ، فمات أحدهما ، أقيم مقام الميت أمين ) وجملة ذلك ، أنه يجوز للرجل الوصية إلى اثنين ، فمتى أوصى إليهما مطلقا ، لم يجز لواحد منهما الانفراد بالتصرف ، فإن مات أحدهما ، أو جن ، أو وجد منه ما يوجب عزله ، أقام الحاكم مقامه أمينا ; لأن الموصي لم يرض بنظر هذا الباقي منهما وحده . فإن أراد الحاكم رد النظر إلى الباقي منهما ، لم يكن له ذلك . وذكر أصحاب الشافعي وجها في جوازه ; لأن النظر لو كان له لموت الموصي عن غير وصية ، كان له رده إلى واحد ، كذلك هاهنا ، فيكون ناظرا بالوصية من الموصي ، والأمانة من جهة الحاكم . ولنا ، أن الموصي لم يرض بتصرف هذا وحده ، فوجب ضم غيره إليه ; لأن الوصية مقدمة على نظر الحاكم واجتهاده . وإن تغيرت حالهما جميعا بموت أو غيره ، فللحاكم أن ينصب مكانهما . وهل له نصب واحد ؟ فيه وجهان ; أحدهما ، له ذلك لأنه لما عدم الوصيان ، صار الأمر إلى الحاكم بمنزلة ما لم يوص ، ولو لم يوص لاكتفي بواحد ، كذا هاهنا . ويفارق ما إذا كان أحدهما حيا ; لأن الموصي بين أنه لا يرضى بها وحده ، بخلاف ما إذا ماتا معا . والثاني ، لا يجوز أن ينصب إلا اثنين ; لأن الموصي لم يرض بواحد ، فلم يقتنع به ، كما لو كان أحدهما حيا . فأما إن جعل لكل واحد منهما التصرف منفردا ، فمات أحدهما أو خرج من الوصية ، لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه أمينا ; لأن الباقي منهما له النظر بالوصية ، فلا حاجة إلى غيره . وإن ماتا معا ، أو خرجا عن الوصية ، فللحاكم أن يقيم واحدا يتصرف . وإن تغيرت حال أحد الوصيين تغييرا لا يزيله عن الوصية ، كالعجز عنها لضعف أو علة ونحو ذلك ، وكانا ممن لكل واحد منهما التصرف منفردا ، فليس للحاكم أن يضم إليهما أمينا ; لأن الباقي منهما يكفي ، إلا أن يكون الباقي منهما يعجز عن التصرف وحده ; لكثرة العمل ونحوه ، فله أن يقيم أمينا . وإن كانا ممن ليس لأحدهما التصرف على الانفراد ، فعلى الحاكم أن يقيم مقام من ضعف عنها أمينا ، يتصرف معه على كل حال ، فيصيرون ثلاثة ; الوصيان والأمين معهما ، ولكل واحد منهم التصرف وحده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية