الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل في بيان تضمنها للرد على من قال بقدم العالم وذلك من وجوه :

أحدها : إثبات حمده ، فإنه يقتضي ثبوت أفعاله لاسيما وعامة مواد الحمد في القرآن أو كلها إنما هي على الأفعال ، وكذلك هو هاهنا ، فإنه حمد نفسه على ربوبيته ، [ ص: 93 ] المتضمنة لأفعاله الاختيارية ، ومن المستحيل مقارنة الفعل لفاعله ، هذا ممتنع في كل عقل سليم ، وفطرة مستقيمة ، فالفعل متأخر عن فاعله بالضرورة .

وأيضا فإنه متعلق الإرادة والتأثير والقدرة ، ولا يكون متعلقها قديما البتة .

الثاني : إثبات ربوبيته للعالمين ، وتقرير ما ذكرناه ، والعالم كل ما سواه فثبت أن كل ما سواه مربوب ، والمربوب مخلوق بالضرورة ، وكل مخلوق حادث بعد أن لم يكن ، فإذا ربوبيته تعالى لكل ما سواه تستلزم تقدمه عليه ، وحدوث المربوب ، ولا يتصور أن يكون العالم قديما وهو مربوب أبدا ، فإن القديم مستغن بأزليته عن فاعل له ، وكل مربوب فهو فقير بالذات ، فلا شيء من المربوب يغني ولا قديم .

الثالث : إثبات توحيده ، فإنه يقتضي عدم مشاركة شيء من العالم له في خصائص الربوبية ، والقدرة من خصائص الربوبية ، فالتوحيد ينفي ثبوته لغيره ضرورة ، كما ينفي ثبوت الربوبية والإلهية لغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية