الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5000 ) مسألة ; قال : ( ومن أعتق سائبة ، لم يكن له الولاء ، فإن أخذ من ميراثه شيئا ، رده في مثله ) قال أحمد ، في رواية عبد الله : الرجل يعتق عبده سائبة ، هو الرجل يقول لعبده : قد أعتقتك سائبة . كأنه يجعله لله ، لا يكون ولاؤه لمولاه ، قد جعله لله وسلمه . عن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله بن مسعود : السائبة يضع ماله حيث شاء . وقال أحمد ، قال عمر : السائبة والصدقة ليومها .

                                                                                                                                            ومتى قال الرجل لعبده : أعتقتك سائبة ، أو أعتقتك ولا ولاء لي عليك . لم يكن له عليه ولاء . فإن مات ، وخلف مالا ، ولم يدع وارثا ، اشتري بماله رقاب ، فأعتقوا . في المنصوص عن أحمد . وأعتق ابن عمر عبدا سائبة ، فمات ، فاشترى ابن عمر بماله رقابا فأعتقهم . وقال عمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ومكحول ، وأبو العالية ، ومالك : يجعل ولاؤه لجماعة المسلمين

                                                                                                                                            وعن عطاء أنه قال : كنا نعلم أنه إذا قال : أنت حر سائبة . فهو يوالي من شاء . ولعل أحمد ، رحمه الله ذهب إلى شراء الرقاب استحبابا لفعل ابن عمر . والولاء للمعتق . وهذا قول النخعي ، والشعبي ، وابن سيرين ، وراشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، والشافعي ، وأهل العراق ; لقوله عليه السلام : { الولاء لمن أعتق . وجعله لحمة كلحمة النسب }

                                                                                                                                            فكما لا يزول نسب إنسان ولا ولد عن فراش بشرط ، لا يزول ولاء عن معتق ولذلك لما أراد أهل بريرة اشتراط ولائها على عائشة ، قال لها النبي صلى الله عليه وسلم { : اشتريها ، واشترطي لهم الولاء ، فإنما الولاء لمن أعتق } . يعني أن اشتراطهم تحويل الولاء عن المعتق لا يفيد شيئا ، ولا يزيل الولاء عن المعتق ، وروى مسلم بإسناده عن هزيل بن شرحبيل ، قال : جاء رجل إلى عبد الله ، فقال : إني أعتقت عبدا لي ، وجعلته سائبة ، فمات ، وترك مالا ، ولم يدع وارثا ، فقال عبد الله : إن أهل الإسلام لا يسيبون ، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون ، وأنت ولي نعمته ، فإن تأثمت وتحرجت من شيء فنحن نقبله ، ونجعله في بيت المال

                                                                                                                                            وقال سعيد : ثنا هشيم ، ثنا بشر ، عن عطاء ، أن طارق بن المرقع أعتق سوائب ، فماتوا ، فكتب إلى عمر رضي الله عنه فكتب عمر ، أن ادفع مال الرجل إلى مولاه ، فإن قبله وإلا فاشتر به رقابا فأعتقهم عنه . وقال : حدثنا هشيم عن منصور ، أن عمر وابن مسعود قالا في ميراث السائبة : هو للذي أعتقه . وهذا القول أصح في الأثر والنظر ، وفي المواضع التي جعل الصحابة ميراثه لبيت المال أو في مثله ، كان لتبرع المعتق وتورعه عن ميراثه ، كفعل

                                                                                                                                            ابن عمر في ميراث معتقه ، وفعل عمر وابن مسعود في ميراث الذي تورع سيده عن أخذ ماله ، وقد روي أن سالما مولى أبي حذيفة أعتقته لبنى بنت يعار سائبة فقتل وترك ابنة ، فأعطاها عمر نصف ماله ، وجعل النصف في بيت المال . وعلى القول المنصوص عن أحمد ، إن خلف السائبة مالا ، اشتري به رقاب فأعتقوا ، فإن رجع من ميراثهم شيء ، اشتري به أيضا رقاب فأعتقوا . وإن خلف السائبة ذا فرض لا يستغرق ماله ، أخذ فرضه ، واشتري بباقيه رقاب فأعتقوا ، ولا يرد على ذي الفرض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية