الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها

                                                                                                                1424 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت إليها قال لا قال فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم للمتزوج امرأة من الأنصار : ( أنظرت إليها ؟ قال : لا قال : فاذهب فانظر إليها فإن في أعين الأنصار شيئا ) هكذا الرواية ( شيئا ) بالهمزة ، وهو واحد الأشياء . قيل : المراد صغر ، وقيل : زرقة ، وفي هذا دلالة لجواز ذكر مثل هذا للنصيحة ، وفيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها ، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء ، وحكى القاضي عن قوم كراهته ، وهذا خطأ مخالف لصريح هذا الحديث ، ومخالف لإجماع الأمة على جواز النظر للحاجة عند البيع والشراء والشهادة ونحوها ، ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها وكفيها فقط لأنه ؛ لأنهما ليسا بعورة ؛ ولأنهلأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده ، وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها . هذا مذهبنا ومذهب [ ص: 553 ] الأكثرين . وقال الأوزاعي : ينظر إلى مواضع اللحم ، وقال داود : ينظر إلى جميع بدنها ، وهذا خطأ ظاهر منابذ لأصول السنة والإجماع ، ثم مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجمهور أنه لا يشترط في جواز هذا النظر رضاها ، بل له ذلك في غفلتها ، ومن غير تقدم إعلام ، لكن قال مالك : أكره نظره في غفلتها مخافة من وقوع نظره على عورة . وعن مالك رواية ضعيفة أنه لا ينظر إليها إلا بإذنها ، وهذا ضعيفلأن ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقا ، ولم يشترط استئذانها ؛ ولأنها تستحيي غالبا من الإذن ، ولأن في ذلك تغريرا ، فربما رآها فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى ، ولهذا قال أصحابنا : يستحب أن يكون نظره إليها قبل الخطبة حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة . والله أعلم .

                                                                                                                قال أصحابنا : وإذا لم يمكنه النظر استحب له أن يبعث امرأة يثق بها تنظر إليها وتخبره ويكون ذلك قبل الخطبة لما ذكرناه .




                                                                                                                الخدمات العلمية