الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 576 ] خاتمة : إذا تعارض عمومان من كل وجه متنا ، قدم أصحهما سندا ، فإن استويا فيه ، قدم ما عضده دليل خارج ، فإن فقد ; فالمتأخر ناسخ ، فإن جهل التاريخ ؛ توقف على مرجح . ويجب الجمع بينهما إن أمكن بتقديم أخصهما أو حمله على تأويل صحيح ، فإن كان كل منهما عاما من وجه ، خاصا من وجه نحو : " من نام عن صلاة أو نسيها ; فليصلها إذا ذكرها " . مع : " لا صلاة بعد العصر " ; فالأول : خاص في الفائتة ، عام في الوقت ، والثاني : عكسه ، ونحو : " من بدل دينه فاقتلوه " ، مع : " نهيت عن قتل النساء " ، تعادلا وطلب المرجح ، ويجوز تعارض عمومين من غير مرجح خلافا لقوم .

                التالي السابق


                " خاتمة " ، أي : لبيان العام والخاص وهي في تعارض العمومين .

                قوله : " إذا تعارض عمومان من كل وجه " ، إلى آخره ، أي : إذا تعارض نصان عامان ; فإما أن يتعارضا من كل وجه بحيث لا يمكن الجمع بينهما بوجه ، أو يتعارضا من بعض الوجوه بحيث يمكن الجمع بينهما بوجه ما .

                فإن تعارضا من كل وجه في المتن " قدم أصحهما سندا " ; لأن ذلك مرجح له ; " فإن استويا فيه " ، أي : في السند ، فإن كانا صحيحين صحة متساوية ، [ ص: 577 ] " قدم ما عضده دليل خارج " ، من نص أو إجماع أو قياس ; " فإن فقد " الدليل الخارج ، فإن علم التاريخ ; " فالمتأخر ناسخ ، وإن جهل التاريخ ، توقف " ، الترجيح بينهما " على مرجح " .

                وإن لم يتعارضا من كل وجه ، وجب الجمع بينهما بما أمكن من الطرق ، مثل أن يكون أحدهما أخص من الآخر ; فيقدم أخصهما لما سبق من وجوب تقديم الأخص ، أو بأن يحمل أحدهما على تأويل صحيح يجمع به بين الحديثين ، " فإن كان كل منهما عاما من وجه ، خاصا من وجه ، تعادلا وطلب المرجح " الخارجي .

                ومن أمثلة ذلك قوله عليه السلام : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " ، مع قوله عليه السلام : " لا صلاة بعد العصر " . " فالأول خاص في الفائتة " المكتوبة ، " عام في الوقت ، والثاني عكسه " عام في الصلاة ، خاص في الوقت .

                ومنها قوله عليه السلام : " من بدل دينه فاقتلوه " ، مع قوله : " نهيت عن قتل النساء " ; فالأول عام في الرجل والمرأة ، خاص في سبب القتل ، وهو [ ص: 578 ] التبديل ، والثاني خاص في النساء ، عام في النهي عن القتل ; فيتعادلان ويطلب المرجح .

                قوله : " ويجوز تعارض عمومين من غير مرجح خلافا لقوم " . أما تعارض عمومين مع وجود المرجح ; فقد سبق بيان جوازه وحكمه ، وأما مع عدم [ ص: 579 ] المرجح ; فالأكثرون على جوازه عقلا ، إذ لا يلزم من فرض وقوعه محال لذاته ، وليس في الشرع ما يمنع منه ، ولأن فيه حكمة ، وهو امتحان المجتهد بطلب دليل الترجيح ; فيثاب بمجرد الطلب . ومنع جوازه قوم ; لأنه يؤدي إلى وقوع الشبه ، وهو منفر للناس عن الطاعة . ورد هذا بأن النسخ قد نفر منه طائفة من الكفار ، ولم يدل ذلك على بطلانه ، والله تعالى أعلم بالصواب .




                الخدمات العلمية