الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في السعي

                                                                                                                                                                        إذا فرغ من ركعتي الطواف ، استحب أن يعود إلى الحجر الأسود ويستلمه ، [ ص: 89 ] ثم يخرج من باب الصفا ، ليسعى بين الصفا والمروة ، فيبدأ بالصفا ، ويرقى على الصفا بقدر قامة رجل حتى يتراءى البيت ، ويقع بصره عليه ، فإذا رقي عليه استقبل البيت ، وهلل وكبر ، وقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، والحمد لله على ما أولانا ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، لا إله إلا الله ، ولا نعبد إلا إياه ، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون . ثم يدعو بما أحب من أمر الدين والدنيا ، ثم يعيد هذا الذكر والدعاء ثانيا ، ثم يعيد الذكر ثالثا ، ولا يدعو .

                                                                                                                                                                        قلت : ولنا وجه : أنه يدعو بعد الثالثة ، وبه قطع الروياني ، وصاحب " التنبيه " ، والماوردي وغيرهم ، وهو الصحيح . وقد صح ذلك في صحيح مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        ثم ينزل من الصفا ، ويمشي إلى المروة ويرقى عليها بقدر قامة رجل ، ويأتي بالذكر والدعاء كما فعل على الصفا . ثم المستحب في قطع هذه المسافة ، أن يمشي من الصفا على عادته حتى يبقى بينه وبين الميل الأخضر المعلق بركن المسجد على يساره قدر ست أذرع ، ثم يسعى سعيا شديدا حتى يتوسط بين الميلين الأخضرين .

                                                                                                                                                                        أحدهما : في ركن المسجد . والآخر : متصل بدار العباس - رضي الله عنه - . ثم يمشي على عادته حتى يصعد المروة . وإذا عاد من المروة إلى الصفا مشى في موضع مشيه ، وسعى في موضع رعيه أولا . ويستحب أن يقول في سعيه : " رب اغفر ، وارحم ، وتجاوز عما تعلم ، إنك أنت الأعز الأكرم " .

                                                                                                                                                                        [ ص: 90 ] فرع

                                                                                                                                                                        الرقي على الصفا والمروة سنة ، والواجب هو السعي بينهما ، ويحصل ذلك بغير رقي بأن يلصق العقب بأصل ما يذهب منه ويلصق رءوس أصابع رجليه بما يذهب إليه من الصفا والمروة .

                                                                                                                                                                        وفيه وجه ضعيف : أنه يجب الرقي عليهما بقدر قامة رجل . وأما الذكر ، والدعاء والإسراع في السعي ، وعدم الإسراع ، فسنة . والموالاة في مرات السعي سنة ، وكذا الموالاة بين الطواف والسعي سنة ، فلو تخلل بينهما فصل طويل ، لم يضر ، بشرط أن لا يتخلل ركن . فلو طاف للقدوم ، ثم وقف بعرفة ، لم يصح سعيه بعد الوقوف ، بل عليه أن يسعى بعد طواف الإفاضة . وذكر في " التتمة " : أنه إذا طال الفصل بين مرات السعي ، أو بين الطواف والسعي ، ففي صحة السعي قولان وإن لم يتخلل ركن ، والمذهب ما سبق .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية